يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين قد أفاقت أخيرا، بعد حالة الرفض العامة لبيان الأحزاب مع المجلس العسكرى، وبخاصة من شباب حزبها «الحرية والعدالة»، فأصدرت بيانا آخر تتحفظ فيه على توقيعها على البيان الأول. القيادى بالحزب صبحى صالح لا يعتبر «بيان التراجع» تراجعا عن بيان العسكرى ولا استسلاما لحملة الهجوم المكثفة على الأحزاب المشاركة، ولكنه صيحة تنبيه للمجلس العسكرى وللمحافظة على سير العملية السياسية فى مصر بعد الثورة، مضيفا أن بيان المجلس العسكرى لم يكن محل موافقة أو اتفاق بين جميع القوى السياسية الحاضرة، وكان يحتاج إلى إعادة تقييم الموقف ككل ثم إبداء الرأى، مضيفا «نحن حريصون على عدم تدخل المجلس العسكرى فى الحياة السياسية، فلا نريد إفساد الحياة السياسية ولا نريده أن يفقد مصداقيته عند الشارع، ونطالبه بأن يحتفظ بأن يكون على مسافة واحدة من كل القوى السياسية». البيان سبقته رسالة من شباب الجماعة إلى الدكتور محمد مرسى رئيس الحزب، تطالبه بسحب توقيعه على البيان الذى وصفوه بالصدمة وقالوا فى بيانهم «إننا وبرغم كامل احترامنا لحزبنا فإننا نناشد القائمين على إدارته بضرورة التراجع الفورى عن التوقيع على هذا الاتفاق والعودة إلى صفوف جماهير الثورة التى وضعت ثقتها فينا وفى أفكارنا»، فخرج بعدها الحزب ببيان «متراجع»، حمل عديدا من المواقف المغايرة لتوجه الحزب خلال الشهرين الماضيين. البيان «المتراجع»، جاء فى محاولة لامتصاص الغضب الداخلى فى صفوف الجماعة وحزبها، وكذلك لاحتواء الشارع بعد الهجوم الشديد على قيام حزب الحرية والعدالة بالتوقيع على بيان المجلس العسكرى خلال لقائه القوى السياسية مطلع الأسبوع الجارى الذى حمل توقيع 13 حزبا على بياض للمجلس العسكرى، وأعلنوا تأييدهم الكامل له على بيانه الذى لم يمنحهم سوى تعديل المادة الخامسة من قانون مجلسى الشعب والشورى، بينما كان العزل السياسى والطوارئ ومدة الانتقال السلمى مجالا للوعود والدراسة. الحزب فى لهجة مغايرة لتعامله مع المجلس العسكرى منذ توليه السلطة حذر المجلس من أن يكون حاضرا فى المشهد السياسى أو أن يسعى ليلعب فيه دورا، فالمجلس أداؤه الإدارى -بحسب البيان- كان أكثر اتساقا وانتظاما، قبل أن يصبح طرفا فى معادلة الجدل السياسى المصرى، مضيفا فى لهجة أكثر تشددا أن المجلس كلما أصبح طرفا فى العملية السياسية سيخسر أكثر وربما يتورط فى شأن يؤثر سلبا على مكانة المؤسسة العسكرية. الحزب دعا لعودة تنظيم الصفوف لنقل السلطة بأفضل طريقة إلى سلطة مدنية منتخبة، ودراسة كيفية تحقيق هذه المطالب بما لا يؤثر على المصلحة العامة، والتفاوض مع جهة الإدارة حول المطالب، مع تأكيد أهمية أن يدرك الجميع أنه لم يعد هناك حاكم ومحكوم، بل أصبح الشعب هو الحاكم. الحزب قال إن الموعد المحدد للانتخابات الرئاسية، بعد الإعلان عن استفتاء الدستور بالإيجاب، يعد أجلا متأخرا، ويحتاج إلى إعادة نظر، ومن جانبه، قال الدكتور عمرو هاشم ربيع، مدير وحدة التحول الديمقراطى، إن بيان الحزب يؤكد تراجعه عن توقيعه بيان العسكرى، استجابة للضغوط الداخلية والخارجية، خشية فقد شعبيته فى الانتخابات البرلمانية القادمة، لافتا إلى أن البيان يؤكد استمرار حالة الخلاف بين الإخوان والعسكر التى بدأت منذ شهر، قائلا «(الحرية والعدالة) ما زال يعانى حالة من الارتباك والتخبط الشديد»..