طفل أتم عامه الرابع للتو، لم يقترف أي ذنب في حياته التي انتهت قبل بدايتها، فارق الحياة أمام والدته لدى سقوطه في بالوعة صرف مفتوحة أمام نادي الطالبية "يالا يا ياسين علشان هنروح النادي"، قفز قلب الطفل فرحا بكلمات والدته التي وقعت على مسامعه للتو، ارتدى ملابسه بسرعة غير معتادة، بات في أفضل هيئة كأنه عريس حفل زفافه سيكون في الجنة، لم يدر ابن السنوات الأربع أنه لن يبيت في الدنيا ثانية، القدر كتب الفصل الأخير من حياته بشكل مأساوي يدمي القلوب، إذ فارق الحياة على مرأى ومسمع أمه إثر سقوطه في بالوعة صرف صحي بدون غطاء على بعد أمتار قليلة من بوابة نادي الطالبية، الواقع بشارع الهرم غربي محافظة الجيزة، تلك الواقعة التي أثارت غضب مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. مؤشرات ضبط الوقت كانت تشير إلى الخامسة مساء، اقترب وقت المغيب، وبينما تنسدل أشعة الشمس خلف الغيوم، معلنة قدوم أمسية جديدة وانتهاء ساعات العمل الصباحية، زفت "شيماء" خبرا سارا لفلذة كبدها "ياسين" بأنها ستصطحبه في نزهة كما وعدته: "هنروح النادي وهتلعب براحتك مع أصحابك وهتتفرج على أخوك الكبير". دقائق قليلة مؤشرات ضبط الوقت كانت تشير إلى الخامسة مساء، اقترب وقت المغيب، وبينما تنسدل أشعة الشمس خلف الغيوم، معلنة قدوم أمسية جديدة وانتهاء ساعات العمل الصباحية، زفت "شيماء" خبرا سارا لفلذة كبدها "ياسين" بأنها ستصطحبه في نزهة كما وعدته: "هنروح النادي وهتلعب براحتك مع أصحابك وهتتفرج على أخوك الكبير". دقائق قليلة تبدلت معها حالة الطفل، بادر بسؤال والدته عن ملابسه فأحضرتها له، مطالبا إياها بسرعة مغادرة المنزل للفوز بنصيب الأسد من اللعب. اكتظ نادي الطالبية بشارع مدرسة أم الأبطال بالحضور، الأجواء بدت حماسية لأقصى درجة، مباراة تنافسية جمعت بين فريق النادي ومنافسه الشرقية للدخان، احتدام المنافسة بين اللاعبين ألهب حماس الجماهير لا سيما الطفل "ياسين" الذي يشجع أخاه الأكبر. مع انتهاء المباراة، عاد الهدوء النسبي إلى أروقة النادي المعروف بين قاطني منطقتي فيصل والعمرانية غربي الجيزة، انطلق الأطفال يلعبون تحت أنظار أسرهم. مر الوقت بوتيرة سريعة حتى جاء موعد الانصراف، اصطحبت الأم نجلها "ياسين" في طريق العودة إلى المنزل، إلا أن الطفل لم يفرغ طاقته الكامنة بداخله بعد، لا يزال يجري هنا وهناك، يقفز فرحا بتلك الأمسية حتى بات خارج أسوار النادي وتحديدا "بوابة الهرم". على بعد 10 أمتار من البوابة انفلتت يد الطفل من أمه، سقط في بالوعة صرف صحي بدون غطاء عمقها نحو 10 أمتار، لتطلق والدته صرخات استغاثة سُمع دويها بالمنطقة ليتجمع على أثرها أفراد الأمن الإداري والمارة للوقوف على ملابسات الأمر. "ابني راح مني.. وقع في البلاعة.. هاتولي ابني"، كلمات انخلعت لها القلوب، سقطت والدة "ياسين" مغشيا عليها من هول الفاجعة، بينما هرول أحد قاطني المنطقة إلى محطة المياه القريبة من النادي طلبا للنجدة، لكنه تلقى صدمة بعدم وجود غطاسين بعد الرابعة عصرا. بات الخيار الوحيد أمام الحضور الاتصال بشرطة النجدة التي أخطرت بدورها غرفة عمليات الحماية المدنية بالجيزة، إذ دفع اللواء هاني السعيد مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة، بفريق إنقاذ نهري يضم غطاسين تحت إشراف العقيد حازم الرفاعي. ساعة ونصف الساعة حاول خلالها الأهالي إنقاذ ما يمكن إنقاذه، تبرع البعض بالنزول متحليا بقدر كبير من الشجاعة أملا في انتشال الطفل لكن دون جدوى، الأمر يحتاج إلى معدات وأدوات. لحظات صمت سيطرت على المشهد لدى خروج أحد الغطاسين من محطة فيصل حاملا بين يديه جسد الطفل الهزيل، فاقدا الوعي فجرى نقله إلى أقرب مستشفى. "البقاء لله"، كلمات جاءت على لسان أحد الأطباء وقعت كالصاعقة على أسرة الطفل لتدخل الأم في نوبة بكاء هستيرية، بينما يحاول الأب استجماع قواه التي خارت منذ تلقيه النبأ المشؤوم. حالة من الغضب العارمة انتابت الجميع حتى دشن مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي حملة مكبرة تطالب بمحاسبة المسؤولين عن تلك المأساة، فجاء الرد سريعا. أصدر المكتب الإعلامي بمحافظة الجيزة بيانا صحفيا مساء الأحد، جاء فين أنه ورد بلاغ لغرفة عمليات محافظة الجيزة الساعة التاسعة مساء الأحد 25/8/2019 يفيد بسقوط طفل، 4 سنوات، ببالوعة صرف صحى أمام نادي الطالبية، مما أدى لوفاته بعد فشل محاولات إنقاذه. وإذ تأسف محافظة الجيزة لهذا الحادث الأليم وتتقدم بخالص العزاء لأسرة الطفل المتوفى إلى رحمة الله تعالى، فإنها تؤكد أنها لن تتهاون فى مواجهة أى مظاهر للإهمال ومحاسبة المقصرين، وقرر اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة إحالة الواقعة للنيابة العامة.