سميرة تزوجت في سن 16 عاما من عراقي الجنسية وأنجبت منه 5 أطفال وتركتهم وعادت لمصر بعد سنوات من العذاب.. «نفسي أشوف ولادي بعد 30 سنة غربة وباتمنى المسؤولين يسمعوا صوتي» فتاة ريفية طيبة كأهل القرى تجلس في قريتها وسط الحقول، سماء ملبدة بالغيوم في يوم شتاؤه قارص البرودة، كانت على موعد مع أيام قصمت ظهرها من فرط قسوتها، تتوالى عليها المفاجآت من كل حدب وصوب، لم تتخيل نفسها أنها ستعيش 7 سنوات عجافا ما بين كومة بارود حرب، بينها وبين أهلها أنهار وسفر ومسافات وحروب وقتلى، لم تتوقع يوما أنها ستصبح أمًّا في تلك السن، فرقت بينهم الحرب وقسوة رجل ذاقت على يديه ما لا يستوعبه عقل ولا خطر على قلب بشر، لتعود إلى قريتها تجر أذيال الخيبة لا تملك سوى جواز سفر باهت لونه وصور قديمة لخمسة أطفال، وبضع دينارات، ووجه مشحوب ودموع لا تجف. الغريب حكاية غريبة ربما لم تسمع عنها سوى في الأساطير ترويها صاحبتها ل«التحرير» في أحد أيام شتاء عام 1981 كانت تجلس سميرة على محمد عبد الرازق التي لم يتجاوز عمرها ال 16 عاما في منزل والدها بشربين بالمنصورة حيث طرق الباب نجل خالتها قادما من العراق بصحبته رجل غريب كان يعمل معه، بعد استقبال الغريب حكاية غريبة ربما لم تسمع عنها سوى في الأساطير ترويها صاحبتها ل«التحرير» في أحد أيام شتاء عام 1981 كانت تجلس سميرة على محمد عبد الرازق التي لم يتجاوز عمرها ال 16 عاما في منزل والدها بشربين بالمنصورة حيث طرق الباب نجل خالتها قادما من العراق بصحبته رجل غريب كان يعمل معه، بعد استقبال الضيف الذي رآها لأول مرة ووقعت عيناه عليها بعد التعارف، وما إن جلس بجوار والدها حتى بدأ يقص حكايته. تقول سميرة في بداية حكايتها "قال لوالدي إن اسمه كاظم حسن مطر من العراق وبيشتغل «مقاول» وعايش في بغداد ومراته مريضة وعايز يتجوزني والدي وافق على الجواز وأنا ماكنتش أقدر أقول لأ، كنت لسه صغيرة وكتبنا الكتاب في السفارة العراقيةبالقاهرة، وقعد عندنا 40 يوما في بيت والدي وبعدها سافر لبلده وقالنا هارجع آخدها بعد شهرين». حدوتة مرة عاد الزوج إلى مصر في الموعد الذي حدده وسافرت معه لأول مرة عن طريق الأردن، وما إن وطئت قدمها بغداد حتى بدأت تتوالى المفاجآت، أولاها كانت مشكلة قد حدثت مع زوجها ومهندس حكومي نجح الأخير في منعه من السفر قبل أن ينتهي من العمل الذي لم ينجزه وتركه وسافر للقاهرة بحثا عن زوجة. قرار المنع طالها علاوة على اندلاع الحرب بين العراقوإيران والتي بدأت عام 80 وانتهت عام 88 بعد أن استمرت نحو ثمانية أعوام خلال تلك الفترة أنجبت منه 5 أطفال خلال السنوات السبع التي لم تغادر فيها العراق. 7 سنين عجافا تلتقط سميرة أنفاسها وترجع بالذاكرة سنوات إلى الخلف "قعدت 7 سنين في العراق مانزلتش مصر كنت بابعت جوابات بس لأهلي بسبب ظروف الحرب وقالي أنا هجيبلك واسطة ورجعت مصر بعد 7 سنين غربة وحرب وبهدلة قعدت مع والدي 3 شهور وبعدين سافرت لوحدي تاني وهناك دبت المشاكل بيني وبين مراته.. قالتله هي راحت مصر عملت لنا (أعمال وسحر) ورجعت". أيام من الذل عاشتها سميرة المصرية مع الزوجة الأولى، لم تعد تتحمل كل هذا العذاب، كان إخوة الرجل يقفون في صفها، عندما ضاقت عليها الأرض بما رحبت طلبت منه أن يوفر لها مسكنا بعيدا عن زوجته تعيش فيه مع أولاها ورفض. الفراق بنبرة حزينة قالت بعدما غلبتها الدموع «خلصت حرب إيران وسنة 89 قالي أنا ماعنديش حل تاني ولازم تسافري مصر وخلاني أسيب ولادي، ورايا سعاد كانت أكبر واحدة عندها 7 سنين وزينب وفاطمة وحسن ومحمد خلفتهم كلهم ورا بعض علشان أنا قعدت هناك 9 سنين منها أول 7 سنين مانزلتش فيها مصر».
في 1989 عادت سميرة إلى القاهرة بينما قلبها وروحها معلقان في بغداد، حيث يوجد أطفالها، شهور مرت واندلعت حرب الكويت وحالت بينها وبين أطفالها ولم تستطع السفر في ظل تلك الظروف، لم يحاول زوجها التواصل معها وانقطعت أخباره هو وأطفالها ولم تعرف لهم طريقا. حنين استطردت بصوت منكسر "بعدما اختفى وماعرفتش حاجة عنه، ولأني من الفلاحين وعلى قد حالي ماحدش ساعدني أوصل لولادي ورضيت بنصيبي قعدت حوالي 10 سنين لا حس ولا خبر ولا جواب فقدت الأمل برجوعهم واتطلقت منه عن طريق المحكمة واتجوزت راجل كبير في السن قعدت معاه 20 سنة وتوفي من شهرين كان راجل طيب بس ماخلفتش". وأضافت "رجعت أدور عليهم بعد 30 سنة لأني نفسي أشوفهم قبل ما أموت أنا كبرت في السن وعندي 56 سنة وعايشة لوحدي عايزة أرتاح وأعرف مين من ولادي مات ومين حي ربنا وحده اللي عالم بحالي". واختتمت الست سميرة حكايتها "نفسي صوتي يوصل وحد يساعدني أوصل لولادي وأشوفهم يا ريت حد في وزارة الخارجية يساعدني ومايتأخرش، وباستغيث بالرئيس عبد الفتاح السيسي إنه يلبي طلب أم نفسها تشوف ولادها وتكمل الباقي من حياتها معاهم".