بعد الحوادث الإرهابية الأخيرة التي وقعت في سريلانكا ونيوزيلندا قررت 3 دول هي النرويجوأسترالياوبريطانيا منح أجهزة المخابرات صلاحيات أكبر لمكافحة الإرهاب على خلفية الاعتداءات التى استهدفت دور عبادة وفنادق فى سريلانكا ونيوزيلندا، ومع تطور أساليب تنفيذ العمليات الإرهابية ومتطلبات التصدي لذلك بوسائل أكثر مرونة وحسما واستباقا وذكاء في آن واحد، بدأت دول كبرى في العالم اتخاذ إجراءات استثنائية منها منح حصانات أكبر للعاملين في أجهزة أمنها واستخباراتها بما يمكنهم بصورة فعالة من كشف شبكات الإرهاب وملاحقة عناصرها، وما يستلزمه ذلك من أنشطة اختراق وأدوار غير تقليدية قد تضطر عناصر أجهزة الاستخبارات للعبها في سبيل الوصول الى أهدافهم. ففي النرويج، تدرس الاستخبارات النرويجية مشروع قانون لتحصين أعضائها من الملاحقة القانونية فيما يتعلق بمهام عملهم في مكافحة الإرهاب داخل وخارج الأراضى النرويجية، وذلك للعمليات الصادر بشأنها إذن رسمي. وبحسب دورية "انتل نيوز" المتخصصة في شئون الأمن والاستخبارات ومكافحة الإرهاب، تعد الاستخبارات النرويجية ففي النرويج، تدرس الاستخبارات النرويجية مشروع قانون لتحصين أعضائها من الملاحقة القانونية فيما يتعلق بمهام عملهم في مكافحة الإرهاب داخل وخارج الأراضى النرويجية، وذلك للعمليات الصادر بشأنها إذن رسمي. وبحسب دورية "انتل نيوز" المتخصصة في شئون الأمن والاستخبارات ومكافحة الإرهاب، تعد الاستخبارات النرويجية فرعا تابعا للجيش النرويجي، موضحة أنه في حالة استكمال دراسة القانون سيتم عرضه على البرلمان النرويجي لإقراره بصورة نهائية، وفي حالة إقراره سيكون هذا هو القانون الأول من نوعه في النرويج. ويقول الخبراء إن القانون الجديد لن يكون انتهاكا للقانون في حد ذاته على العكس من القوانين الجنائية التي لا تقبل الخرق، وعلى سبيل المثال تتطلب أعمال مكافحة الإرهاب إجراءات مثل التتبع والمراقبة وانتهاك خصوصية الاتصالات وجميعها أفعال مجرمة قانونا، لكنها في الوقت ذاته لازمة للكشف المبكر عن الإرهابيين واستباقهم عملياتيا، كذلك تتطلب أنشطة مكافحة الإرهاب واختراق الجماعات المتطرفة وشبكات التجسس استخدام عناصر الاستخبارات النرويجية وثائق هوية غير حقيقية أو اصطناع مستندات مزورة أو نشر معلومات غير صادقة للتضليل. ويضيف الخبراء أنه من الوارد لجوء رجال الاستخبارات إلى الانضمام "ظاهريا" إلى تنظيمات معينة بغية تجنيد عناصرها في الداخل أو اختراق سرية تلك المنظمات، وقد تتطلب مهماتهم أحيانا تهريب مبالغ مالية الى خارج البلاد لدفع مخصصات المصادر السرية للعملاء والمتعاونين أو إغراء آخرين بالأموال لتجنيدهم للعمل لحساب الاستخبارات النرويجية، وبطبيعة الحال فإن تلك الأموال تعد من أموال الدولة ودافعي الضرائب، كذلك قد تلجأ الاستخبارات النرويجية في عملياتها إلى تأسيس شركات أو مشروعات للتغطية على عملياتها السرية، وفي هذه الحالة يتطلب الأمر إعفاء تلك المشروعات والشركات من التزاماتها الضريبية. وتنص قوانين النرويج الراهنة على مصادقة وحماية جهاز المدعي العام، فيما يتعلق بأنشطة التجسس وجمع المعلومات، لكن القانون الجديد الذي تتم دراسته ستكون له ميزات أكبر في تأمين ضباط الاستخبارات في النرويج من الملاحقة وإلقاء القبض عليهم، فيما يتعلق بما يقومون به من عمليات لمكافحة الإرهاب والتجسس. وفي أستراليا، التي قدم منها منفذ هجوم المسجد في نيوزيلندا، شهر مارس الماضي، استحدثت الحكومة الأسترالية قانونا جديدا أقره برلمانها يتيح لعناصر الاستخبارات حمل السلاح واستخدامه بلا تحفظ، إذا اقتضت ضرورات الأمن ومواجهة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة ذلك، ويسري هذا القانون على أنشطة عناصر الاستخبارات وعملياتهم السرية، وسيحقق ذلك الإجراء نقلة نوعية في إجراءات مكافحة التطرف والإرهاب في أستراليا، التي يعد جهازها مسؤولا عن العمليات الأمنية ذات الطابع السري. وتأسس جهاز الاستخبارات الأسترالي، عام 1952، على غرار جهاز الاستخبارات الخارجي البريطاني "إم أي 6"، وكانت الاستخبارات الأسترالية تعمل بصورة سرية تامة بعيدة عن اعتراف الحكومة الاسترالية بأن للبلاد جهاز استخبارات، واستمر هذا الوضع طيلة 25 عاما عندما اعترفت الحكومة في عام 1977 بامتلاكها جهازا للاستخبارات. وفي عام 2004، مُنح أعضاء جهاز الاستخبارات الأسترالي حق استخدام الأسلحة النارية في عملياتهم السرية خارج أستراليا في أضيق الحدود، إذا كان ذلك هو الخيار الوحيد أمامهم للدفاع عن أنفسهم أو للدفاع عن عملائهم السريين، وفق ما تقتضيه القوانين الأسترالية الجنائية. لكن الإجراءات الجديدة وفقا للقانون المقترح في أستراليا ستوسع نطاق صلاحية استخدام الأسلحة النارية لضباط الاستخبارات الأستراليين، وفي مطلع العام الجاري، اعترفت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريس باين، أمام البرلمان بأن بيئة العمل أمام الاستخبارات الخارجية الأسترالية صارت أكثر تعقيدا عن ذي قبل، وأن قواعد استخدام عناصرها لأسلحتهم، بموجب القوانين الصادرة في عام 2004، باتت لا تصلح ولا تساعدهم على إتمام مهامهم، إذ يعمل أفراد الاستخبارات الأسترالية في مناطق صراعات مسلحة وحروب أو في مناطق خطرة، ففي عام 2010 استطاع فريق من الاستخبارات الأسترالية كشف واختراق خلية خطرة لتنظيم داعش. وفي مطلع العام الجاري، تقدم رئيس الوزراء الأسترالي كيفين رود، بحزمة تشريعات جديدة تتسم بالحيوية، لإعادة تنظيم مهام وعمليات أجهزة الأمن والاستخبارات والدفاع الوطني في أستراليا وزيادة الاعتمادات المالية اللازمة، لتمكينها من القيام بمهامها في مكافحة الإرهاب والتطرف بلا عوائق، بما في ذلك عدم تجريم عناصر الاستخبارات الأسترالية من الانخراط الظاهري في أنشطة شبه عسكرية في خارج البلاد، بهدف اختراق شبكات الإرهاب الدولي من الداخل. وفي بريطانيا، تقدم اليكس يونجر مدير الاستخبارات الخارجية "إم أي 6" بأفكار جديدة لجهات التشريع البريطانية حول تطوير انشطة العمل المخابراتي البريطاني حول العالم وزيادة فاعليته، وجاء ذلك في وثيقة أطلق عليها مدير الاستخبارات البريطاني "الجيل الرابع من أنشطة التجسس"، في إشارة إلى عمليات التجسس وجمع المعلومات التي يقوم بها "إم أي 6" في خارج بريطانيا ضد المنظمات الإرهابية وجماعات الإجرام المنظم والتطرف حول العالم. واعترف يونجر –الذي يتولى رئاسة الاستخبارات البريطانية الخارجية منذ أكتوبر من عام 2014– بأن حروب أجهزة المخابرات مع المنظمات الإرهابية حول العالم باتت أكثر حدة وشراسة، وأن تجربته في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأفغانستان التي كان مديرا لأنشطة الاستخبارات البريطانية فيها منذ الغزو الأمريكى لها في عام 2001 تقف شاهدا على ضرورة تطوير "جيل رابع" من انشطة الاستخبارات أكثر ديناميكية واستباقية، مؤكدا أن منظمات الإرهاب الدولي باتت ذات قدرة تكنولوجية عالية ومعقدة بما زاد من صعوبة وتعقد عمليات المواجهة معها وإجهاض تحركاتها. وأوضح أن عمليات استخبارات "الجيل الرابع" هي تلك العمليات التي تواجه فيها الاستخبارات البريطانية "تهديدات مهجنة"، تتمثل فيها تلك التهديدات التقليدية من استخبارات الدول المعادية لبريطانيا، والمتحالفة في نفس الوقت مع منظمات إرهابية تتعاون مع تلك الحكومات أو بمعنى آخر المنظمات الإرهابية المدعومة من استخبارات حكومات دول تناصب بريطانيا العداء. وشدد مدير الاستخبارات على دور العنصر البشري في منظومة استخبارات "الجيل الرابع"، قائلا إن أهم ما تتسم به الاستخبارات البريطانية الخارجية في عملها، تعظيم دور العنصر البشري لجمع المعلومات وتحليلها في مسارح العمليات حول العالم جنبا إلى جنب مع تعزيز عامل التفوق التكنولوجي. وأكد على أن صور الاستطلاع التجسسي الجوية لا تكفى للاستخبارات البريطانية، ما لم تعززها معلومات من واقع الأرض يجمعها العنصر البشري وتكون ذات افادة في تحليل مضامينها، وأن التكنولوجيا المتطورة لم تعد حكرا على أجهزة الاستخبارات فقط، بل صارت بأيدي أعدائها من التنظيمات الإرهابية الدولية.