الجيار يرى أن النقد المعاصر تطور كثيرا بداية من جيل الرواد وعلى رأسهم طه حسين، تليه سهير القلماوي، ثم الجيل الحالي من الأكاديميين، لكن الوضع اختلف خلال الفترة الأخيرة شريف سعد الجيار.. الناقد الأكاديمي ودكتور النقد والأدب المقارن بكلية الآداب جامعة بني سويف، لهُ العديد من الدراسات النقدية في الروايات المصرية والعربية وأهمها، "التداخل الثقافي في سرديات إحسان عبد القدوس، أثر ألف ليلة وليلة في السرد المصري المعاصر، السرد الإثنوجرافي في أدب جمال الغيطاني الروائي"، كما له مؤلفات عديدة في مجال النقد والأدب المقارن.. كان لنا هذا الحوار معه للحديث عن النقد المعاصر وتقييم الأعمال الروائية الحالية وكيف أثرت الثورات المصرية على حركة الإبداع الأدبي. ما رأيك في النقد المصري المعاصر بصورته الحالية؟ مر بمراحل كثيرة من التطور، بداية من جيل طه حسين، تليه سهير القلماوي وإلى الجيل الحالي من الأكاديميين وغيرهم، لكن في آخر 20 عاما، دخلت مصر مرحلة النقد الانطباعي الذي أساء للواقع النقدي الثقيل الذي أسسه الجيل الأول، كما أنه في فترة سابقة تعرض النقد لحالة ما رأيك في النقد المصري المعاصر بصورته الحالية؟ مر بمراحل كثيرة من التطور، بداية من جيل طه حسين، تليه سهير القلماوي وإلى الجيل الحالي من الأكاديميين وغيرهم، لكن في آخر 20 عاما، دخلت مصر مرحلة النقد الانطباعي الذي أساء للواقع النقدي الثقيل الذي أسسه الجيل الأول، كما أنه في فترة سابقة تعرض النقد لحالة من الفتور والركود نتيجة لدخول بعض الشخصيات التي لا تمتلك مقومات الناقد ولا حرفيته في الطريق النقدي، وبعض الشخصيات كَمُنت لأسباب ما، لكنها عادت وبقوة وهذا يدل على أن النقد المصري بخير مهما مر عليه من تقلبات. تعرض النقد لحالة من الفتور والركود.. ما سبب ذلك؟ القلة الملحوظة في عدد النقاد الجادين، كما أن المنجز الإبداعي المصري اليومي يفوق عدد النقاد، إضافة إلى أن البعض مُقصر في الوجود داخل الندوات والمؤتمرات، واكتفاؤهم بالحضور داخل أسوار الجامعة دون تقديم العلم للمجتمع بشكل عام، ولذا أطالب شباب النقاد أن يجدوا لأنفسهم مكانا داخل أروقة الندوات والمؤسسات الثقافية لسد هذا العجز. هل لمدرسة النقد المصري مكان على الساحة الإبداعية العربية؟ بالتأكيد.. رغم اتهام بعض النقاد العرب أن النقد المصري أصيب بالضعف والتراجع والخمول نتيجة لما مر به، لكن هذه اتهامات باطلة، حيث إن الناقد المصري موجود في أي مسابقة أو مَحفل ثقافي عربي وعالمي، وأود أن أذكر الدور الكبير الذي لعبته مجلة فصول النقدية بقاماتها الكبيرة مثل جابر عصفور، وصلاح فضل، ومدحت الجيار. هل يسير بعض شباب الكتاب في طريق إبداعي خاطئ؟ هناك عدد من الشباب يسير في طريق التقليد والظواهر الدخيلة، وذلك بقراءة الأعمال الأدبية الأجنبية ومحاولة تقليدها دون لمسة إبداعية تُذكر، إضافة للكتابات التي تُطَعم بالجنس والجسد وأدب المكاشفة جدًا دون وجود صدق فني واقعي داخل المحتوى، بهدف تحقيق انتشار وشهرة للعمل، لكنها ظاهرة لن تستمر طويلًا. على صعيد آخر، ظهور الرواية التي تأثرت بالفيسبوك والتي أخذت شهرة كبيرة، وهي على الصعيد التقني والفني أقل من ذلك، فيتوهم صاحبها بأنه يمتلك مهارات كتابية وهو في الحقيقة يسير في الاتجاه الخاطئ، ويجب التنويه بوجود بعض الأعمال الشابة التي لا تقل أهمية عن الأعمال الأدبية العالمية، وهناك شباب أثبتوا وجودهم على الساحة الروائية مثل طارق إمام، صبحي موسى، محمد الفخراني، أحمد مراد، وهو صاحب قلم مختلف جديد يستوعب التراث، ويلعب بشكل محترف على الفانتازيا والتاريخ وتحويل أعماله سينمائيًا زاد من قراءتها، وربما يكون له شأن أكبر في الفترة المقبلة. كيف تأثر الوضع الأدبي بالحالة الثورية من يناير وما بعدها؟ في 2011، عاد الروح والفكر للجسد، فقبلها شعر المثقف المصري بالإحباط وال"لا أمل"، وبعدها أدرك أن عليه واجبا وطنيا يجب أن يؤديه وإلا سينساه التاريخ، فسارع الكثيرون إلى الكتابة عن الثورة لكنها كتابات سريعة، حماسية، تحفيزية، وكان من الأفضل التريث حتى تختمر النتائج ويتناولوا ثورتي 25 و30 بشكل أدبي جيد لما أحدثوه من تغيير. وفي هذا الصدد، أشير إلى دور المثقف في بناء الدولة والحفاظ عليها، وظهور موقفه حينما أرادت الجماعات الظلامية السطو على الثقافة المصرية وإغراقها في أفكار متطرفة رجعية. النقد والمحتوى الأدبي.. من يُسهم في تطوير الآخر؟ الإبداع هو أساس النقد لا العكس، هو من يحرك الناقد لكي يبدع رؤى نقدية ويبتكر نظريات جديدة ونجد مثلًا رواية "البحث عن الزمن المفقود" لمارسيل بروست، أُخرج منها منهجا نقديا كاملا يسير عليه كثير من الكُتاب، فالرواية الجادة تُحرك الناقد وتحفزه. هل لمصر وجود على الخريطة الثقافية العالمية؟ الخطاب الثقافي المصري هو جزء أساسي من التراث الثقافي العالمي، فبعد حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل أصبحت الرواية المصرية ضلعا أصيلا في الأدب العالمي، وباتت تُدرس أعماله في الخارج هو وبهاء طاهر وجمال الغيطاني وفؤاد قنديل وغيرهم. لماذا ضعف هذا الوجود الآن؟ في فترات متعاقبة ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة سعى المثقف المصري للبحث عن لقمة العيش، والبحث عن مصادر رزق إضافية، فأثر عدم التفرغ بشكل سلبي على المنجز الإبداعي. لماذا تحتل الرواية الآن النصيب الأكبر من المحتوى الأدبي الظاهر؟ الرواية كان عليها العبء الأكبر في تحمل النقلات السياسية والاجتماعية والنفسية التي مرت بها مصر، وعانى منها الشعب في ال30 سنة الأخيرة، فهي تعطي فرصة أكبر لكي تُحلل الشخصية وتصف بدقة، وتغوص في الظروف المعيشية، كما أن الرواية الواقعية وجدت رواجًا عند جميع الفئات لتعبيرها عن الأزمات التي يعيشها المواطن. هل بذلك اختفت القصة القصيرة؟ القصة القصيرة موجودة، والأنواع الأدبية لا تلغي بعضها، لكن تصدر الرواية للمشهد النقدي والإعلامي جعلها خلف الستار، إضافة إلى أن صغر حجم القصة جعل كُتابها ينشرونها على الفيسبوك. يعقوب الشاروني بعد 88 عاما من الإبداع.. ماذا تقول عنه؟ هو علامة بارزة في الخطاب السردي، وأيقونة إبداعية كبيرة استثنائية في أدب الأطفال، استطاع بحرفية فنية أن يثقف الأم المصرية قبل إمتاع الطفل، إضافة لتركيزه على خلفية مصر الفرعونية ليُطلع الطفل على حضارة أجداده وطوال هذا العمر كان يستوعب النقلات المعرفية والتكنولوجية في كتاباته ويطورها.