يبدو أن العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، وصلت إلى طريق مسدود في ظل الأوضاع المتدهورة التي تعيشها أنقرة، بداية من الخلافات حول ملفات تتعلق بحقوق الإنسان وحكم القانون، لا سيما بعد حملة الاعتقالات التي طالت آلاف المدنيين والعسكريين. أمس، وافق النواب الأوروبيون، بغالبية كبيرة جدًا على إلغاء مساعدة قيمتها 70 مليون يورو لتركيا، عقابًا لها على انتهاك حقوق الإنسان وحرية الصحافة في هذا البلد، بعد ثلاثة أيام على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى برلين. وقد وافق على الاقتراح الذي يطال مبالغ مخصصة لما قبل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، 544 صوتًا في مقابل 28 وامتناع 74 عن التصويت خلال أثناء انعقاد البرلمان في جلسة عامة في ستراسبورج. النائب الأوروبي من رومانيا سيغفريد موريسان، عضو الحزب الشعبي الأوروبي، العائلة السياسية للمستشارة أنجيلا ميركل، قال: إن تركيا تبتعد عن الاتحاد الأوروبي، والمعايير الديموقراطية تتراجع والحقوق الأساسية تتعرض للانتهاك، ما يعني أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه منح أموال، بحسب "الإماراتية". اقرأ أيضًا: فوز أردوغان يقضي على آمال تركيا بالانضمام للاتحاد الأوروبي وكانت المساعدة وضعت قيد الاحتياط في نوفمبر 2017، واشتُرط لمنح هذه الأموال أن تحقق تركيا تقدمًا كافيًا، ويمكن قياسه في مجالات دولة القانون والديموقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة. وأكدت المفوضية الأوروبية عدم ملاحظة أي تحسن وهذا ما دفع النواب الأوروبيين إلى أن يتخذوا قرارهم. اللافت هنا، أنه خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى برلين، لم يبد اهتمامًا بالعدد الكبير من الصحفيين المسجونين، حتى أنه طالب بتسليم الصحفي جان دوندار، المنفي في ألمانيا. ويبدو أن سلوك أردوغان، دفع الاتحاد الأوروبي إلى تقليص المساعدة الممنوحة لتشجيع انضمام تركيا إلى الاتحاد، بنسبة 40% للفترة 2018-2020، وفقًا ل"السوسنة الأردنية". ومن المفترض أن تتلقى أنقرة 1.18 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي للتأقلم مع المعايير الأوروبية، في حين حصلت أيضًا منذ عام 2016 على نحو 3 مليارات يورو لمساعدة 3.5 ملايين سوري لاجئ في تركيا. اقرأ أيضًا: غاز المتوسط.. تركيا تؤجج الخلافات مع أوروبا لاستدراج قبرص وشهدت العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تدهورًا كبيرًا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016 وعمليات التطهير الكثيفة التي شملت معارضين وصحافيين. ولاحظ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في لوكسمبورج أواخر يونيو أن مفاوضات الانضمام التي بدأت مع أنقرة منذ 2005 متوقفة تمامًا. الكاتبة الألمانية، كريستيانا شلوست، أكدت أنه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي وضع صلب مخططاته مواصلة تقديم مساعدات ما قبل الانضمام لأنقرة إلى حدود سنة 2022، إلا أن المفوضية الأوروبية أقدمت على تقليص حجم هذه المساعدات المالية. وأشارت شلوست إلى أنه على الرغم من أن تقليص المساعدات المالية يساعد على توفير المال، إلا أنه سيثير الشعور بخيبة الأمل لدى الأشخاص الذين يتبنون مبادئ حقوق الإنسان وحرية الصحافة، وأولئك الذين أحدثوا مشاريع حماية البيئة، منوهة إلى أن الاتحاد الأوروبي لطالما استثمر في المجتمع المدني التركي، بحسب "موقع برلمان". اقرأ أيضًا: سيناريو صادم ينتظر تركيا بعد دعم الاتحاد الأوروبي لقبرص فالمجتمع المدني التركي لن يحتج كثيرًا على خفض التمويلات التركية، نظرًا لأن العديد من ممثليه يقبعون في السجن على غرار المستثمر التركي عثمان كافالا، الذي بقي منذ 5 سنوات رهن الاعتقال بتهم واهية ودون محاكمة، وفقا للكاتبة. وذكرت أن الاتحاد الأوروبي أراد في وقت سابق معاقبة تركيا عن طريق تأجيل المفاوضات حول الفصل المتعلق بالسياسة الإقليمية، وذلك بهدف تجميد مفاوضات تركيا مع الاتحاد الأوروبي. الكاتبة الألمانية أوضحت أن الاتحاد الأوروبي يعاقب الأطراف الذين يرفضون إعادة هيكلة نظام أردوغان بشكل يجعله نظامًا ديمقراطيًا ويحترم سيادة القانون. وعلى الرغم من أن الرئيس التركي قطع وعدًا بفتح صفحة جديدة في العلاقات مع دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن أنقرة لن تحترم كل المواثيق الأوروبية. يمكن القول إن العلاقات الأوروبية التركية يجب أن تكون مبنية على مبدأ البراجماتية، وأنه يجب توسيع الاتحاد الجمركي، ما سيعود بالفائدة على المستوى الاقتصادي على تركيا والاتحاد الأوروبي على حد سواء.