لم يتوان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض عقوبات قاسية على روسيا، بعد أن أظهرت تحقيقات CIA ضلوعها في الانتخابات الرئاسية 2016، والتي انتهت بفوزه على المرشحة الديمقراطية آنذاك هيلاري كلينتون. وعلى الرغم من التأثير الواضح للعقوبات الأمريكية على الروس، إلا أن ترامب أغفل مدى تأثيرها على الولاياتالمتحدة نفسها، سواء الشعب أو الشركات التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع نظيراتها الروسية في المجالات الاقتصادية المختلفة. تحركات في الكونجرس لتوجيه «عقوبات استباقية» ضد روسيا وأبرزت مجلة فورتشن الأمريكية مدى التأثير الذي يمكن أن يصاحب العقوبات الأمريكية على الشعب والشركات في الولاياتالمتحدة، خاصة في المجالات الاقتصادية الحيوية مثل النفط والتبادل التجاري المشترك والتعاملات المالية. وسلطت المجلة الضوء على بعض القوانين التي يدرسها الكونجرس في الوقت الحالي، مثل قانون الدفاع الأمني الأمريكي ضد نهج الكرملين العدائي (DASKAA)، برعاية السيناتور ليندسي جراهام، حيث قالت إن هذا القانون سيثبت أنه ضار بشكل خاص للأعمال التجارية المحلية، حال فرض مجموعة مفرطة من العقوبات. وقالت مصادر مطلعة للصحيفة الأمريكية، أنه تم مؤخرًا تقديم العديد من مشاريع القوانين المتعلقة بالعقوبات الجديدة ضد روسيا، بما في ذلك الدفاع عن الأمن الأمريكي من قانون العدوان في الكرملين "DAASKA"، وهو القانون الذي برر التواجد العسكري لروسيا في شبه جزيرة القرم في 2015. وبخلاف التهديد السياسي، يفكر الكونجرس أيضًا في تفادي الوقوع في أخطاء الماضي، ومن ثم تحصين أي انتخابات أو استحقاق ديمقراطي في المستقبل ضد التدخل الروسي، حيث يناقش أعضائه في الوقت الحالي مشروع الدفاع عن الانتخابات من التهديدات من خلال إنشاء قانون الخط الأحمر "DETER". ترامب يدرس ضرب قوات روسيا وإيران في سوريا وقالت فورتشن: "القانون الذي يهدف إلى ردع التدخل الروسي في المستقبل، من شأنه أن يتسبب في تعطيل سلاسل توريد النفط والغاز الدولية، وقد يعني هذا زيادة أسعار النفط، والنقص المحتمل في أسواق البترول العالمية، وهو ما سيكون له أثر مباشر على المستهلكين الأمريكيين". وعلى مستوى التعامل بين الشركات الأمريكية والروسية، ستجبر العقوبات الجديدة المؤسسات التابعة لقوانين الولاياتالمتحدة على الخروج من المشاريع المشتركة داخل روسيا، مما يؤدي إلى آثار سلبية على تلك المؤسسات الاقتصادية. وبالإضافة إلى ذلك، أكدت المجلة الأمريكية أنه من خلال فرض عقوبات على الكيانات الروسية في مجالي الطاقة والهيئات المالية، سيكون هناك أيضًا آثار سلبية على الأسواق المالية العالمية، حيث سيصبح تحويل الدولار الأمريكي إلى العملات الأخرى أكثر صعوبة، مما يؤدي إلى تشعبات خطيرة في جميع أنحاء المجتمع المالي الدولي. وأشارت إلى جانب آخر من التأثر الأمريكي بعقوبات ترامب على روسيا، حيث أكدت أنها تستهدف أيضًا الديون السيادية والمعروفة باسم السندات الحكومية، والتي بالفعل تصدرها الحكومة الروسية في جميع أنحاء العالم، مشيرة إلى أن هذه العقوبات يمكن أن تؤدي إلى عمليات بيع في الأسواق غير مرتبطة بقوة بالولاياتالمتحدة، مما يسبب التقلبات وانخفاض الطلب على الديون الروسية في البورصات الأجنبية. وهناك أيضًا علاقات دولية على المحك، حيث إن الإجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة يمكن أن تدفع الدول التي تتغاضى بالفعل عن عقوبات الولاياتالمتحدة إلى علاقة أوثق، وقالت فورتشن إنه من الطبيعي أن تسعى الصين وإيران لتطوير علاقات أقوى مع روسيا، مما يزيد من تعريض أمن الانتخابات الأمريكية للخطر من خلال جبهة موحدة من قبل الدول المعادية في المستقبل. كتاب «المعتوه» عن «ترامب» من أكثر الكتب مبيعًا في أمريكا ولفتت إلى أن هناك تحذيرات من الخبراء الأمريكيين بشأن الطابع التنافسي للشركات الروسية في أعقاب هذه العقوبات، مؤكدة أنه من المهم أيضًا ملاحظة أن الشركات الروسية ستستمر في العمل، وستجد أسواقًا أخرى لبيع سلعها. وقالت: "استهداف الكيانات الروسية من خلال تجميد الأصول ووضع حظر السفر يجب أن يتم بحذر، حيث إن على الحكومة الأمريكية ألا تحظر العمل بين الشركات الأمريكية وقادة الأعمال الروس الشرعيين، وذلك عن طريق دعوة روسيا إلى المشاركة في صفقات تجارية". وبشكل عام، يظل فرض عقوبات على قطاعات الطاقة والمالية في روسيا من شأنه أن يؤدي إلى خسارة الشركات الأمريكية لصفقات مشتركة وعدم قدرتها الحصول على ديونها المستحقة من الكيانات الروسية، ويمكن أن تترك الشركات الأمريكية بدون القدرة على دفع رواتب موظفيها في روسيا.