تحولت مخاوف العراق من تداعيات فرض العقوبات الأمريكية على إيران إلى واقع بعد أن أصبح العراقيون يدفعون ثمن تلك العقوبات، نظرا لاعتمادهم بشكل كبير على الجار الإيراني القريب الذي يمتلك العراق حدوداً برية طولها "1458 كلم"، ويقوم نظامه على نفوذ إيراني متجذر، ويعتمد الاقتصاد على الصادرات الإيرانية على نحو كبير، ومن ثم لم يقتصر التصدع المالي على مستوى الداخل في إيران. فرغم أن العراق حليف للولايات المتحدة، أعلنت بغداد تحفظها على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في مايو الماضي، بل إن وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وصف القرار الأمريكي "بالأحمق"، فالعراق يعرف أكثر من غيره ما تعنيه تلك العقوبات الاقتصادية، ويعرف جيدا تداعيات هذا الصراع عليه. وقف التصدير ونتيجة لما تشهده الأسواق الإيرانية في اليومين الماضيين، من ارتفاع كبير في سعر بعض المواد الغذائية والتي شملت الطماطم والصلصة واللحوم وأنواع النخالة والصويا وغيرها، قررت طهران وقف تصدير مجموعة من المواد الغذائية إلى العراق، بسبب مشاكل اقتصادية تعيشها إيران جراء العقوبات الأمريكية ضدها. اقرأ أيضا: تعويضات حرب «الثماني سنوات» تثير أزمة بين العراقوإيران وصل سعر الكيلو الواحد للطماطم يوم أمس إلى 70 ألف ريال، بعدما كان يباع قبل ذلك بقيمة 30 ألف ريال إيراني. وشمل المنع هذه المواد للحد من ارتفاع أسعار هذه المنتجات بشكل غير معقول خلال اليومين الماضيين. مدير دائرة العلاقات العامة للمنظمة ناصر بهزاد، أوضح أنه تم الإيعاز إلى جميع المنافذ الحدودية بمنع تصدير قائمة من المواد الغذائية إلى العراق، مشيرًا إلى أن المنع الهدف منه تنظيم السوق المحلية جراء الارتفاع الحاد في بعض المواد الأساسية بشكل غير معقول. ونقلت وكالة "فارس" الإيرانية، عن مشرف جمارك محافظة خوزستان الواقعة جنوب غربي إيران، غلام رضا بلوطي، قوله إن "طهران قررت منع تصدير مجموعة من المواد الغذائية للعراق عبر معبر جذابة الحدودي. المرتبة الثانية ويبدو أن إيران لم تكتف بهذا الإجراء، فقد أشارت إلى أنها ستتخذ سلسلة إجراءات قريبًا لضبط أسعار السوق ومنع الجهات المغرضة من إلحاق الضرر بالمستهلك الإيراني. وتصدّر إيران يوميا ما قيمته 20 مليون دولار من السلع أي ما يقارب 7 مليارات دولار سنويا، ويعتبر العراق ثاني أكبر وجهة تصدير لإيران وتشمل مواد بناء ومنتجات بترولية ومواد غذائية. وبالتالي فوقف التصدير بالطبع سيؤثر على السوق العراقي، حيث نجد أن الأسواق العراقية تعتمد بشكل كبير جدا على المنتجات الإيرانية، حيث تتميز المنتجات الإيرانية بأسعار منافسة، إذا ما قورنت ببلدان أخرى نظرا لقرب مسافة الشحن، ولاعتبارات متعلقة بأسعار صرف العملات. المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، كان قد أشار إلى أن السوق العراقية تستهلك وبشكل واسع سلعا إيرانية ذات طبيعة زراعية وسيارات ومواد غذائية وغيرها مثل مواد البناء وغير ذلك، بحسب "فرانس برس". وقف الكهرباء وفي وقت سابق، أوقفت إيران تصدير الطاقة الكهربائية إلى العراق، لعدة أسباب، منها مالية وأخرى تتعلق بمنح الأولوية لسد احتياجات إيران من الطاقة الكهربائية. وأدى توقف توريد الكهرباء من إيران إلى العراق، لزيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي في بعض المحافظاتالعراقية، مما أدى إلى إطلاق موجة من الاحتجاجات في محافظات وسط وجنوبيالعراق. تأثر السياحة وتعد السياحة الدينية في العراق، متمثلة في الأماكن الدينية في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء، من أبرز أنواع السياحة في العراق، ومن أكثرها أهمية، وذلك لما تجنيه سنوياً من أموال طائلة جعلتها تُعد ثاني رافد اقتصادي لموازنة العراق بعد النفط. اقرأ أيضا: مسلسل الاغتيالات في العراق.. فاتورة تأييد الاحتجاجات المناهضة لإيران وبحسب مسؤولين ومراقبين في الشأن العراقي، فإن العقوبات الأمريكية أثرت سلباً على الاقتصاد العراقي، حيث تسببت بتوقف رحلات الزوار الإيرانيين للمراقد الشيعية في العراق، وتسريح آلاف العمال من الفنادق والأسواق. اعتماد السياحة الدينية في جنوبالعراق على الزوار الإيرانيين بنسبة 85% أدى إلى تردي هذه السياحة حيث بات أكثر من 800 فندق في النجف وكربلاء شبه خالية من السياح الإيرانيين. رئيس اللجنة الاقتصادية في محافظة كربلاء، ناصر الخزعلي أوضح أن كربلاء تعتمد بالدرجة الأولى على السياحة الدينية، وبعد فرض العقوبات على إيران وتدهور الوضع الاقتصادي، أصبح من الصعب وصول الزائر الإيراني إلى كربلاء، بحسب "الخليج" . الأزمة الاقتصادية الإيرانية، أثرت أيضا على مؤسسات تابعة لها في العراق، حيث قلصت تلك المؤسسات العديد من العاملين بها وبعضها أغلقت. وبنهاية الشهر الجاري، من المتوقع أن تشهد إغلاق عدد آخر من المؤسسات بالإضافة إلى تقليص كوادر أخرى بنسبة 50 في المائة. اقرأ أيضا: قوات «الباسيج» في العراق.. أداة قمعية لحماية المصالح الإيرانية