حاولت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على مدى الأسابيع القليلة الماضية إيجاد حل جذري لعلاج الأزمة التي نشبت على خلفية انحياز رئيس جهاز الأمن الداخلي خانز جورج ماسن إلى اليمين المتطرف، ما أدى إلى حالة من الانفلات تجلت في مطاردات دموية للمهاجرين في ألمانيا. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية كان هدف ميركل الرئيسي هو الحفاظ على ائتلافها الحاكم دون مشكلات سياسية من شأنها أن تُدخل برلين في أزمات دستورية على المدى البعيد، وهو ما جعل الإبقاء على "ماسن" في الحكومة بغض النظر عن موقعه، هو الحل الذي لاقى بالفعل صدى لدى الائتلاف المُشكل للحكومة. وحل التحالف الحاكم بقيادة ميركل نزاع "ماسن" أمس الأحد، منهيًا أزمة أثارت مخاوف من انهيار الحكومة التي مضى عليها 6 أشهر، وذلك وفقًا لما جاء في تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية. كانت أحزاب الائتلاف الثلاثة، قد اتفقت الأسبوع الماضي على نقل رئيس جهاز الأمن هانز جورج ماسن إلى وزارة الداخلية بعد اتهامه بآراء يمينية متطرفة، وذلك بعد أن شكك في صحة لقطات الفيديو التي تظهر متشددين يطاردون المهاجرين في مدينة كيمنتس الشرقية، ما اعتُبر تقصيرا في أداء مهامه الأمنية. وأكدت الصحيفة البريطانية أن قرار الحكومة الألمانية أثار غضب الجمهور لأن المنصب الكبير الذي اختاروه لماسن جاء بزيادة في الراتب الذي يحصل عليه رئيس جهاز الأمن الداخلي السابق، حيث طالب بعض أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك الأصغر في ائتلاف ميركل، حزبهم بالانسحاب من الحلف إذا لم يتم إلغاء القرار. اقرأ أيضًا: ميركل: أوروبا بحاجة إلى حل مشترك لأزمة الهجرة المستمرة وبالرغم من كون هذا الحل استطاع إنقاذ الائتلاف السياسي الحاكم في ألمانيا، غير أنه جاء على حساب شعبية الحكومة الألمانية، والتي تأثرت بشدة على مدى الساعات القليلة الماضية. وأظهر استطلاع نُشر يوم الخميس أن 72٪ من الناخبين اهتزت ثقتهم في الحكومة بعد التسوية التي أجراها الائتلاف، معتبرًا ذلك خرقًا واضحًا للسياسات المعهودة في برلين. وفي أعقاب اجتماع بين قادة الحزب للتوصل إلى حل وسط جديد، قال وزير الداخلية هورست سيهوفر: إنه وافق على أن يعمل ماسن في وزارة الداخلية في المستقبل، لكنه لن يحصل على زيادة في الأجور، وذلك بعد أن أبدت فئات شعبية اعتراضها على تلك الخطط، معتبرة إياها تحايلا واضحا من جانب حكومة ميركل للحفاظ على الائتلاف. وتابع سيهوفر: "ماسن سيكون مستشارًا خاصًا يركز على المهام الأوروبية والدولية". جاء ذلك في أعقاب إصرار واضح من جانب عدد من الأحزاب ألا يكون "ماسن" مسؤولًا عن قضايا الأمن أو الهجرة في دوره الجديد، وذلك لتفادي المزيد من الأزمات بشأن وضعية المهاجرين. اقرأ أيضًا: أنجيلا ميركل تقيل رئيس المخابرات الداخلية من جانبه قال سيهوفر في هذا الصدد: "القرار المتعلق بالأجور كان ردًا على الانتقادات العامة الثقيلة للخطة الأولية"، غير أنه أصر على أن الائتلاف لم يكن معرضًا لخطر الانهيار بسبب هذه القضية. ويأتي النزاع بشأن ماسن بعد شهرين فقط من إنهاء ميركل لخلاف مؤلم في إقليم سيهوفر بسبب الهجرة. وبخلاف مشكلات الهجرة وملفات اللاجئين التي باتت تُلح على الحكومة الألمانية، لا يزال ائتلاف ميركل مُنقسما حول كيفية معالجة مشكلة سيارات الديزل ذات انبعاثات أكسيد النيتروجين العالية، وهي إحدى المشكلات التي تتسم بطابع سياسي من الدرجة الأولى في ألمانيا. وصرح مصدر حكومي بأن اللجنة التي شكلها التحالف ستجتمع في الأول من أكتوبر لمناقشة قضايا تشمل الديزل. اقرأ أيضًا: قمة «ميركل وبوتين».. فرصة موسكو للتقارب مع أوروبا وأظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة إيمايند تراجع مستوى دعم بعض المؤسسات السياسية والأحزاب لميركل بنسبة وصلت إلى 28%، وهو ما كان بمثابة ناقوس خطر في تعامل الحكومة الألمانية مع بعض الملفات مثل أزمة "ماسن" وسيارات الديزل، وذلك حسب رؤية الصحيفة البريطانية. أزمة ماسن تم تفجيرها من الأساس عندما ظهرت مجموعة من اليمين المتطرف في مقطع فيديو وهم يطاردون المهاجرين، بعد حادث طعن في كمينتس، ما أثار حالة من الاستهجان الواسع، حيث أن آراء ماسن السياسية ضد المهاجرين أحد العوامل التي أدت إلى اتهامه.