قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، المنعقدة بعابدين، اليوم الأربعاء، بعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا، بشأن عودة الضباط الملتحين إلى عملهم، وعزلهم من الخدمة، وإيقاف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بعودة الضباط الملتحين للعمل وإلزام وزير الداخلية بعزلهم من الخدمة، فتُرى ما هو مصيرهم بين الحكمين؟ يوضح الدكتور خالد سليمان، المحامى، أن المحكمة الإدارية العليا تعلو على المحكمة المدنية، فليس لمحكمة الأمور المستعجلة سلطة على المحكمة الإدارية وأحكامها. وشرح المحامى أن الحكم الصادر اليوم من قبل محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، يعنى إيقاف التنفيذ المؤقت لحكم المحكمة الإدارية العليا فقط، فقاضى الأمور الوقتية لا يملك أن يفصل فى صلب الموضوع، وتابع المحامي: "الحكم الصادر اليوم لا علاقة له بموضوع النزاع ويعتبر لا جدوى له فيه، وإنما فقط يوقفه مؤقتًا لحين الفصل فى الدعوى نهائيًا أو لمنع وقوع ضرر ما". احترام أحكام القضاء يقول فتحى راغب حنا المحامى، إن الحكم الصادر اليوم يجعل حكم المحكمة الإدارية العليا غير نافذ فى مواجهة وزارة الداخلية، بما يعنى عدم تنفيذ حكم عودة الضباط الملتحين إلى عملهم "يعنى مش هيرجعوا"، فبالرغم من أن حكم المحكمة الإدارية العليا نهائى وواجب النفاذ، إلا أنه عند المطالبة بتنفيذه ستقدم وزارة الداخلية بدورها الحجة المضادة "حكم الأمور المستعجلة" ويتحول الموقف من حيث الواقع إلى تنازع أحكام. وشرح "حنا" أن المعتاد فى مثل تلك الحالات، لجوء الطرف المتضرر إلى إقامة دعوى عزل وحبس للامتناع عن تنفيذ حكم قضائى، بمعنى أن يلجأوا -الضباط الملتحون- إلى محكمة الجنح، لإقامة دعوى يختصمون فيها وزير الداخلية، لامتناعه عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بعودة الضباط الملتحين إلى عملهم، وحينها ستقدم وزارة الداخلية حكم الأمور المستعجلة بوقف التنفيذ، وهنا الحكم لمحكمة الجنح. وتابع المحامى أنه فى حال رفضت محكمة الجنح الدعوى "الامتناع عن تنفيذ حكم قضائى"، سيضطر الضباط الملتحون إلى اللجوء للمحكمة الدستورية، للفصل فى النزاع بين حكمى المحكمة الإدارية العليا من ناحية، وحكم الأمور المستعجلة من ناحية أخرى. وقال المحامي: هذا ما سيحدث من الناحية الواقعية، وذلك بحكم العادة والحيل القانونية المعتادة فى وقائع كثيرة أخرى، إذ أن وزارة الداخلية متضررة من تنفيذ حكم العودة لإخلاله بقواعدها واشتراطاتها الداخلية فى عمل الضباط، والآن معها حكم يبرر لها عدم التنفيذ. واختتم المحامى حديثه: "من ناحية صحيح القانون ليس لمحكمة الأمور المستعجلة سلطة على القضاء الإدارى، وحكم الإدارية العليا واجب النفاذ، ويجب تفعليه احترامًا لأحكام القضاء، حتى وإن جانب الحكم الصواب والواقعية أو خالف اللوائح المنظمة لجهة العمل الإدارى". واقع القانون أكد فى وقت سابق تامر الشهاوى، عضو مجلس النواب عن دائرة مدينة نصر، أن حكم الإدارية العليا بعودة الضباط الملتحين للعمل أصبح نهائيا وباتا واجب النفاذ، موضحا أن وزير الداخلية ملزم بتنفيذ الحكم وفق القانون، وذلك لعدم وجود نص قانونى خاص يمنع ضباط الشرطة من إطلاق اللحى والمحكمة فصلت فى جزئية إطلاق اللحى فقط. وتابع الشهاوي: «لو هناك ضباط ينتمون إلى جماعات إرهابية فهذه مسألة أخرى تخضع لقواعد خدمة الضباط فى وزارة الداخلية، كما يسمح قانون الشرطة بقرار من الوزير باتخاذ العديد من الإجراءات بشأنهم، حيث إن المحكمة أنكرت على إعفاء اللحية وصف المخالفة، التى تستلزم الإحالة لمجلس التأديب، ولكنها فى ذات الوقت أقرت أنها مخالفة لقواعد الضبط والربط والالتزام بالمظهر والزى لضباط وأفراد الشرطة». وأضاف النائب أن المحكمة ارتأت أن الإجراء الذى كان يجب أن يتبع هو إحالتهم للاحتياط، حسب نص قانون هيئة الشرطة، ثم عرض أمرهم بعد ذلك على المجلس الأعلى للشرطة بعد انتهاء مدة الإحالة للاحتياط، للنظر فى إعادتهم لعملهم أو إحالتهم للمعاش. وتوقع الشهاوى أن تعيد الداخلية الضباط الملتحين إلى عملهم وإحالتهم للاحتياط فى نفس اليوم لتجنب عدم تنفيذ حكم القضاء. فى نفس السياق أكد مسؤول أمنى رفيع المستوى أن وزارة الداخلية فى انتظار مسودة تنفيذ الحكم، مؤكدا أن ضباط الشرطة يحكمهم سلوك وضوابط لا يمكن إغفالها وتعد شرطا فى أداء العمل، وأهمها المظهر اللائق لفرد الشرطة، وهو شيء لا يمكن لوزارة الداخلية التهاون حياله. تحمل الدعوى رقم 1340 لسنة 2018 مستعجل القاهرة، أقامها المحامى محمد حامد سالم، وقال فيها إنه فوجئ يوم 23 يونيو الماضى، بصدور الحكم القضائى رقم 10113 لسنة 61 ق من المحكمة الإدارية العليا بإرساء قاعدة خطيرة بعودة الضباط الملتحين إلى الخدمة حتى بعد أن كشفوا عن تصنيفهم وانتمائهم الدينى فى مصر، التى تعتبر مهد كل الأديان وتتميز بتماسك الوحدة الوطنية التى تمثل الكتلة الصلبة أمام مخططات التقسيم الأمر الذى يهدد أمن واستقرار المجتمع ويحدث حالة من الارتباك بين نسيجى الشعب المصرى واختراق النظام الأمنى المصرى متمثلة فى وزارة الداخلية. وقال إن حكم المحكمة الإدارية العليا أحل نفسه محل مجلس التأديب الاستئنافى دون مقتضى وتدخل فى اختصاصات مجلس التأديب الاستئنافى واغتصب سلطاته حسبما هو ثابت بمدونات الحكم. ولفت إلى أن المحكمة كانت تملك إعادة الأمر لأهله لاستيفاء بعض الإجراءات ولكنها لم تفعل وأصرت على المضى قدما للفصل فى الدعوى بدلا من إعادة الملف إلى مجلس التأديب الاستئنافى صاحب الاختصاص الأصيل وأصدرت المحكمة الحكم برأيها من وجهة نظرها الدينية والإنسانية البحتة دون اعتبارات الصالح العام وبالمخالفة للقانون والدستور. وطالبت الدعوى بصفة مستعجلة بإلزام المدعى عليه باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لعزل الضباط الملتحين نهائيا من الخدمة حتى ولو أزالوا لحيتهم وعدم الاعتداد بحكم المحكمة الإدارية العليا بشأن عودتهم للخدمة.