لم يعد ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مجرد أزمة سياسية على مكتب رئيسة الحكومة تيريزا ماي، ولكن بات البريكست هو العامل الرئيسي لتحديد مصيرها في الاستمرار بمنصبه من عدمه، خاصة أن ماي تعتزم الترشح لانتخابات 2022. الأوضاع في بريطانيا باتت تركز بشكل رئيسي على ملف البريكست، وكيف سيؤثر الأمر ليس فقط على مصير البلاد، ولكن على مستقبل قيادتها السياسي، في ظل حالة من تبادل الاتهامات الدائرة في لندن، وذلك حسب ما جاء في تقرير لصحيفة ذا البريطانية. تيريزا ماي تُخطط لبدء حملتها الانتخابية مبكرًا، حيث تعتزم خلال مؤتمر توري السنوي، التحدث عن أبرز مستجدات ملف البريكست، والرد على العديد من الاتهامات التي يوجهها وزير الخارجية السابق في حكومتها بوريس جونسون. وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، برز بوريس جونسون باعتباره المرشح الأقرب لخلافة تيريزا ماي للمرة الأولى منذ عامين، في إشارة إلى أن استقالته التي كان سببها الرئيسي نسق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قد أدت إلى تراجع كبير في حظوظ ماي بصفوف حزب المحافظين. تحسبًا لاستقالتها.. هؤلاء الأبرز لخلافة ماي في رئاسة الحكومة البريطانية وقالت الصحيفة البريطانية إن ماي ستحاول تذليل التحديات التي تواجه حكومتها في الوقت الحالي على مستوى السياسة الخارجية، وعلى رأسها ملف الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن رئيسة الحكومة ستسعى لطمأنة حزبها بأنها تستطيع الفوز في الانتخابات القادمة عام 2022. شعبية جونسون باتت مصدر قلق واضح لتيريزا ماي، لا سيما أن بعض استطلاعات الرأي الجديدة أظهرت أن وزير الخارجية السابق يسيطر على 29% من الدعم بين نشطاء المحافظين، مما يمنحه تقدمًا بفارق 10% عن أقرب منافس له، وهو وزير الداخلية ساجد جاويد. وسعت ماي إلى توحيد وزرائها المتحاربين خلف خطة خروج بريطانيا الجديدة، لا سيما أن قائمة شروط الاتحاد الأوروبي التي تم طرحها في المفاوضات لم تلق قبولًا لدى العديد من مسؤولي الحكومة، إلا أن السلام الهش الذي اتسمت به الحكومة اللندنية تحطم عندما استقال كل من ديفيس وجونسون في غضون ساعات، مؤكدين أنهما لا يمكنهما تأييد مقترحاتها التي من شأنها أن تبقي بريطانيا على ارتباط وثيق للغاية بالاتحاد الأوروبي رغم الاستفتاء الشعبي بالانفصال. وقالت مصادر مطلعة لصحيفة ذا صن: "خطاب ماي سيبدو جزئيًا متناولًا لمرحلة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في مارس المقبل"، مؤكدين أن رئيسة الحكومة ستبعث خلال المؤتمر الذي سيقام الأربعاء المقبل رسائل واضحة بأن حكومتها تسير في الطريق الصحيح، وأن خطط البريكست لا تزال على ما يرام. ووفقًا لتحليلات الصحيفة البريطانية، فإن هذه الخطوة تشير إلى أنها حريصة على قيادة البلاد إلى منتصف العقد المقبل. يأتي ذلك في الوقت الذي تعمقت فيه الانقسامات على موقف بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد محاولة رئيسة الحكومة توجيه صفعة لوزير الخارجية السابق بوريس جونسون، والذي استقال من منصبه اعتراضًا على بعض النقاط التي قد تصبح أساس الاتفاق بين لندن وبروكسيل بخصوص البريكست. فرنسا تُنهي آمال بريطانيا في «البريكست».. والسوق الأوروبية «كلمة السر» جونسون عُرف بموقفه الرافض لخطط الاتحاد الأوروبي، حيث حذر وزير الخارجية السابق من أن "حلم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يحتضر"، وذلك خلال رسالة استقالته الشهيرة، حيث قال لماي إن خططها تعني أن بريطانيا ستصبح "مستعمرة" للاتحاد الأوروبي. وأشارت الصحيفة إلى أنه حال انتخاب تيريزا ماي لولاية جديدة، فإنها ستمكث بالحكم حتى عام 2027، ومن ثم فإنها ستعادل الرقم المُسجل باسم مارجريت تاتشر، والتي كانت في السلطة لمدة 11 سنة منذ عام 1979 إلى 1990. استفتاء شعبي في بريطانيا يكشف تغيرات واضحة في الآراء حول البريكست المواجهة مع بوريس جونسون في تجمع الحزب بمدينة برمنجهام، والذي يبدأ يوم الأحد 30 سبتمبر، سيكون بمثابة الوسيلة الرئيسية لاستمرار ماي في الصدارة، وبقائها المرشحة الرئيسية للحزب وللفوز بالانتخابات عام 2022 على حد سواء. وبشكل عام، يفصل الخروج البريطاني بوضوح في تحديد الطرف الفائز في الصراع ما بين ماي وجونسون، حيث ستبقى رئيسة الحكومة البريطانية هي الطرف المستفيد حال إتمام الخطط الفعلية للبريكست، فيما سيكون جونسون أكثر السياسيين البريطانيين سعادة إذا ما لم تُكلل جهود حكومته السابقة بالتوفيق.