انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة غير طبيعية، وهى انتشار الثعابين وإيذاؤها لعدد من المواطنين لدرجة أدت إلى مقتل بعضهم في محافظتي البحيرةوالمنوفية وإصابة الآخرين.. «التحرير» التقى الدكتور إيهاب هلال مدير عام الحياة البرية بالهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة، للتعرف على كيفية التعامل مع هذه الظاهرة ومواجهتها بالأسلوب الأمثل، فإلى نص الحوار: - في البداية كيف ترى طريقة التعامل الحالي مع ظاهرة الثعابين التي انتشرت في البحيرة ثم المنوفية مؤخرا؟ قضية الثعابين التي انتشرت مؤخرا ترجع إلى السلوك الطبيعى للثعابين كنوع من الزواحف، وهى ظاهرة تتكرر كل عام وإن كانت تزيد عاما عن الآخر والسبب الرئيسي في تزايد أعداد الثعابين يرجع إلى الخلل في التوازن البيئي الذى خلقه الله بسبب تدخل الإنسان، لأن أى كائن حي يعيش ويتكيف مع ما فوقه أو تحته في المثلث الغذائي. - وهل ذلك ما حدث في محافظتي البحيرةوالمنوفية؟ يرجع الخلل الذى حدث في البحيرةوالمنوفية إلى تدخل أخل بالتوازن البيئي هناك ولو بحثنا ما الكائنات التي تأكلها الثعابين وتتغذى عليها سنكتشف السبب في هذا الخلل، وسنجد أن ما يتغذى على الثعابين هو النمس المصري والذي غالبا ما يصطاده الأهالي وهو ما يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي، والنمس المصري هو العدو الأول للثعابين، وبالتالي فعندما يقل عددها تزداد الثعابين ولو عدنا بالتاريخ إلى عام 1958 عندما حدثت مجاعة أدت إلى مقتل 15 مليون نسمة في الصين، حسب التقارير الرسمية والسبب في ذلك كان الخلل في التوازن البيئي الذي حدث هناك نتيجة أن إمبراطور الصين وقتها طلب من المواطنين صيد العصافير التي تتغذى على المحاصيل الزراعية وقتلها وعندما زادت هذه الظاهرة انعكس ذلك على البيئة لأنه خلال موسم الجراد انتشر بشكل مكثف الجراد واجتاح كل الخضراوات، مما أدى إلى حدوث المجاعة هناك، وبالتالي فأهم شيء ألا نتلاعب بالتوازن البيئي الذي خلقه الله ولا بد من التوعية البيئية للمواطنين حتى لا يحدث هذا الخلل، وذلك عبر الدور الإعلامي للتوعية بعدم القضاء على الكائنات المهمة. - ما دورة نشاط الثعابين؟ - دورة حياة الثعابين تبدأ بفترة البيات الشتوي خلال فترة الشتاء ما بين شهري مارس وإبريل لتبدأ عملية التزاوج ويبيض في شهر يونيو في الفقس الجديد بعد وضع البيض في شهري يوليو وأغسطس وتنشط الثعابين خلال تلك الفترة وتخرج من جحورها. - وكيف نستعد نحن لذلك؟ كى نحل هذه المشكلة لا بد أن نقلل من أماكن تجمع القمامة والأشياء التي تتغذى عليها الثعابين وزيادة الكائنات التي تتغذى على الثعابين مثل النمس المصري وأبو شوك القنفد، وهو موجود في البيئة المصرية ومحافظات الدلتا، فضلا عن بعض أنواع الصقور التي تتغذى على الثعابين والتي يقوم البعض بصيدها صيدا جائرا، مما يؤثر على البيئة ويزيد من أعداد الثعابين وبالتالي فإن أهم أسباب الخلل البيئي الذى حدث هو تدخل الإنسان في التوازن البيئي بالمنطقة. - ما أفضل طريقة لاستغلال هذه الثعابين؟ هناك حلول سريعة لمواجهة أزمة الثعابين وأخرى بعيدة المدى في المستقبل لأننا إن لم نتعامل مع هذه الثعابين فستزداد أعدادها العام المقبل أكثر من ذلك، والعام التالي أكثر فأكثر، خاصة أن الكرة الأرضية تزداد درجة حرارتها مع التغيرات المناخية، والحل السريع هنا لمواجهة هذه المشكلة هو الصيد، وهو كائن له قيمة كبيرة وصيد الثعابين لا يعني قتلها لأن لدينا شركات كثيرة تصدر هذه الثعابين إلى الخارج ومنها دولة مثل الصين تستخدم هذه الثعابين في استخدامات طبية أو التعامل معها كحيوانات أليفة، وبالتالي يجب التعاون مع هذه الشركات للتحكم في أعدادها وتجميع هذه الثعابين وتقليل أعدادها ولا يمكن أن نقضى على الثعابين تماما لأن ذلك سيحدث مشكلة أخرى وهى زيادة كبيرة في أعداد الفئران وستجتاح المنطقة التي تم القضاء فيها على الثعابين وبالتالي فلا بد من التعامل مع البيئة بحذر. - كم نوعا لدينا من الثعابين في مصر؟ في مصر لدينا أكثر من 20 نوعا من الثعابين وينتشر في محافظات الدلتا النوع السام وهو الكوبرا المصرية وهذه أعدادها ليست كبيرة وهناك أنواع النارد والأزارود والخضاري تنتشر أيضا في الدلتا وهذه الأنواع الأخيرة أليفة وغير سامة ولا تتناول البيض بل تتغذى على القوارض والضفادع، وطبيعة الثعبان أنه لا يهاجم الإنسان إلا عندما يوجد الإنسان في بيئته ويخرج الثعبان من جحوره في أثناء أعمال الحفر التي تتم في أثناء إقامة بعض المنشآت والمشروعات خلال فترة نشاط الثعابين في شهري يوليو وأغسطس وهو ما يؤدي إلى حالة هياج لديها ليقترب من أماكن الغذاء التي تنتشر بها الفئران، فضلا عن أماكن الرطوبة العالية، وبالتالي فهو يوجد بأماكن وجود الإنسان. وعندما نحاول التحكم في أعداد الثعابين يجب أن نحدد نوعها أولا، سامة أم غير سامة، وذلك من خلال الخبراء والمختصين الذين يحولونه إلى قيمة، إذ يستخرج منه الترياق المعالج للحالات المصابة بسم الثعبان كما يستخدم في أغراض طبية أخرى.
- وكيف يمكن التعامل مع الظاهرة على المدى البعيد؟ لا بد من تقليل الفئران أولا التي تتغذى عليها الثعابين ثم تقليل أماكن القمامة بالتوازي مع الوعي البيئي بعدم قتل الكائنات التي تتغذى على الثعابين مثل النمس المصري. - كيف ترى استخدام البيض السام الذى استخدمته بعض المحافظات لمواجهة الثعابين وصيدها؟ - هذه الطريقة غير مجدية ولا يوجد ثعابين في محافظات الدلتا تتغذى على البيض، بينما يوجد نوع واحد فقط في الصعيد يتغذى على البيض وهو غير سام، بينما ثعابين الدلتا تتغذى على الحشرات والقوارض وبعض هذه الأنواع تأكل الثعابين الأصغر حجما.
- البعض يرى أن طريقة تتبع الأثر لصيد الثعابين ومعرفة تجمعاتها مجدية فما رأيك؟ - الثعابين ليس لها تجمعات سوى وقت التزاوج وكل ثعبان يكون له منطقة نفوذ لا يسمح بدخول ثعابين أخرى فيها، وصيد الثعابين يجب أن يكون من خلال المختصين الذين ينتشرون في منطقة أبو رواش، وهؤلاء مختصون بتصدير الثعابين. - هل هناك ثعابين تدخل البيئة المصرية عن طريق التهريب؟ إطلاقا هذا لا يحدث، النوع الوحيد الذى يتم استيراده من الخارج هى الأصلات والتي يتم تربيتها كحيوانات زينة وأليفة. - ما النصائح التي تقدمها لمن يتعرضون للدغ الثعابين؟ يجب التوجه فورا إلى المستشفى مع إجراء بعض الإسعافات الأولية مثل محاصرة السم من خلال ربطتين أو ثلاث حول العضة، كما أن شكل العضة يحدد نوع الثعبان، وبالتالي نوع الترياق الذى سيستخدم في العلاج. -أخيرا كيف يمكن أن نحد من انتشار الثعابين إلى باقي المحافظات؟ الثعابين لن تنتقل إلى محافظات أخرى، لأنها ليست من الأنواع المهاجرة، وهذا النوع من الثعابين له مساحة محدودة يتحرك فيها، وبالتالي أنصح بإعداد دراسات الأثر البيئي في أثناء القيام بمشروعات بها حفر، حتى لا يحدث خلل بيئي وللتحكم في التوازن داخل البيئة المصرية.