خطوة مفاجئة اتخذها تحالف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بعد أن أعلن أمس عن تحالف قائمته المتصدرة في الانتخابات "سائرون"، وقائمة "الفتح" بزعامة هادي العامري التي حلت بعدها في الانتخابات، لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، في خطوة ربما تغير المشهد في العراق. الإعلان عن هذا التحالف جاء بعد أن هاجم الصدر خلال الأيام الماضية تحالف "الفتح" المكون من ميليشيات الحشد الشعبي، حيث ندد بتحالف العبادي السابق مع ميليشيات الحشد واعتبره تخندقَا طائفيا، بينما رفض إشراك فصائل الحشد في العملية الانتخابية. كما يعلن الصدر بين الحين والآخر مواقف متشددة من فصائل الحشد ويندد باستغلالها القتال ضد تنظيم "داعش" في دخول العملية السياسية. الفضاء الوطني إلا أنه في موقف مغاير أعلن الصدر عن تحالفه مع "الفتح"، وقال في مؤتمر صحفي عقده مساء الثلاثاء في النجف بعد لقائه هادي العامري "إن تحالف الفتح دخل مع (سائرون في الفضاء الوطني)"، في إشارة إلى دخوله ضمن تحالف "سائرون وتيار الحكمة وائتلاف الوطنية". مضيفا أن التحالف "يحافظ على التحالف الثلاثي مع الحكمة والوطنية". كما أكد الصدر أن الاجتماع مع العامري كان مهما وايجابيا، وأعلن من خلاله عن تشكيل هذا التحالف، متابعا: "إننا ماضون بتشكيل حكومة تشمل الكتل الأخرى الوطنية كافة ضمن الأطر والضوابط الوطنية". وقبل أقل من أسبوع وقّع الصدر اتفاقا لتشكيل تحالف باسم "الوطنية الأبوية" يجمع "سائرون" وقائمة "الوطنية" التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي ويشارك فيها عدد كبير من النواب السنة وقائمة "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم. ووصل مجموع مقاعد تحالف "الوطنية الأبوية" في البرلمان المقبل إلى نحو مئة نائب ما يعني أنه ما زال بعيدا عن نصف مجموع مقاعد البرلمان البالغ 329 مقعدا للتمكن من تسمية وزراء الحكومة المقبلة، بحسب "العربية". إعلان تحالف الصدر مع العامري، شكل مفاجأة للأوساط السياسية والشعبية، حيث تشير الترجيحات إلى تحالف قد يجمع المالكي وتحالف الفتح مع أحزاب كردية، في مقابل تحالف سُمي بالوطني يجمع الصدر وإياد علاوي وتيار الحكمة وبعض الأطراف السنية الأخرى، بحسب "صوت الأمة". أهداف التحالف يرى محللون أن الخطوة التي أقدم عليها رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، تؤكد رفض قائمة "سائرون" لكل الدعوات التي تطالب بإعادة إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية، وأنه يعتبر هذه الدعوة كأنها لم تكن، خاصة أن قائمة "سائرون" التي تمكنت من حصد الأغلبية في البرلمان، أعلنت في وقت سابق أنها ستتخذ كل الخطوات الممكنة لمواجهة أي دعوات لإعادة إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية. كما يشير آخرون إلى أن الخطوة التي اتخذها مقتدى الصدر، هي محاولة لوقف أي مساع تقوم بها كتل انتخابية عراقية أو جهات إقليمية لعرقلة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، أو عرقلة نتائج الانتخابات العراقية، خاصة في ظل اتهامات من بعض الأحزاب السياسية، بأن العملية الانتخابية شابها التزوير. المحلل السياسي باسل الكاظمي يرى أن الصدر اقترب من العامري بسبب توتر الأوضاع في البلاد وتزايد أعمال العنف، وهو ما قد يتسبب بما لا يحمد عقباه، فضلًا عن تعالي الأصوات المنادية بضرورة بناء تحالف شامل وقادر على إدارة البلاد في المرحلة المقبلة. وأضاف الكاظمي "الصدر من واقع القلق على العراق تحالف مع العامري لسد أي محاولات من الدول الأخرى التي تتصيد في الماء العكر، وتسعى إلى تقويض الأمن العراقي"، بحسب "إرم نيوز". مستقبل العبادي هذا التحالف الذي خلط الأوراق السياسية في العراق من شأنه أن يقضي على آمال رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، بالاستمرار في الحكم بعدما حلت قائمته الانتخابية في المرتبة الثالثة، خاصة مع تقديم الصدر عدة مرشحين خلال الفترة الماضية. وتشير مصادر مطلعة إلى أن الصدر عرض على العبادي الولاية الثانية بشروط أبرزها محاكمة الفاسدين، والمتسببين فى سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش عام 2014، والعمل على برنامج إصلاحي واضح ومحدد بتوقيتات زمنية، فضلًا عن الخروج من حزب الدعوة والاستقالة، لكن العبادي رفض ذلك، بحسب "إرم نيوز". حيدر العبادي، أكد معارضته لإعادة الانتخابات، متوعدا بمعاقبة أي طرف يسعى إلى تخريب العملية السياسية. وقال إن المحكمة العليا هي وحدها المخول لها تحديد إن كان ينبغي إعادة الانتخابات أم لا، ووجه الشكر للصدر على طرحه مبادرة نزع السلاح، معربا عن أمله بأن يلتزم بها. تحالف السنة هذا وتتجه اللوائح السنية الفائزة في الانتخابات إلى إعلان تحالفها في كتلة برلمانية واحدة خلال الأيام المقبلة، للتفاوض مع الكتلة الشيعية "الأكبر" في شأن تشكيل الحكومة الجديدة. وكانت اللوائح السنّة قد اتفقت في اجتماع عقدته نهاية الشهر الماضي، في منزل زعيم ائتلاف "القرار العراقي" أسامة النجيفي على وحدة الكلمة والصف لتحقيق الأهداف المتمثلة في عودة النازحين وإعمار المدن المحررة وتأمين استقرارها، بحسب "الحياة". تجدر الإشارة إلى أنه بعد إعلان نتائج الانتخابات في مايو الماضي فاجأ ائتلاف "سائرون" الجميع بتصدّره نتائج الانتخابات ب54 مقعدا، بينما حل ثانيا ب47 مقعدا ائتلاف "الفتح" بزعامة هادي العامري، الذي يعتبر أحد أبرز قادة فصائل الحشد الشعبي المدعومة من إيران، أما قائمة رئيس الوزراء المنتهية ولايته فحلت في المرتبة الثالثة ب42 مقعدا.