شكلت عودة العمليات الإرهابية في مدينة عدن اليمنية العاصمة المؤقتة، صدمة كبيرة وسخطا واسعا، وسط مطالبات شعبية لقوات الأمن والتحالف العربي بالضرب بيد من حديد، وتشديد إجراءات تأمين وحماية عدن والمحافظات المحررة، والتصدي لجميع أنواع الحملات الإعلامية ضد الأجهزة الأمنية. عودة "داعش" خلال الساعات الماضية صعد تنظيم "داعش" من هجومه وعملياته الإرهابية في عدن، آخرها أمس بعد أن تم إطلاق النار على جنديين من أمن ميناء عدن من قبل مسلحين كانا يستقلان دراجة نارية في حي المنصورة، وأسفر إطلاق النار عن مقتل أحد الجنديين، بينما أصيب الآخر. وتبنى "داعش" العملية بينما تقول مصادر مطلعة إن هذا التنظيم هو أداة تحركها قوى مصلحتها في أن تكون العاصمة المؤقتة مضطربة وغير آمنة، ونشر التنظيم صورا للعملية ومنفذيها عبر وكالة أعماق التابعة للتنظيم، مشيرا إلى أن المسلحين نهبوا الأسلحة الشخصية التي كانت بحوزة الجنديين، ووصف التنظيم هؤلاء بالمرتدين. وجاءت هذه الواقعة عقب ساعات من حادثة استهدفت جنديا بعدن، قالت وسائل إعلامية حينها بأن المجني عليه هو مرافق شخصي لمدير أمن عدن، قبل أن يتضح لاحقا أنه جندي في اللواء الأول -مشاة. كما جاءت هذه الحادثة بعد نحو أسبوع على تفجيرين انتحاريين استهدفا مقر قوات مكافحة الإرهاب في حي جولد مور بعدن راح ضحيته أكثر من 40 شخصا بين قتيل وجريح معظمهم مدنيون. "بيات شتوي" وحول إمكانية عودة تنظيم داعش إلى مدينة عدن، أكد المحلل اليمني الدكتور عادل الشجاع القيادي في حزب المؤتمر الشعبي ل"التحرير"، أن التنظيم "موجود في عدن وفي أبين على مقربة من عدن لكن التنظيم في حالة بيات شتوي يمكنها أن تصحو في أية لحظة نتيجة عدم وجود أجهزة أمنية في المدينة وعدم وجود دولة". وأضاف الشجاع أن التنظيم يمكن أن ينشط في أي لحظة ويقوم بتنفيذ العديد من العمليات بعد عدة حوادث على يد داعش مؤخرا، مشيرا إلى أن الوضع الأمني في عدن غير مستقر وهو بيئة مناسبة لداعش والقاعدة. إعلان الطوارئ ويرى مراقبون أنه لا يمكن تثبيت الأمن ووقف الاغتيالات إلا من خلال تنفيذ عملية منع حمل السلاح وإعلان حالة الطوارئ في العاصمة عدن. وقال الكاتب والمحلل السياسي اليمني هاني مسهور عبر صفحته على "تويتر": "ما لم تتوقف الحملات العدائية على الحزام الأمني في عدن والنخبة الحضرمية والشبوانية فلن تتوقف عناصر داعش الإرهابية عن تنفيذ جرائمها وتصويرها، آخر عمليات الدواعش قتل أفراد الحزام الأمني في العاصمة الجنوبيةعدن". بينما قال الكاتب اليمني جمال بن عطاف: "قنوات الإخوان (الإصلاح) والحوثي وقطر وإيران يحرضون ليل نهار ضد قوات الحزام الأمني وأمن عدن، وهذه نتيجة التحريض، قتلُ الجنود المعصومة دماؤهم وهم ذاهبون إلى معسكراتهم"، بحسب "عدن تايم". أما نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية للمجلس الانتقالي الجنوبي محمد الغيثي فقال: "الحملات الإعلامية والتحريض المستمر الذي يقوده إعلام الشرعية والإعلام التابع لحزب الإصلاح اليمني (جماعة الإخوان) يُعد جزءا من الجريمة المرتكبة في عدن". "عدوي عدو صديقي" الأحداث والتطورات الأخيرة في عدن تدعم فرضية وجود تواطؤ بين الحوثيين وداعش، خاصة أن تلك الأحداث جاءت بعد الاتفاق، الذى توسط فيه التحالف العربي، لوقف الاشتباكات الدامية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالى بمدينة عدن. من جانبه، يرى محمد عبادي، مدير مركز جدار للدراسات، أن "داعش" والحوثيين منهجان فكريان مختلفان، كلاهما على طرفي نقيض، لكن "داعش" تعتمد تكتيكا حربيا معروفا "عدوي عدو صديقي"، فلا مانع لدى "داعش" من استخدام الحوثيين لضرب قوات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أو المقاومة الشعبية في عدن أو غيرها. وأشار عبادي في تصريحات ل"التحرير"، إلى أن "ميليشيا الحوثي تنتهج منهجًا براجماتيا، ودليل ذلك تحالفها مع عدوها الرئيس الراحل علي عبد الله صالح مرحليا قبل الغدر به وقتله". مؤكدا أن الحوثيين لا مانع لديهم من غض الطرف عن تمدد داعش في منطقة سيطرة قوات الشرعية، ومن ثم يستغل الحوثيون المشهد، ويتصدون لداعش، وتقدّمه للمجتمع الدولي على أنها تحارب قوات داعش لا قوات الشرعية. ويبدو أن "داعش" اختار جنوب اليمن لاستهداف الشعب والحكومة فى وقت واحد، وبالتالى القضاء على الحكومة الشرعية، وهو ما يحارب الحوثيون من أجله.