تستحق لقب حاصدة الأرواح بامتياز، إنها هيئة "سكك حديد مصر" على الرغم من أنها ثاني أقدم سكة حديد في العالم وأطول شبكة سكة حديد في الشرق الأوسط، إلا أنها تحتل المرتبة الأولى في الإهمال وعدد الحوادث على مستوى العالم بمعدل حادث لكل عام، وتفتقد لأدنى معدلات الأمان رغم المطالبات المستمرة بتطوير الهيئة للحد من إراقة الدماء على قضبانها كل عام، كان آخرها حادث الأمس الذي أودي بحياة ما يزيد على 15 مواطنا وإصابة العشرات. الأكثرعلى مستوى العالم "نعزي أنفسنا أولاً ونعزي أُسر ضحايا حادث تصادم قطاري البحيرة الذين ذهبوا نتيجة الإهمال"، بهذه الكلمات بدأ وكيل مجلس النواب سليمان وهدان، حديثه وتابع: "للأسف سكك حديد مصر تعتبر الأكثر حوادث على مستوى العالم، على الرغم أن مصر كانت ثاني دولة تنشئ خطوط سكة حديد". وأضاف "وهدان" أن مسألة تطوير سكة حديد مصر تحتاج إلى حلول من خارج الصندوق، فيمكن لشركة قطاع خاص أن تقوم بتطوير خط أو اثنين من خطوط السكة الحديد مع الحفاظ على سعر التذكرة، بحيث لا ترتفع بشكل مبالغ فيه، ويمكنها من خلال ذلك جذب المواطنين لهذا المرفق الهام وتحقيق أرباح لها. ونوه "وهدان" بأن وزارة النقل يمكن أن تطرح للمنافسة خطا أو اثنين من خطوط القطارات لعدد من شركات القطاع الخاص، ولو على سبيل التجربة، مقابل تطوير الخدمة وكل ما يخص المرفق والمزلقانات التي تعاني بشدة، مما يساعد في رفع معدلات السلامة، ويمكن أن يكون التطوير تحت إشراف مرفق السكة الحديد. واختتم "وهدان" حديثه قائلاً: "في حالة زيادة سعر تذكرة القطار بنسبة بسيطة لن تضرالمواطن الذي سيشعر بالخدمات المضافة، خاصة أن معظم ركاب القطارات يكونون من فترة لأخرى وليس بصفة يومية، عكس ركاب مترو الأنفاق الذي يستخدمه المواطنون بصفه يومية وأي زيادة فيه تمثل عبئا على ميزانيته". سليمان فضل العميري، عضو مجلس النواب وعضو لجنة التنمية المحلية، قال إنه سيتقدم ببيان عاجل لاستدعاء وزير النقل هشام عرفات للبرلمان، وتشكيل لجنة تقصي حقائق لمعرفة أسباب تصادم قطاري البحيرة، الذي تسبب في وفاة 20 مواطنا حتى الآن. وأضاف "العميري": يجب محاسبة المقصرين في هذه الحادثة، حتى لا يمر هذا الأمر مرور الكرام كما اعتادت قيادات النقل، وكما حدث في عشرات الحالات السابقة، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ مواقف أكثر صرامة مما حدث من قبل مع المقصرين. وتابع "العميري": القطارات كانت في وقت سابق الوسيلة الوحيدة الأكثر أمانا، وتحولت الآن إلى الأكثر تسيبا وإهمالا، مطالبا باتخاذ كل الإجراءات التي تساعد في عودة السكة الحديد إلى وضعها الطبيعي، مشيرا إلى أن سكة حديد مصر نتيجة للإهمال والفساد أصبحت أسوأ سكك الحديد في العالم. الدكتور مصطفي صبري، أستاذ النقل بجامعة عين شمس، أرجع السبب في تكرار حوادث القطارت في مصر إلى العنصر البشري، الذي قال عنه إنه لا بد أن يختفي تماما من تشغيل السكة الحديد ومن المنظومة بالكامل، وأن تكون عمليات الجر كهربائيا، والمزلقانات لا بد أن تكون مجهزة بأحدث الأجهزة وأن تكون جميعها تعمل كهربائيا، وهذا الأمر الذي يستحيل تطبيقه في مصر في الفترة الحالية لعدم توافر الموارد الكافية كما ستكون عالية. وأصاف "صبري": لا بد أن تتفادى الهيئة بقدر الإمكان الأخطاء البشرية لعدم وجود كوارث جديدة. عمرالحوادث ما هتخلص المهندس عادل الكاشف، رئيس هيئة الطرق المصرية وخبير النقل، قال إن السبب في تكرار الحوادث هو عدم وجود آلية فعالة للرقابة على هيئة السكة الحديد، وبسبب عدم وجود تأهيل مستمر لسائقي القطارات، وعدم وجود قطع غيار للقطارت يتم استبدالها، لذلك "عمر الحوادث ما هتخلص"، طالما يوجد العنصر البشري في المنظومة. وأضاف "الكاشف": منظومة السكة الحديد منظومة فاشلة وبها إهمال كبير جدًا وتفتقد الرقابة، ونحن كجمعية مصرية اقترحنا أن يتم إنشاء وزارة مختصة بالسكة الحديد، متسائلا: لماذا لا يتم إسناد مهمة إدارة الهيئة لشركة أجنبية لمدة عشر سنوات حتى يتسنى لنا تطوير الهيئة وأن نأخذ الخبرة اللازمة وخلق كوادر جديدة تستطيع إدارة الهيئة. التسعينيات حادثة لكل عام شهدت التسعينيات أكبر عدد من الحوادث، ففي ديسمبر 1993 قتل 12 وأصيب 60 في تصادم قطارين على بعد 90 كيلومترا شمال القاهرة، وفي ديسمبر 1995 قتل 75 راكبا وأصيب المئات في تصادم قطار بمؤخرة قطار آخر، وأكدت التحقيقات وقتها أن المسئولية تقع على سائق القطار الذي قام بتجاوز السرعة المسموح بها رغم وجود ضباب كثيف مما لم يمكنه من اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب، وفي فبراير 1997 في محافظة أسوان أدى خلل بشرى وخلل في الإشارات إلى وقوع تصادم بين قطارين شمال مدينة أسوان، مما أدى إلى وقوع 11 قتيلا على الأقل والعديد من الإصابات. في أكتوبر 1998 بمحافظة الإسكندرية اصطدم قطار بأحد المصدات الأسمنتية الضخمة مما أدى إلى اندفاعها نحو الموجودين بالقرب من المكان، وخروج القطار نحو إحدى الأسواق المزدحمة بالبائعين المتجولين مما أدى إلى مقتل 50 شخصا وإصابة أكثر من 80 مصابا، ومعظم الضحايا ممن كانوا بالسوق أو اصطدمت بهم المصدة الأسمنتية، وأرجعت التحقيقات في وقتها إلى عبث أحد الركاب المخالفين في الركوب بفرامل الهواء بالقطار. وفي إبريل 1999 أدى تصادم قطارين من قطارات الركاب إلى مقتل 10 من ركاب القطار وإصابة أكثر من 50 مصابا معظمهم حالاتهم خطرة، وفي نوفمبر 1999 اصطدم قطار متجه من القاهرة إلى الإسكندرية بشاحنة نقل وخرج عن القضبان متجها إلى الأراضي الزراعية، مما أسفر عن وقوع 10 قتلى وإصابة 7 آخرين كانت حالاتهم خطرة. الحادثة الأعنف ثم عادت السكة الحديد لتمارس عادتها في حصد الأرواح، ولم تكن بداية الألفية الثانية أفضل حالًا من التسعينيات، ففي فبراير 2002 تعد حادثة قطار الصعيد التي وقعت بالعياط الأسوأ من نوعها في تاريخ السكك الحديدية المصرية، حيث راح ضحيتها أكثر من 350 مسافرا بعد أن تابع القطار سيره لمسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه، وهو ما اضطر المسافرين للقفز من النوافذ ولم توضح الدولة حصيلة رسمية بالعدد النهائي للقتلى، والتي تشيرالأقاويل إلى أنها تجاوزت 1000 قتيل. وعلي غيرالعادة استطاعت السكة الحديد أن تظل أربع سنوات دون إراقة الدماء، لتعود بعد ذلك وتسجل أكبر عدد من الحوادث في عام واحد، ففي فبراير 2006 شهدت الإسكندرية اصطدام قطارين مما أدى إلى إصابة نحو 20 شخصا، وشهد نفس العام بالشرقية اصطدام قطار الشحن بآخر بإحدى محطات قرية الشهت بمحافظة الشرقية، مما أدى إلى إصابة 45 شخصا. ثم في أغسطس 2006 اصطدم قطاران أحدهما قادم من المنصورة متجها إلى القاهرة والآخر قادم من بنها على نفس الاتجاه، مما أدى إلى وقوع تصادم عنيف بين القطارين، واختلفت الإحصاءات عن عدد القتلى حينها، حيث ذكر مصدر أمنى أن عدد القتلى بلغ 80 قتيلًا وأكثر من 163 مصابا، بينما قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن 51 لقوا حتفهم، في حين ذكرت قناة "الجزيرة" الفضائية أن عدد القتلى بلغ 65 قتيلا. ولم يمض عام حتى عاد الإهمال ليضرب من جديد في يوليو 2007، حيث اصطدم قطاران شمال مدينة القاهرة، وراح ضحيته 58 شخصا كما جرح أكثر من 140 آخرين، ثم حادث أكتوبر 2009 بتصادم قطارين في منطقة العياط أدى إلى مقتل 30 شخصا وإصابة آخرين. وفي نوفمبر 2012 اصطدم قطار تابع لسكك حديد مصر بحافلة مدرسية بقرية المندرة التابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط، راح ضحيته نحو 50 تلميذًا، إضافة إلى سائق الحافلة ومدرسة. ويأتي عام 2013 في المرتبة الثانية من حيث عدد الحوادث بعد عام 2006، ففي 14 يناير 2013 وقع حادث تصادم مع قطار تجنيد في البدرشين يودي بحياة 17 مجندا وإصابة أكثر من 100 مجند، وفي 18 نوفمبر 2013 وقع حادث تصادم مع سيارتين أودى بحياة أكثر من 27 شخصًا وجرح أكثر من 30. وشهد العام الماضي وقوع حادثين الأول كان حادث تصادم قطار بمؤخرة قطار آخر بالقرب من محطة خورشيد أودى بحياة 41 شخصا وإصابة 132 آخرين، والثاني كانت في 31 أغسطس 2017، حيث تصادم قطار مطروح بسيارة ملاكي بالإسكندرية أثناء محاولة اجتيازها مزلقان الحضرة الجديدة، مما أودى بحياة سائق السيارة الملاكي وإصابة اثنين آخرين. وعلى الرغم من مضي شهرين فقط سجلت 2018 أول حادث لها أمس، حيث شهدت محافظة البحيرة حادثا مأساويا، بعد اصطدام قطارين بخط المناشى فى محطة الطيرية بمحافظة البحيرة، بقطار بضائع، الأمر الذى أسفر عن مصرع 19 شخصا وإصابة عشرات الركاب، وصرحت النيابة العامة لهيئة السكك الحديدية بسحب جهاز «ATc»، جهاز التحكم الآلي، لجرار قطار الركاب لتفريغ محتواه للوقوف على أسباب حادث قطاري البحيرة. 50 ألف جنيه تعويضا كما قررت وزارة التضامن الاجتماعى صرف 50 ألف جنيه، تعويضًا لأسر كل حالة وفاة أو حالة عجز كلي، من ضحايا حادث قطاري البحيرة، و20 ألف جنيه يتم صرفها من حساب الإغاثة بوزارة التضامن و30 ألف جنيه من المجمعة التأمينية لسكك حديد مصر.