أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيًا مساء السبت بإنشاء لجنة مكافحة الفساد يرأسها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وجاء في الأمر أيضًا إعفاء الأمير متعب بن عبدالله من منصبه وزيرًا للحرس الوطني السعودي، وتعيين الأمير خالد بن عياف بدلًا منه. وأكد عدد من المراقبين أن لهذا القرار أبعادًا سياسية، حيث أشار جون ديفي تيريوس الصحفي المتابع لشؤون المملكة من التسعينيات أنه "لا نستطيع تجاهل فكرة أن ولي العهد محمد بن سلمان ما زال شابًا، ومن المؤكد أنه سيبقى في سدة الحكم لعقود، لذا فهو يحاول أن يسيطر على مفاصل المملكة". والسؤال هنا.. كيف سيطر بن سلمان على أذرع المملكة الأمنية؟ لم يشغل بن سلمان البالغ من العمر 32 عامًا، أي منصب ذو أهمية منذ دخوله الحياة السياسية حيث شغل منصب رئيس ديوان ولي العهد، مستشارًا لأمير الرياض، وفي الأخير وزيرًا للدولة في أبريل 2015. وبعد تولي والده الملك سلمان لسدة الحكم في في يناير 2015، بعد وفاة الملك عبدالله، عٌين بن سلمان وزيرًا للدفاع دون أدنى خلفية عسكرية، حيث درس القانون من جامعة الملك سعود. ليفرد سلطته على أقوى الأذرع الأمنية في المملكة، وتقود المملكة بعدها بشهرين فقط التحالف العربي في اليمن، لتستمر الحرب في اليمن حتى الآن. ووسط إجراءات التقشف التي ظهرت في المملكة البترولية للمرة الأولى، دفع بن سلمان مليارات الدولارات لشراء الأسلحة من أمريكا وبريطانيا وروسيا وفرنسا. وفي يونيو 2017 أعفي الأمير محمد بن نايف من منصبه وليًا للعهد وكذلك من منصب وزير الداخلية، وتعيين بن سلمان خلفًا له في منصب ولي العهد، فيما تولى الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف منصب وزير الداخلية. وكان بن سعود بعيدًا عن دائرة السلطة، قبل تولي الملك سلمان للحكم، ليظهر بعدها الأمير البالغ من العمر 34 عامًا، ليعمل مستشارا في الديوان الملكي، ثم مستشارا في مكتب وزير الدفاع، وفي مايو 2016 عٌين مستشارا لوزير الداخلية. ليصبح في يونيو أصغر وزيرًا للداخلية، ويُبعد الأمير محمد بن نايف أكبر منافسي بن سلمان على عرش المملكة، عن أحد وزارة الداخلية أحد الأذرع الأمنية في السعودية. جاءت إقالة الأمير متعب بن عبدالله من منصبه وزيرًا للحرس الوطني السعودي، ضمن حملة الاعتقالات والاقالات الأخيرة، التي حدثت بعد قرار الملك سلمان بتشكيل لجنة لمكافحة الفساد في المملكة. و"متعب" هو أحد أبناء الملك السابق عبدالله بن عبد العزيز، وكان يشكل خطرًا على خطة بن سلمان لتولي الحكم بعد والده. ليأتي تعيين الأمير خالد بن عياف آل مقرن، ضمانًا لبن سلمان من تولي منافس له في الحكم وأحد أهم الأذرع الأمنية في المملكة، حيث لا ينتمي "بن عياف" للفرع الحاكم في السعودية. السيطرة الأمنية لبن سلمان قد تُرسِخ حكمه لعقود طويلة، نظرًا لصغر سنه، وهو ما قد ينبئ بنشوب أزمات مع الأسرة الحاكمة.