للمرة الأولى منذ بداية القرن الحالي، ارتفعت أعداد الجوعى حول العالم، الأمر الذي يدق أجراس الخطر حول تأثير الصراعات الجارية وتغير المناخ على التقدم الذي حدث في مواجهة الجوع على مدار السنوات الماضية. حيث أشارت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أن أعداد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية المزمن بلغ نحو 815 مليون شخص في 2016، بزيادة 38 مليون شخص عن 2015. وأرجع تقرير، نشرته خمس منظمات تابعة للأمم المتحدة، بعنوان" حالة انعدام الأمن الغذائي والتغذية خلال 2017"، تلك الزيادة إلى العنف المتزايد في العالم، وصدمات متعلقة بالمناخ. وأشارت الدراسة إلى ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يعانون من الجوع المزمن من 10.6% من سكان العالم في 2015 إلى 11% من إجمالي السكان في 2016. وأكدت سيندي هالمون، الباحثة الاقتصادية في منظمة الغذاء والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، إنه ليس من الواضح إذا ما كانت تلك الزيادة مجرد طفرة مؤقتة، أم إشارة إلى تغير وضع استمر للعديد من السنوات. إلا أنها أكدت أن زيادة الصراعات وتغير المناخ، بالإضافة إلى التباطؤ الاقتصادي، التي تسببت في جعل الوصول للغذاء أمر أكثر صعوبة على الفقراء، وانعدام الأمن الغذائي، هي أمور مثيرة للقلق. وأشارت هالمون إلى أنه" بالنظر إلى ال815 مليون شخص الذين يعانون من سوء التغذية المزمن، سنجد أن 489 مليون شخص منهم أي 60% منهم، يعيشون في المناطق التي تمر بصراعات". مضيفة "على مدار العقد الماضي، شاهدنا زيادة مطردة في الأماكن التي تعاني من الصراعات، وغالبًا ما تكون تلك الصراعات مرتبطة بظروف مناخية تلعب دور هام في تلك المشكلة". وأشارت مقدمة التقرير التي كتبها رؤساء المنظمات الخمس إلى أنه "على مدار العقد الماضي، زادت الصراعات بشكل كبير، وأصبحت أكثر تعقيدًا وصعوبة". مضيفة "أن هذا دق جرس إنذار لا يمكن تجاهله، لن نستطيع إنهاء الجوع وكل أشكال سوء التغذية بحلول 2030 إلا إذا حددنا كل الأسباب التي تهدد الأمن الغذائي". ومن جانبه أكد روبن ويلوبي، المسؤول عن الغذاء وتغير المناخ في منظمة "أوكسفام" الخيرية، "إن هذا بمثابة نداء إيقاظ للقادة والمؤسسات العالمية، لفعل المزيد لحل هذا المزيج الكارثي من الصراعات وتغير المناخ حول العالم". ويعد هذا التقرير هو الأول من الأممالمتحدة بخصوص الأمن الغذائي والتغذية على مستوى العالم، منذ تبني أهداف التنمية المستدامة والتي تهدف القضاء على الجوع وكل أشكال سوء التغذية بحلول 2030". وأشارت "الجارديان" إلى أن الجوع وصل لمستويات "خطرة" في مناطق كثيرة من العالم في خلال العام الماضي، مع إعلان مجاعة في مناطق جنوب السودان في فبراير الماضي، ووجود اليمن ومناطق شمال شرق نيجيريا والصومال على حافة المجاعة. وأضاف التقرير أن الأشخاص الذين يعيشون في البلدات المتأثرة بكوارث طال أمدها هم أكثر احتمالية بمرتين ونصف بالتعرض لسوء التغذية من الأشخاص الذين يعيشون في أماكن أخرى. مشيرًا إلى دور ظاهرة "النينو"، وهي ظاهرة مناخية تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية، في التدهور الحاد في الأمن الغذائي في مناطق جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، وغرب وجنوب شرق آسيا. وأكد التقرير أن معدلات سوء التغذية لدى الأطفال مازالت في تناقص، ولكن بمعدلات أبطأ في بعض المناطق، حيث مازال يهدد سوء التغذية حياة نحو 52 مليون طفل حول العالم. كما ارتفعت معدلات السمنة وزيادة الوزن بين الأطفال في بعض المناطق حول العالم، بينما زادت في كل العالم على مستوى البالغين. وأشار التقرير إلى أن فريقيا هي أكثر المناطق تعرضًا لانعدام الأمن الغذائي، حيث تأثر بها نحو 27.4% من السكان، بما يعادل أربع أضعاف أي منطقة أخرى. وتعد منطقة أمريكا اللاتينية أكثر المناطق التي شهدت زيادة في نسبة الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي حيث ارتفعت النسبة من 4.7% في 2015 إلى 6.4% في 2016.