باتت منطقة حوض الرمل بحي الوراق، شاهدا على واقعة قتل، حَملت قصتها قليلاً من الحب، وكثيرًا من الشك والانتقام، فى جريمة دارت أحداثها داخل شقة سكنية متواضعة، بطلها سائق قتل زوجته لشكه في سلوكها، ثم ذهب إلى المسجد للبكاء أمام الإمام والإقرار بجريمته، لينصحه بالاستغفار والتوبة وتسليم نفسه إلى قسم الشرطة، فاستجاب المتهم بعدما أنهى بالدم سنوات من الشجار الممزوج بالحب والمشكلات مع زوجته المجني عليها. جريمة لم تكتمل "هي بردو كانت عاوزة تموته من كام شهر.. ضربته بالسكينة في بطنه قبل كده وكان هيموت.. لكن ربنا سترها عليه والجيران لحقوه، وأبوه كان هيروح فيها".. كلمات فجرت مفاجأة، فى جريمة حى الرمل جاءت على لسان سائق سيارة نقل، من جيران المتهم. وأطلق السائق الخمسيني، حكمه على الجاني وضحيته كغيره من الجيران الذين شغلت الجريمة محور حديثهم وتفكيرهم على مدى الأيام الماضية، إذ اتكأ على سيارته، ليقول: "الست اللي مابتحترمش جوزها في غيابه قبل حضوره ماتستهلش إنها تعيش معاه في بيت واحد ويستأمنها على عياله.. لكن المفروض كان يطلقها مش يقتلها"، مؤكدًا أن المتهم (م.ع)، 30 عاما، كان يشك في سلوك زوجته خلال الفترة الأخيرة، ما تسبب في حدوث خلافات حادة ومشاجرات بين الطرفين، كان كل منهما يتعدى خلالها على الآخر، بالسب والضرب بين الحين والحين. وأشار السائق إلى أن خلافات جاره لم تكن ثنائية الطرف، إذ كانت مشاجرات عدة تنشب بين القتيلة ووالد زوجها، ما كان يجبر المتهم على التدخل للفض بينهما والاشتباك أحيانًا معهما كطرف ثالث، مؤكدًا أن المتهم كان دائما ما يشكو للأقربين منه أفعال زوجته، ويبدي شكه في سلوكها، وعدم إخلاصها له، وكثيرا ما يفكر في الانفصال عنها، لكن يخشى على أطفاله أن يدفعوا ثمن انفصالهما. 3 مرات انفصال وفجرت "أسماء.ج"، جارة المجنى عليها، مفاجأة من كواليس الحياة بين الزوجين، إذ كشفت أن القتيلة سبق أن حاولت قتل زوجها باستخدام سكين، إذ طعنته في منطقة البطن، بعد مشادة حادة بينهما بسبب معاتبة زوجها لها، على معاملتها السيئة لوالده، ونجح الأهالي فى نقله إلى المستشفى وتم إسعافه، بينما أصيب الأب بانهيار كاد يصاب بأزمة قلبية، فبينما كانت الزوجة تتهم الأخير بأنه هو من يفتعل معها المشكلات بسبب ودون سبب، وتتهم زوجها بالانحياز لوالده معلقة: "كانت بتقوله انت اللي بتقوى أبوك عليا.. وانت سبب المشاكل دي كلها.. صوتهم كان بيبقى عالي أوي لما يتخانقوا مع بعض، والشارع كله كان بيسمع خناقاتهم". وأشارت أسماء إلى أن الزوجين انفصلا بعد واقعة السكين هذه، إذ أصر الزوج على تطليقها، لكن سرعان ما تغيرت الأمور بينهما بعد ما تدخل عدد من الجيران والأقارب للصلح بينهما، وبالفعل عادا للعيش معا، وأنجبت المجني عليها طفلتها الثانية، لكن الأمور لم تظل هادئة كما أرادا، إذ مرت أشهر قليلة، وبدأت المشكلات والخلافات الحادة تطل برأسها مرة أخرى على منزل العائلة الصغيرة، وتطورت سريعا لتصل إلى قرار الانفصال، وبالفعل حدث الطلاق للمرة الثانية. وأكدت الجارة أن الزوجين عادا ثانية بعد طلاقهما الثاني بقرابة عام، وكان الجميع يعلم أنهما تزوجا بعد قصة حب استمرت لسنوات، وربما كان ذلك دافعا لعودتها بعد الانفصال أكثر من مرة، متابعة: "هو كان بيقول إنها بتمشي مشي مش كويس.. وبتعرف رجالة.. بس بصراحة ماحدش شاف عليها حاجة قبل كده". غريب في شقتي أحد أقارب المتهم، يدعى "أحمد.و"، أكد ل"التحرير" أن الزوج اعتاد الفضفضة مع أصدقائه والأقربين منه، ودائما ما كان يبوح لهم بما يخفي قلبه من شكوك في سلوك شريكة حياته، مشيرا إلى أن الزوج أكد لأحد المقربين منه أن ابن الجيران وهو طفل لم يتعد عمره ال8 سنوات، أخبره أنه شاهد زوجته تجلس في ساحة الشقة وتدخن السجائر، وهي تتحدث في هاتفها في أثناء غيابه عن المنزل، بينما أكد له أحد جيرانه أن تصرفات زوجته تثير الريبة والشكوك حول سلوكها. وشرح قريب المتهم أنه فى يوم الحادث، كان الزوج عائدا من عمله، وشاهد أحد الأشخاص تبدو عليه علامات القلق، في أثناء نزوله من العقار الذي يقطن به، فأسرع الزوج إلى شقته، وقبل أن يصل إلى الطابق السادس وهو الطابق الذي يسكن به، سمع صوت باب شقته، كأن أحدا ما أغلقه، فهرع المتهم لأعلى وظل يطرق الباب بعنف قبل أن تفتح زوجته، ويواجهها بما لديه من شكوك، وأنها لم تكن المرة الأولى التي يلاحظ عليها ملامح الخيانة، وأنه سبق أن سمعها تتحدث إلى غرباء، ودائما ما كانت تغلق المكالمة مسرعة إذا شعرت بعودته، وفي هذه المرة واجهته الزوجة بعنف، وأكدت له أن ما يدور في باله ليس إلا أوهاما، وأنها سئمت شكوكه والحياة معه، واستشاط الزوج غضبا، بينما ذهبت زوجته إلى المطبخ لتعد له وجبة العشاء. قطع لسانها وتابع قريب المتهم: مرت دقائق وسمعنا صوت صراخ يأتي من الطابق الذي يقطن به المتهم، فعلمنا أن مشاجرة دارت بينهما كالمعتاد بسبب خلافاتهما وشكوكه، لكن لم نكن نعلم أن هذه المشاجرة هي الأخيرة، إذ أطبق الزوج بيديه على رقبة زوجته، ولم يتركها إلا جثة هامدة، قتلها خنقا داخل المطبخ، بعد مشاجرة استمرت بينهما لدقائق سمعنا فيها تفاصيل الأحداث، وتبين لنا فيما بعد أن المشاجرة تضمنت تعديا بالضرب على الزوجة بما أصابها بكدمات في أنحاء متفرقة بالجسم نتيجة محاولتها مقاومة المتهم، وكان ضمن إصاباتها إصابة بالفم، وادعى أفراد أسرتها بسببها أن الزوج قام بقطع لسانها بعدما قتلها. وشرح قريب المتهم أنهم علموا فيما بعد أن الزوج بعدما أنهى حياة زوجته، أغلق باب شقته وذهب إلى أحد أئمة المساجد واعترف له بجريمته، فطلب منه الأخير أن يستغفر ربه على فعلته، ويسلم نفسه إلى قسم الشرطة، وبالفعل ذهب الزوج إلى قسم شرطة الوراق وقام بتسليم نفسه، ليواجه مصيره خلف الأسوار.