كتب: عبدالرحمن محمود قبل يومين، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية لأصغر دولة خليجية، قطع العلاقات بين المنامةوالدوحة "استنادا إلى إصرار دولة قطر على المضي في زعزعة الأمن والاستقرار في مملكة البحرين والتدخل في شؤونها والاستمرار في التصعيد والتحريض الإعلامي ضدها"، تزامنا مع قرار مشابه للسعودية والإمارات ومصر، ودول أخرى. الخلاف البحريني - القطري، باعتباره إحدى حلقات الصراع بين الخليج والدوحة الذي استعر مؤخرا بإعلان 3 دول خليجية، قطع علاقاتها مع قطر، لم يكن وليد اللحظة، بل إنه ضارب في أعماق التاريخ، إذ يمتد لنحو قرنين من الزمان. الصراع الذي ظهرت إرهاصاته الأولى في عام 1860، في شكل سلسلة من النزاعات الصغيرة على الأرض، قبل أن يتحول إلى تصعيد عسكري في 1867، عندما قبض الجيش البحريني على مجموعة من بدو قطر في بر البحرين "الزبارة والمناطق المجاورة لها حاليا"، وأبعدهم إلى جزيرة البحرين. وردا على اعتقال البدو، هاجمت بعض القبائل القطرية، الجيش البحريني الذي كان متمركزاً في شبة الجزيرة القطرية، وتم طرده منها، قبل أن يؤدي تدخل الجيران في الحرب، إلى تصعيد التوتر، وتدمير أجزاء واسعة من الدوحة والوكرة، مركز آل ثاني. في عام 1868 ردت قوات آل ثاني على الهجوم الأول ما أسفر عن تدمير 600 سفينة بحرينية وقتل 1000 مقاتل، وانتهت الحرب بالاعتراف بدولة قطر تحت حكم آل ثاني، والبحرين تحت حكم آل خليفة. 1937 هاجمت القوات القطرية منطقة الزبارة التي كانت تابعة للبحرين، والواقعة ضمن شبه الجزيرة القطرية في الناحية الشمالية الغربية منها. 1939 قررت بريطانيا، منح أرخبيل جزر حوار إلى البحرين، التي حولتها البحرين إلى موقع سياحي ولكن قطر لم تعترف بالقرار البريطاني في ذلك الوقت. ووفقا للبحرين، فإن قطر لم تكتف بانتزاع الزبارة المقر الأصلي لآل خليفة الأسرة الحاكمة في البحرين، بل سعت للسيطرة على مجموعة جزر حوار وفشت الديبل وجزر أخرى صغيرة تابعة للبحرين تشكل في مجموعها ثلث مساحة البحرين، قبل أن تتدخل بريطانيا التي كانت تفرض حمايتها على أجزاء واسعة في الشاطئ الشرقي لشبه الجزيرة العربية في النزاع بين قطروالبحرين وتمت تسوية النزاع وترسيم الحدود بينهما. 1986 أنزلت قطر قواتها على جزيرة فشت الديبل البحرينية، والتي تقع إلى الشمال شرق من جزيرة البحرين الرئيسية، حيث احتجزت 29 من الموظفين وعمال البناء الذين كانوا يعملون في إنشاء مخفر لشرط السواحل. الجارة الكبرى، السعودية، تدخلت لحل الأزمة، عبر لجنة ثلاثية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وعضوية كل من أمير البحرين السابق الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وأمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني هدفها البحث عن حل ودي للخلاف. 1987 وافق الطرفان بشكل مبدئي على إطار مبادئ للحل اقترحته السعودية، والذي نص على أنه إذا لم تنجح المفاوضات بين الطرفين للتوصل إلى اتفاقية شاملة لتسوية الخلاف يقوم الطرفان بإجراء مفاوضات لاحقة لتقرير أفضل السبل للوصول إلى تسوية عن طريق القانون الدولي. 1991 توجهت قطر بشكل منفرد إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، مطالبة بتأييد رغبتها في إعلان السيادة القطرية على جزر حوار وجزيرتي فشت الديبل وقطعة جرادة، وإعادة ترسيم الحدود البحرية الفاصلة بين قيعان الأراضي والمياه اللاصقة لها والعائدة لكل من قطروالبحرين. 1992 اشتد الخلاف بين الطرفين عقب إعلان أمير قطر السابق، الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، قرارا يقضي بتحديد حدود المياه الإقليمية لبلاده ب44.4 كيلومتر، مما يعني شمول حوالي 10 جزر واقعة تحت السيادة البحرينية ضمن الحدود القطرية. 1998 قدمت البحرين طعنا على الوثائق التي قدمتها قطر للمحكمة، على أساس أنها وجدت مزورة من حيث الأختام والأحبار ونوعية الأوراق المستخدمة والتي قدمتها قطر لتدعيم قضيتها ضد البحرين، قبل أن تتخلى قطر عن الوثائق التي ثبت أنها مزورة. 2001 قررت المحكمة الدولية أن البحرين لها الحق في جزر حوار، ورفضت دعوى قطر للمطالبة بها لكن المحكمة قررت أيضا سيادة قطر على جزيرة زبارة ورفضت الدعوى البحرينية المطالبة به كما حكمت المحكمة التي تعد قراراتها ملزمة ونهائية، بسيادة قطر على جزيرتين صغيرتين هما جنان وحدّ جنان. 2011 تقدمت البحرين باحتجاج لحكومة قطر، بسبب فيلم بثته قناة الجزيرة، يسلط الضوء على الاحتجاجات المستمرة من قبل الشيعة في البحرين ضد الحكومة، فيما اتهمت وسائل الإعلام البحرينية، القناة القطرية ببث الأكاذيب والافتراءات. مارس 2014 في خطوة هي الأولى من نوعها على مر تاريخ مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته، قررت البحرين والسعودية والإمارات، سحب سفرائها من دولة قطر، ردا على على سياسة الدوحة "التي تتنافى مع الاتفاق الأمني الذي وقَّعه قادة الدول الست الأعضاء بالمجلس في يناير؛ والذي يكفل عدم التدخُّل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر"، بحسب البيان المشترك. وعللت الدول الثلاث موقفها بسحب السفراء بعدم التزام الحكومة القطرية باتفاق الرياض؛ الذي وهع عليه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في يناير من العام نفسه. نوفمبر 2014 بعد نحو 8 شهور من سحبه، عاد السفير البحريني إلى قطر، بعد إعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين، أنها قررت "عودة سفرائها إلى دولة قطر"، بموجب اتفاق جديد تحت اسم "اتفاق الرياض التكميلي". يونيو 2017 أعلنت البحرين إضافة إلى السعودية والإمارات ومصر، ودول أخرى، قطع علاقاتها مع قطر، على خلفية اتهامات للدوحة بدعم الجماعات الإرهابية. وبحسب بيان لوكالة أنباء البحرين، فإن "قطع العلاقات جاء بسبب دعم قطر للأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى في البحرين، في انتهاك صارخ لكل الاتفاقات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي". كما أعلنت قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر حفاظا على أمنها الوطني وسحب البعثة الدبلوماسية البحرينية من الدوحة وإمهال جميع أفراد البعثة الدبلوماسية القطرية 48 ساعة لمغادرة البلاد مع استكمال تطبيق الإجراءات اللازمة، فضلا عن إغلاق الأجواء أمام حركة الطيران وإقفال الموانئ والمياه الإقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر خلال 24 ساعة من إعلان البيان.