"نور الله لا يُطفئه بشر".. بتلك الجملة علق المرشد العام لجماعة الإخوان، محمد بديع، على الجزء الأول من مسلسل الجماعة، للسيناريست الكبير وحيد حامد، والذي عرض قبل ثورة 25 يناير، ووعد "بديع" في حينها بأنه سيتم الرد على ما جاء به من "مغالطات". واليوم تعرض حلقات الجزء الثاني من "الجماعة"، بينما يقبع "بديع" في السجن، حيث يحاكم في عدة قضايا، ولم يخرج أي رد على ما جاء بالجزء الأول إلى الآن. لم يذع من الجزء الثاني أكثر من 5 حلقات، إلا أنه جذب متابعين كثر، ومن بينهم أنصار الجماعة، الذين كالوا للقائمين عليه، وبالخصوص "حامد"، السباب والشتم، إضافة إلى التهديدات من بعضهم. "إهانة" البنا وعلى الصفحات الخاصة بهم، انتقد عناصر "الإخوان" ما جاء في الحلقات السابقة، وعلى رأسها الحلقة الرابعة، التي تضمنت مشاهد لمبايعة الداعية الإخوانية، زينب الغزالي، لمؤسس الجماعة، حسن البنا، حيث قالوا إنها مستوحاة من "خياله المريض". ما أثار حنق "الإخوان" هو الأسلوب الذي ظهر فيه مشهد البيعة، حيث اختلى "البنا" ب"زينب الغزالي"، ودار بينهما نقاش قبل أن تقبل بحديثه، ذاكرين أن المقصود بهذه المشاهد هو إهانة "البنا"، فيقول أحدهم: "المقصود تشويه الشيخ حسن البنا، حيث يظهر وهو يجلس مع امرأة منفردا، ويحدثها عن الجسد، ويمسك يديها باسم المبايعة، النية واضحة في الطعن وإظهار أنهم ليسوا أصحاب دعوة". "زينب الغزالي" كانت ترأس جمعية تحمل اسم "السيدات المسلمات"، حينما انضمت إلى جماعة الإخوان، وليس هناك سنة محددة لذلك، وإن كان في الأغلب عام 1949 وفق مصادر مختلفة، وظلت تخدم مصالح الجماعة، وحتى ما بعد ثورة 1952، حيث رفضت الخضوع لإشراف الاتحاد الاشتراكي، فألقي القبض عليها عام 1965، وسجنت لمدة 6 سنوات، حتى أفرج عنها الرئيس الراحل محمد أنور السادات بعد "ضغوط عربية". الزعيم والجماعة أما ما فتح بابًا للجدل بين شباب الجماعة، في تعليقاتهم على المسلسل، هو "عضوية" الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، في الجماعة، حيث اختلفوا في تناولهم تلك النقطة. البعض منهم نفى عضوية "عبد الناصر" السابقة بالجماعة، وإن ما لم ينف أنه كان على اتصال ببعض الشخصيات المحسوبة على الإخوان، ضاربين المثل بالفترة الخاصة بحرب فلسطين، والتي كان فيها تنسيق بين الجماعة، التي خرج منها مئات الشباب للقتال، والجيش ومن ضباطه "عبد الناصر". آخرون تحدثوا عن علاقة عضوية بين "الجماعة" و"عبد الناصر"، منوهين بأن الأمر لم يقتصر فقط على الفترة ما قبل ثورة 1952، وأنما استمرت تلك "العلاقة" حتى العام 1954، مدللين بالصورة التي التقطت للزعيم الراحل وهو عند قبر "حسن البنا"، في ذكرى وفاته، وما يدعم روايتهم شهادتي خالد محيي الدين، وعبد اللطيف البغدادي، وهما عضوان بتنظيم الضباط الأحرار، إضافة إلى ما كتبه محمد حامد أبو النصر، المرشد العام الرابع للجماعة، في هذا الأمر. المؤرخون لتلك الفترة يرون أن "عبد الناصر" رأى أن الجماعة تبحث عن تحقيق أهدافها، بما يتعارض مع الأهداف الوطنية، إضافة إلى محاولتها فرض "أجندتها" الخاصة، كما أن مشروعه الإصلاحي في تلك الفترة، والتي تبنى فيه إعادة توزيع الثروات وتأميم الموارد، اختلف مع "نهج" الجماعة، التي ضمت بين صفوفها العديد ممن يمكن إطلاق وصف "الإقطاعي" عليهم. الترحيب رغم الانتقادات الواسعة التي حظى بها المسلسل بين صفوف الإخوان، إلا أن البعض وجد فيه "إيجابية" لهم، فيقول أحدهم: "المسلسل يعيد الجماعة مرة أخرى إلى الواجهة في ساحة إعلامية انقطعت أخبارها عنها، فحتى لو تضمن مغالطات ونيل منها، فهي حاضرة". فيما أيد آخر هذا الرأي، مشيرًا إلى أن الشخصيات التي ظهرت حتى الآن في الحلقات، "لم يعد يتذكرهم أحد، وترديد أسمائهم مجددًا مكسب"، حسب تعبيره. ويقول ممدوح أحمد، الخبير في الجماعات الإسلامية، إن المسلسل كما أنه عبء على الإخوان، فهو فرصة لهم، لكي يعودوا إلى الواجهة مرة أخرى، بعدما انحصر ذكرهم تمامًا، منوهًا بأنه في الوقت نفسه لا يجب التعاطي مع المسلسل أكثر من أنه عمل درامي، ولا يجب أن يتم الاستناد إليه كمرجعية لأحداث تاريخية. وبيَّن، في تصريحات خاصة، أن الجماعة الآن تسعى إلى العودة بأي طريقة، خاصة بعد الانشقاقات والأزمات الداخلية التي تضربها مؤخرًا، فضلًا عن أن التوجه العالمي حاليًا أصبح ضدهم بشكل أكبر، ما دفعهم حتى إلى المسارعة بإدانة الهجوم الأخير الذي وقع في مانشيستر ببريطانيا، كما أن قطر حليفتهم، أصبحت تتعرض لضغوط ضخمة حالية للتخلي عنهم.