تحت عنوان (مصادر: ترامب سيعلن من الرياض عن "ناتو عربي إسلامي سني")، روَّجت وسائل الإعلام الروسية لمادة طريفة نشرها موقع "ديبكا" الاستخباراتي الإسرائيلي، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيعلن من العاصمة السعودية الرياض عن تشكيل ما أسماه "ناتو عربي إسلامي سُني". وبالطبع، فالقارئ لا يعرف بالضبط على من تعود كلمة "ما أسماه": على الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي أم على الرئيس دونالد ترامب! وتقول وسائل الإعلام الروسية إنه وفقا للموقع ذاته فإن السعودية تبدي اهتماما كبيرا بالزيارة التي سيجريها الرئيس ترامب، مشيرا إلى أن العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز سوف يوجه الدعوة إلى 17 من رؤساء الدول العربية والإسلامية للمشاركة في لقاء القمة الذي سيجمعه بالرئيس ترامب في العاصمة السعودية الرياض والمزمع عقده في 22 مايو الجاري. وقد نوه الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي، وفقا لوسائل الإعلام الروسية، إلى أنه من بين المدعوين، قادة وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وملك المغرب محمد السادس، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي. كما أشار الموقع الإسرائيلي إلى أن حضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيتأكد في أعقاب لقائه بالرئيس ترامب الثلاثاء في البيت الأبيض خلال زيارته إلى واشنطن. أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فلم يؤكد مشاركته بعد تسلمه دعوة من قبل الملك سلمان بن عبدالعزيز، غير أن الرئاسة المصرية قالت إن الرئيس السيسي أعرب عن تقديره لدعوة العاهل السعودي للمشاركة في القمة، خاصة في ضوء دقة المرحلة التي يمر بها العالم العربي، والتحديات المختلفة التي تواجه المنطقة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب". وفيما يخص الموقف الإيراني من هذا الحدث المرتقب فقد أفاد موقع "ديبكا" أن إيران التي تنشغل حاليا بانتخابات الرئاسة، تنظر بشكوك إلى الاستعدادات للقمة الأمريكية – الإسلامية في الرياض، من زاوية أنه في حال شكل جيش عربي– إسلامي، فإنه سيكون جيش سني هدفه الرئيسي لن يكون محاربة تنظيم داعش، ولكن محاربة الشيعة في إيران والعراق وسوريا وحزب الله في لبنان بحسب تكهنات خبراء الموقع الاستخباري الإسرائيلي. وعن دور إسرائيل، كما تقول وسائل الإعلام الروسية، أفاد موقع "ديبكا" الإسرائيلي بأن وسائل إعلام إيرانية بدأت التأكيد على أن خطة الرئيس ترامب تنص على أن تكون إسرائيل هي من ستزود الجيش العربي – الإسلامي بتدفق المعلومات الاستخبارية التي يحتاجها التحالف في إشارة إلى الإمكانيات التكنولوجية التي تمتلكها الاستخبارات الإسرائيلية، من أقمار اصطناعية وأجهزة وبرمجيات متطورة للرصد والتعقب وتحليل المعلومات. الفقرة الأخيرة تحديدا، تكشف مدى التلفيق وسوء النية، والإصرار على ترويج شكل من أشكال "الفنكوش" السياسي والإعلامي. إضافة، طبعا، إلى زيادة نسبة المشاهدة وفقا لأبجديات "البورنو الإعلامي". والطريف أن هذه الفقرة تحديدا تكشف الأوهام الإيرانية، والتهيؤات الروسية، لنكتشف بدورنا أن الإسرائيليين أخذوا عن الإيرانيين، وأخذ الروس عنهما، لندور في حلقة مفرغة من "البورنو الإعلامي" المثير للسخرية. وفي نهاية المطاف، نكتشف بساطة أن موضوع "الناتو العربي الإسلامي السني" مجرد "فنكوش" أخذه الروس من الإسرائيليين الذيم أخذوه بدورهم عن الإيرانيين، وأضافوا بعض التحابيش وأطلقوها بطريقتهم، فوصلتنا نحن "ناتو عربي إسلامي سني أمريكي"، ثم أخرجتها وسائل الإعلام، ووسائط التواصل الاجتماعي بأن الولاياتالمتحدة تشكِّل "ناتو عربي إسلامي سني صهيوني". غير أن الموضوع ليس كذلك إطلاقا، وما هو إلا فنكوش روسي - إسرائيلي.. وكل طرف منها له هدفه من هذا الفنكوش. الروس لديهم رغبة وأمل لتسويقه، انطلاقا من تحالفهم مع إيران وحزب الله والأسد وانشغالهم بالتفاصيل الدينية والمذهبية واستخدامها بشكل مثير للتساؤلات من جهة، وصراعاتهم مع الولاياتالمتحدة، والتي تدور غالبيتها إن لم يكن كلها في إطار صراع رأسمالي وتقسيم مناطق نفوذ وثروات وبيع سلاح. والإسرائيليون لهم أيضا أهدافهم الأكثر خبثا من أهداف الروس، والمرتبطة بصراعاتهم مع أطراف كثيرة تبدو أنها صديقة لهم في العلن، لكن تل أبيب تعمل دوما على تركيع حتى أصدقائها وابتزازهم حتى النهاية لتمثيل دور الضحية التاريخية! كل ما في الأمر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيزور السعودية وسيعقد لقاء مع زعماء وقادة مجلس التعاون الخليجي، وسوف تتم دعوة عدد من زعماء وقادة المنطقة. لبحث ومناقشة مصالحهم مع بعضهم البعض، بصرف النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا معهم ومع مصالحهم وأليات تحقيقها. فهم زعماء متحالفون أصلا وبينهم مصالح وقواعد عسكرية وضمانات بالحماية ومعونات عسكرية وغير عسكرية، وتحالفات متعددة الدرجات والمستويات. من حقنا أن نقول ما نريده، انطلاقا من معلومات ووقائع. ومن الممكن أيضا أن نبني وجهات نظرنا وآراءنا بشكل جيد ورصين ومحترم على أساس مشاهدات من الواقع والتاريخ والأحداث. لكن من المدهش والمثير للتساؤلات أن نترك المواضيع الأساسية المهمة التي تخصنا وتهمنا وتحتاج لجهودنا الذهنية والإعلامية والسياسية، ونسلِّم أنفسنا للفنكوش الذي يروِّج له الروس والإسرائيليون. فهل يعرف هواة الترويج وأصحاب نظرية المؤامرة وجهة نظر الروس في أي حراك اجتماعي في مصر، وبالذات في ما يتعلق بيناير ٢٠١١؟ هل يعرف هؤلاء رأي الإسرائيليين في نفس هذا الموضوع؟