تعرضت وزير الدفاع الألماني لضغوط حادة بعد سلسلة من الفضائح في القوات المسلحة شملت التحرش الجنسي والبلطجة ومؤامرة اليمين المتطرف لهجوم إرهابي بدافع عرقي. واعترفت "أورسولا فون دير لين" بتحملها "مسؤولية كل ما يحدث في القوات الألمانية"، وحملت في الوقت ذاته قيادة الجيش الضعيفة الخطأ، مطالبة بإجراء تحقيقات واقعية للتعامل مع القضايا، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية. وذكرت "الصحيفة" أن الأمر يعود إلى قضية أحد الضباط الألمان الذي انتحل صفة لاجئ سوري، وقدم طلبًا للجوء العام الماضي وافقت عليه السلطات، ولكن الشرطة اعتقلته الأسبوع الماضي بتهمة التخطيط لتنفيذ أعمال عنف، بالغضافة إلى عثورها على متفجرات في منزل شريكه. الجندي الذي يبلغ من العمر 28 عامًا يدعى "فرانكو ايه" يعتقد أنه يستهدف طالبي اللجوء والسياسيين اليساريين ومنهم وزير الداخلية الاشتراكي الديمقراطي "هيكو ماس" و الرئيس الألماني السابق "يواكيم غوك". وأشارت "الجارديان" إلى أن الجندي كان قد عبَّر عن آراء يمينية متطرفة في 2014، وكان الجيش على علم بذلك، لكنه تجاهل تلك المخالفات. وعلى أثر ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع: إن "(دير لين) ألغت رحلة إلى نيويورك وواشنطن للتركيز على التحقيق في القضية، حيث كان من المقرر أن تلتقي بمسؤولين في الأممالمتحدة لمناقشة النزاع في سوريا وأوكرانيا وكذلك نظيرها الأمريكي جيمس ماتيس. "الجارديان" لفتت إلى تقرير نُشر في أبريل الماضي لجهاز مكافحة التجسس العسكري، جاء فيه - بأنه يتم التحقيق في 275 قضية لضباط يحملون وجهات نظر يمينية متطرفة، حيث أوضح التقرير أن الأفكار اليمينية المتطرفة لطالما كانت داخل الجيش الألماني كنتيجة للهوس المستمر بقوات (الفيرماخت) في عصر هتلر. وأشار التقرير أيضًا إلى العديد من الحوادث الأخرى، ففي عام 1995، دعت مدرسة عسكرية أحد النازيين الجدد الذي سجن لدوره في أحد التفجيرات، للحديث، وفي عام 1997، ظهر مقطع فيديو لجنود يطلقون تصريحات معادية للسامية ويقومون بعمل التحية النازية. ونقل عن فيليب ليزينهوف الباحث والذي عمل سابقا في القوات الخاصة الألمانية قوله: إن "ذلك الاتجاه يعد انعكاسًا للتقديس المستمر من أفراد الجيش لقوات الفيرماخت التي كان ينظر لمقاتليها أنهم أقوياء ومحنكون"، لافتًا إلى أن بعض الشعارات التحفيزية النازية كانت حاضرة أثناء وجوده في صفوف القوات الخاصة، ولم يكن الأمر خفيًا عن السلطات، إلا أنها كانت تميل لتجاهله. وأوضح التقرير أن معدل الجرائم المرتكبة من قبل اليمينيين المتطرفين من عام 2014 إلى 2015 داخل ألمانيا، ارتفع بنسبة 42% بحسب تقرير لوكالة الاستخبارات الداخلية بألمانيا، مؤكدًا أن الأفكار الخاصة بالنازية الجديدة تنتشر بكثرة في شرق ألمانيا - حيث كانت مدينة روستوك معقلًا لأعمال شغب عنيفة ضد المهاجرين عام 1992، لينتشر بعدها التطرف اليميني لمناطق أخرى بالبلاد، وهو ما أثَّر على القوات المسلحة - حيث تبلغ نسبة عناصر الجيش من مناطق الشرق بألمانيا "الثلث". واعتبر التقرير أن ألمانيا لم تكن متسامحة أبدًا مع مشاعر التطرف، فعلى سبيل المثال في عام 2007 أدين إرنست زوندل أحد المشككين في المحرقة، بالتحريض على الكراهية العنصرية وحكِم عليه بالسجن 5 أعوام. ومن جانب إجراءات السلطات لمحاربة التطرف، قال التقرير: إن "الحكومة عينت 90 موظفًا جديدًا العام الماضي بجهاز مكافحة التجسس العسكري، والذي يقوم بالتحقيق في التطرف السياسي داخل القوات المسلحة، فضلًا عن قوانين جديدة ستدخل حيز التنفيذ في يوليو المقبل، وبموجبها سيخضع المتقدم للجيش لفحص أمني قبل أن يشغل أي منصب، والهدف من ذلك هو إبعاد المتطرفين عن الجيش".