يزرعون نبات البردى، يتخذونه تجارة، فيكتبون عليه بالهيروغليفية والعربية، يرسمون لوحات فرعونية وإسلامية وقبطية، حياتهم عنوانها الفن والجمال، فعيونهم ترى الماضى، وأياديهم تجسده على تلك الألواح البردية، التى صنعت بأيديهم، بداية من وضعها بذرة فى الأرض وانتهاءً بحصادها، وتجهيزها ألواحًا جاهزة للنقش والرسم.. هؤلاء ليسوا من الزمن السابق، إنما يعيشون بيننا الآن، فى قرية القراموص بمحافظة الشرقية. «التحرير» زارت القرية، والتقت الأهالى ليحكوا عن حكاياتهم مع ورق البردى، ورسوماتهم، التى يهدفون منها لترويج السياحة.. ماضى أجدادنا يقول الحاج حسين، 60 عامًا، أحد أبناء الرابطة المصرية لمزارعى البردى، «نزرع البردى وبعد أربعة أشهر نحصده، ونقوم بتقطيعه إلى أجزاء صغيرة من الخشب، ثم نطبخه عن طريق حفظه فى خلاط ساخن، وبعد ذلك يقطع فى المكبس إلى مقاسات معينة، وبذلك يكون جاهزًا لعمل الرسومات والأيقونات والتحف والهدايا» وأضاف، حسين «نصنع كل شى ورق وتحف وهدايا، والسياح بييجوا لقريتنا ويتفرجوا على زراعة النبات اللى من 7 آلاف سنة بيتزرع، إحنا بنحيى ماضى أجدادنا القدماء ونساهم فى نشر حضارتهم والترويج السليم للسياحة فى البلد». البذور غالية والفلاح فقير وعن المعوقات، التى تواجه زراعة البردى، قال «البذور غالية الثمن، والفلاح لا حول له ولا قوة فقير معدم الحال، وحل المشكلة دى هو لازم الحكومة تساعد وتدى فلوس لمزارعى البردى عشان تنضج الفكرة وتكبر وبدل ما يكون 4 آلاف فدان، يبقوا 40 ألف، وأهو كل خير للبلد». «البردى» فخر لنا فاطمة ابنة الحاج حسين، طالبة بجامعة الأزهر، تعمل مع والدها، وحلمها أن يعلم الجميع أن البردى فن عظيم، «باجى من الكلية بعد الضهر وبعد ما بذاكر اللى عليا بقعد أقطع مقاسات البردى بعد الطبخ ودى شغلانة سهلة جدا وفى الحقيقة بتوفرلى فلوس عشان الدراسة ومصاريفها، وعمرى ما انكسفت من شغلنا لأننا أساسا بنفتخر بيه». متحف مفتوح أم سعيد امرأة تعدت الأربعين عامًا، تصحى باكرًا وإلى المشغل تتجه، حيث مزارع البردى على الجانبيين، تحكى أم سعيد، «مابتفرقش معايا إنى أشتغل فى الغيط أو فى الورشة بتاعه التصنيع أو طبخ البردى، المفروض قريتنا دى تبقى متحف مفتوح لكل الزوار يزوروا ويشوفوا إن بعد العمر دا كله لسه ناس بتزرع وتحصد وعايشه على طريق أجدادهم وأنا فخورة بشغلانتى دى».