الروائى السورى: لست ممنوعًا من دخول مصر.. وعدم مجيئى القاهرة بسبب تأخر «الفيزا» هو من أبرز الكتّاب السوريين المهتمين بما يجرى على الصعيد السياسى. انعكس ذلك بوضوح فى روايته «مديح الكراهية» التى وصلت إلى القائمة القصيرة فى الجائزة العالمية للرواية العربية فى دورتها الأولى عام 2008. كما عرف بمواقفه المناصرة للثورة السورية منذ بدايتها، بينما تعرض للاعتداء عليه من قبل أجهزة الأمن التابعة لنظام بشار الأسد، فى أثناء مشاركته فى تشييع جنازة الموسيقى ربيع غزى. «التحرير» التقت الروائى السورى خالد خليفة فى أول حوار له بعد حصوله على جائزة نجيب محفوظ التى تمنحها الجامعة الأمريكيةبالقاهرة لعام 2013، وذلك للتعرف عما تمثله الجائزة له، ورأيه فى ما يجرى على الساحة السياسية بسوريا، وتأثره به، ودور الثقافة فى ظل الظرف الراهن. ■ بعد إعلان فوزك بالجائزة.. البعض قال إن اختيارك جاء لاعتبارات سياسية ولما يجرى فى سوريا حاليًّا فما ردك؟ - أعتقد أن تقارير لجنة التحكيم قالت عكس ذلك، وأن الفوز جاء لاعتبارات فنية ومهنية وأدبية بعيدًا عن الاعتبارات السياسية. ■ برنارد شو قال حينما رفض جائزة نوبل «الجائزة حين تأتى للأديب بعد اكتمال تجربته تصبح مثل طوق النجاة، الذى يلقى به للغريق بعد وصوله للشاطئ».. فهل تنطبق تلك تنطبق عليك؟ - من الممكن أن تفقد الجوائز المتأخرة بريقها، لكن تجربتى لم تكتمل بعد، ما زلت أتعلم كل يوم شيئًا جديدًا عن الكتابة. ■ وما الذى تمثله لك جائزة كهذه؟ - هذه الجائزة بالنسبة لى تمثل قيمة معنوية كبيرة، خصوصًا أنها تحمل اسم كبير الروائيين العرب ومؤسس سردهم، إضافة إلى أنها تعنينى أنها جائزة من القاهرة التى أنا واحد من عشاقها الدائمين. ■ وهل ترى أن الجوائز هى التقييم الحقيقى للكاتب، خصوصًا أنه قبل هذه الجائزة، تم اختيار روايتك «مديح الكراهية» ضمن أفضل مئة رواية فى التاريخ؟ - الجوائز هى إشارات ليس بالضرورة صائبة دومًا، لكن كيف يجب أن ننظر إلى هذه الجوائز فى سعينا لنكون كتابًا جيدين، هى دعم معنوى يحتاجه الكتاب، خصوصًا فى عالمنا العربى، حيث لا تمثل الثقافة قيمة محترمة بالنسبة للجمهور، لذلك هى دعم للثقافة وليس للكاتب فقط. ■ وبما أنك فزت بجائزة تحمل اسم الأديب الكبير نجيب محفوظ.. كيف تأثرت بهذا الكاتب؟ - نجيب محفوظ ترك لنا إرثًا كاملًا، أعتقد أنه سيبقى فى تاريخ الأدب وذاكرتنا، حين كنت أقرأ روايات نجيب محفوظ كنت أفكر بالجملة المضبوطة، بالنثر العميق، باللغة ورسم الشخصيات. عمومًا نجيب محفوظ ترك بصماته على كل الروائيين العرب، لأنه صاحب التجربة المكتملة فى الرواية العربية. ■ البعض أشاع أن تأخر مجيئك للقاهرة كان سببه منع السلطات المصرية دخولك إلى البلاد.. فما صحة هذا؟ - السبب هو تأخر «الفيزا» إلى يوم الاحتفال، ولست ممنوعًا من دخول مصر. ■ وكيف ترى ما يجرى حاليًّا فى سوريا.. ومتى يمكن أن يعود الهدوء إليها؟ - ما يجرى فى سوريا مؤلم جدًّا، ولا أحد يعرف إلى أين ومتى ستنتهى الأمور، لكنى أعرف أن السوريين لن يعودوا إلى منازلهم قبل تحقيق أحلامهم فى بلد حر ومدنى وديمقراطى، خصوصًا أن الأثمان التى دفعت باهظة. ■ وما رأيك فى موقف الدول العربية مما يجرى فى سوريا؟ - لا أحد يعول على موقف الدول العربية من أى حدث عربى كبير، كيف إذا كان هذا الحدث ثورات تقلب كل شىء، وتضع الشعوب على طريق استعادة حقوقها، والثورة السورية هى جزء من هذه الثورات التى تعرضت لكل أنواع الحصار. ■ وهل ترى أن ما تكتبه قد يغير من الواقع السورى شيئًا؟ - الكتابة تسهم على المدى البعيد فى التغيير، وليس على المدى القريب، والواقع السورى أكبر وأعقد من أن تغيره أى كتابة. ■ وكيف ترى دور الثقافة فى ظل الظرف الراهن الذى تعيشه سوريا؟ - دور الثقافة لم يتغير، لكنه أصبح أكثر حدة، الثورة قلبت الطاولة على كل شىء، كشفت معدن المثقفين ووضعت ادعاءاتهم تحت الاختبار، لا أفهم كيف يتحدث كاتب طوال حياته عن الثورة وحين تصل الثورة إلى باب بيته يقفل هذا الباب ويبدأ باختلاق الأعذار. ■ بعض الكتّاب يرون أنه من الأفضل عدم كتابة نصوص أدبية عن لحظة هامة يعيشها الكاتب قبل تنتهى وتظهر ملامحها ويتوقف تأثيرها اللحظى عليه.. فهل ترى ذلك صحيحًا؟ - أعتقده صحيحًا، الحدث يجب أن يمر ويخضع للتأمل، خصوصًا فى الرواية، الكتابة عن لحظة منتهية والكتابة فى لحظة انفعال قد تؤدى عكس الغاية المرجوة منها. ■ وهل تفكر فى كتابة نص أدبى جديد عما يجرى فى سوريا بعد الروايتين الأخيرتين؟ - نعم دومًا أفكر فى ذلك، وقد أكتب رواية قصيرة عن حدث منتهى أو فكرة صغيرة، أما الكتابة الأخرى ما زال الوقت مبكرًا للحديث عنها، خصوصًا أننى كاتب بطىء. ■ وهل من الممكن أن تكتب نصًا غير متعلق بالسياسة فى ظل انغماسك فى الأحداث السورية؟ -طبعًا، الروائى يحتاج إلى أكثر من وقوع الحدث للكتابة عنه. والثورة هى أن نتقن عملنا جميعًا.