في ظل المعركة الشرسة التي تشهدها مدينة الموصل العراقية، لتحريرها من قبضة تنظيم "داعش" الذي يحكمها منذ أكثر من سنتين، تشهد الرقة السورية معركة أخرى، من غير المعروف من سيقوم بتحريرها وهل سينجح الأمر في ظل رغبة كل طرف بالقيام بتلك العملية دون تدخل أي طرف آخر؟ كانت "قوات سوريا الديمقراطية"، جددت اليوم الاثنين، التأكيد على عدم وجود أي دور تركي في عمليات الرقة، وقال المتحدث العسكري باسمها، طلال سلو، لوكالة "فرانس برس": "اتفقنا بشكل نهائي مع التحالف الدولي على عدم وجود أي دور لتركيا أو للفصائل المسلحة المتعاونة معها في عملية تحرير الرقة”. وأوضح "سلو" أن دفعة أولى من الأسلحة والمعدات النوعية، بينها أسلحة مضادة للدروع، وصلت تمهيدًا لخوض المعركة، مضيفًا أن المعركة لن تكون سهلة وستحتاج لعمليات دقيقة وحذرة، كون تنظيم داعش سيعمد للدفاع عن معقله الرئيسي في سوريا، لإدراكه أن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الرقة تعني نهايته في سوريا". من جانبه، أجرى رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، مباحثات مع نظيره التركي خلوصي أكار في أنقرة، حول معركة الرقة، وذكرت رئاسة هيئة أركان الجيش التركي في بيان - أن زيارة "دانفورد" ومباحثاته مع "آكار" جاءت بناءً على طلب من الجيش الأمريكي. وقالت مصادر تركية: إن "المباحثات بين رئيسي الأركان تركزت على عملية الرقة وشكل المشاركة التركية فيها بعد أن عقدت لقاءات مكثفة بين الجانبين على مدى الأشهر الماضية بشأن هذه العملية". وأعلنت أنقرة من قبل أنها لن تشارك في تحرير الرقة إذا شاركت فيها "قوات سوريا الديمقراطية" التي تضم في صفوفها غالبية من وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها تركيا تنظيمًا إرهابيًا، وتعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني فيها، فيما قالت قوات سوريا الديمقراطية: إن "واشنطن وافقت على ألا تلعب تركيا أي دور في معركة تحرير الرقة". وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكد أن تركيا ستمد عملية "درع الفرات" التي تنفذها مع قوات من "الجيش السوري الحر" إلى الرقة وستنفذ العملية بنفسها إذا أصرت واشنطن على إشراك وحدات حماية الشعب الكردية فيها. وفي تعليق للدكتور مسعود حقي جيشكان، الخبير التركي في شؤون مناطق الجوار حول إمكانية دخول القوات التركية إلى الرقة، قال: إن "هذا الأمر ليس سهلًا - حيث توجد القوات التركية والعناصر السورية المدعومة منها حول مدينة الباب على بعد 56 كيلومترًا من الرقة"، مشيرًا إلى أن واشنطن طالبت من قبل بأن تتعاون تركيا و"قوات سوريا الديمقراطية" معًا منذ دخول تركيا جرابلس بعملية "درع الفرات" في 24 أغسطس، لكنه أوضح أن تركيا ترفض بشدة هذا الأمر - وفي هذه الحالة قد تلجأ تركيا إلى إغلاق قاعدة إنجرليك أمام طيران التحالف الدولي لضرب "داعش" إذا لم يحدث توافق حول عملية الرقة، لافتًا إلى أن هذا يشكل نقطة معقدة تدور حولها المباحثات بين واشنطنوأنقرة. أما بالنسبة للموقف الروسي من دعم وحدات حماية الشعب الكردية التي وقفت بجوارها لفترة طويلة قبل تخفيضه منذ تحسين علاقاتها مع تركيا مؤخرًا، قال الخبير السياسي في شؤون الشرق الأوسط طلعت أنورفيتش شتين: إن "هناك تنسيقًا بين تركيا وروسيا من جانب وبين تركيا وأمريكا من جانب آخر، وروسيا دعمت تركيا في عملية "درع الفرات" بالمعلومات الاستخباراتية، والمهم لروسيا هو عدم المساس بحلب"، مشددًا على أنه دون مشاركة تركيا لن تنجح عملية الرقة، متوقعًا أن تشارك تركيا في العمليات الجوية. كما رأى أن هدف تركيا هو تأمين حدودها وإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا وليست لديها النية على الاستمرار في التوغل لملاحقة التنظيم أينما كان. واعتبر الباحث في مركز الدراسات السياسية والاجتماعية التركي المتخصص في شؤون الجوار، جان آجون، أن الشرط التركي الأساسي للتنسيق مع واشنطن في معركة الرقة يتمثل في إبعاد العناصر الكردية عن المعركة وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري عن طاولة الحوار، لافتًا إلى أن صعوبة تحقق هذا الشرط لتمسك واشنطن بمشاركة القوات الكردية يحول دون اكتمال التنسيق بين الدولتين بشأن معركة الرقة. ووفقًا لبعض الخبراء الأمريكيون، فمعركة الرقة، التي تقتضي تحريرها من تنظيم "داعش" من محيطها بشكل تدريجي، قد يدوم أشهرًا، وربما يكون غطاءً للمزيد من عمليات التطهير العرقي للعرب في المنطقة.