الفار والقط.. اسمان من الأسماء الرائجة في المجتمع القناوي، التي اختارها الآباء والتصقت بالأبناء في معناة تستمر مع تندر الآخرين بهم. وترصد بوابة "التحرير الإخباري" العديد من الأسماء المسمى بها آلاف من أهالى محافظة قنا، مثلما في باقي محافظات الصعيد، والتى من أغربها" القط، والعقرب، والبس، والفار، والجحش، والنمر، والخروف، والسبع، والبغل" كما يطلق الأهالي أسماء "زبال، وفرخه، ودجاجة، والبنا، والنجار، والعطار، والعربجي" على مواليدهم، وكذا "بلاليا، وجرس، والحرامي، والاكحل، وأبوالعيون، والغريب، والأطرش، والأعمى، ونخلة، والقصير، وأبو شوال، وخيشة، ومدمس، وبلية"، فيما اختار بعض الآباء أسماء دول على أبنائهم ك"العراقي، والفلسطيني، وسوريا، ومصر، واليمني، والكويتي". الهروب من القدر!! يقول أحمد عبدالفتاح هريدي، الباحث في التراث العربي، إن المصريين اعتقدوا منذ سنوات عديدة قوة الأسماء وغرابتها في قدرتها على منع الحسد، وقدرة تلك الأسماء على الحفاظ على صحة أبنائهم. وأضاف عبدالفتاح أن البسطاء الجهلاء الذين لم يدخلوا المدارس والجامعات، اعتقدوا أن الأسماء الغريبة تمنع وفاة أبنائهم، رغم كون العديد من حالات الوفاة لأسباب طبية وصحية، وبعض الحالات من الطبيعي أن تكون بسبب القدر الذي كتبه الله علينا ولا يمكن لأحد أن يتخطاه. وأشار في سياق تصريحاته ل"التحرير"، إلى أن هناك العديد من أسماء الأشخاص تمت تسميتهم على أسماء الدول، مقدرا ذلك بنسبة قد تكاد تتخطى ال90 في المائة لكون آبائهم وأجدادهم كانوا يعملون في تلك الدول. وتابع أيضا أن ذلك يرجع إلى معاملة أبناء تلك الدول لهم، فضلا عن تكوينهم آلاف الأموال منها، مستطردا: "فيه ناس بتشوف أيام العز في بلاد الخليج وبتعمل فلوس كتير من خلال عملها بيخليهم يتأثروا باللى حصل معاهم ويقومون بتسمية أبنائهم على أسماء تلك الدول". اسمي وأنا حر فيه.. أما ثروت محمد ثروت، الباحث في علم الاجتماع فرأى أن اختيار أسماء قبيحة وغريبة تندر في المجتمعات المحلية، خاصةً المجتمع الصعيدي، ينذر بكارثة أخلاقية وسلوكية، وذلك بسبب تأثير تلك الأسماء على سلوكيات هؤلاء الأطفال، مما يؤدي إلى خلق شعور لديهم بقبح أسمائهم وظنهم بأنهم منبوذون داخل المجتمع خاصةً طلاب المدارس. وذكر ثروت أن تلك الأسماء تؤثر على شخصية الطفل وتولد لديه اضطرابات سلوكية تؤثر على شخصيته، وتؤدي إلى شعور الطفل بحالة من الإحباط الشديد نفسيًا وسلوكيا وأخلاقيا. وكشف الفار عبدالرحيم، 33 عاما، عامل، أن والديه قاموا بتسميته ب"الفار" عقب مرور أسرته بالعديد من الأزمات، والتى من أبرزها وفاة أشقائه الثلاثة، اعتقادا أن الاشم الغريب سيمنع وفاة المولود، لكنه استدرك قائلا: "لغاية دلوقتي أعاني من اسمي". ولفت القصير محمود فهمي، 23 عاما، عاطل، إلى إن أسرته اختارت اسمه بسبب خوف والدته عليه من الحسد، مفيدا بأنها أنجبته بعد 5 سنوات من العقم. أما القط رجب، 29 عاما، عامل بمقهمى،فاختار أهله اسمه خوفا من الأمراض بعدما أصيب شقيقه ب"السرطان" وتوفي أثر ذلك. وقال القط: "رغم معاناتي بسبب تسميتي بهذا الاسم، خاصةً عندما كنت طالبا بالمدرسة، من الضحك والاستهزاء زملائي بي، إلا أنني لم ولن أغيره، معللا ذلك بسبب معرفة الجميع اسمه فضلاً عن كون تغيير الاسم يعتيبر من الخطأ، حسب رأيه، قائلا: "عيب أطلب تغيير اسمي وكده كده الناس عرفتني". وروى محسن البس، 25 عاما، عاطل، أنه عانى منذ ولادته من اسم "البس" الذي يدل على اسم القط في الصعيد، مستدركا بأنه لا يمكنه التقدم بطلب إلى المحكمة والأحوال المدنية لتغيير الاسم بسبب العادات والتقاليد والأعراف، حسبما قال. أسباب مقنعة!! من جانبه صرح مصدر بمصلحة الأحوال المدنية بمحافظة قنا، بأن الحالات التى طلبت تغيير أسمائها في مدن ومراكز محافظة قنا خلال السنوات القليلة الماضية تكاد تندر، خاصةً أن تغيير الاسم دائما ما يعتبره أبناء الصعيد أنه ضد التقاليد والأعراف. وتابع المصدر أن خطوات طلبات التغيير لابد لها أسباب مقنعة وتلقى قبولا لدى لجنة تتبع السجل المدني التي يتم عرض الطلب عليها، ويعتبر من أهم الأسباب كون تلك الأسماء محرمة أو سيئة أو تجلب لحاملها السخرية والاستهزاء، وتقديم الطلب بتغيير الاسم للسجل المدني. وفي نفس السياق قال الشيخ عبدالرحمن أنور، إمام مسجد بمحافظة قنا، إن هناك عدة أسماء محرم إطلاقها على المواليد منها "عبدالنبي وعبد الرسول وعبد ربه". وأكد أن الأسماء القبيحة مثل الحرامي والجحش لابد من تغييرها، وذلك بسبب حرمانية التنابز بالألقاب لكون تلك الأسماء تؤدي إلى التنابز بين المواطنين سواء كانوا كبارا أو صغارا. وقال عبدالله القناوي، محامٍ، إنه لا يوجد قانون من ضمن القوانين واللوائح تمنع تسمية الأهالى لأبنائهم بأي اسم أرادوه وتم تدوينه في الاستمارة الأولية لشهادة الميلاد، وذلك من سنوات عديدة .