في قرية هادئة تتميز بالبساطة يعيش أغلب أهلها على "اليومية"، وفي منزل مكون من غرفتين وطابق واحد، تعيش أسرة الشاب أحمد رأفت عبد الجواد، الذي لم يبلغ بعد عامه العشرين، أحد الناجيين من حادث غرق مركب رشيد. تغرب الأب في السعودية، محاولًا البحث عن مصدر رزق له ولأولاده، وترك خلفه ولدين وزوجة, فما كان منهما إلا أن حاولا الهروب للخارج بحثًا عن عمل. "التحرير" التقت أسرة الشاب عبد الجواد، ابن قرية كفر طنبدي، التابعة لمركز شبين الكوم بالمنوفية، ليروي عمه عاطف عبد الجواد، كواليس السفر كما رواها لهم نجل شقيقه. يقول العم: "أحمد كان بيشتغل في مزرعة فراخ في البلد، وكان محوش حوالي 10 آلاف جنيه، وحلم السفر كان بيراوده كل يوم عن اليوم اللي قبله، أحمد ليه أصحاب كتير سافروا برا مصر وعملوا فلوس حلوة، لكنه مقالش لحد على أنه هيسافر برا مصر". ويضيف عاطف: " أحمد اتعرف على مجموعة من السماسرة عن طريق زمايله، والسماسرة مش شغالين بأسمائهم الحقيقية، واتفقوا معاه على أنهم هياخدوا 10 آلاف جنيه مقدم، وبعدها هياخدوا من أهله 25 ألف، وهو مقالش لأي حد مننا". ويذكر: "فوجئنا أن فيه مركب غرقت في رشيد، وعرفت صدفة أن أحمد هناك، وفيه واحد بيقول إن ابنكم كان هناك، ولما سألنا عرفنا أن أحمد موجود في القسم والحمد لله إن ربنا نجاه"، موضحًا أن نجل شقيقه سباح ماهر وهو أحد أسباب نجاته بعد إرادة الله. ويروي العم: "أحمد حكى لنا أنهم لما وصلوا رشيد ناس أخدته في لنشات بحيث يروح المركب الكبيرة اللي هتنقلهم, وأخدوهم على المركب هناك، وهو كان آخر دفعة من الناس اللي هتركب، واللي بيسفروهم قالوا هاتوا كل الناس اللي عاوزة تسافر علشان ما نرجعش مرة تانية، والمركب مشتغلتش, وحصل هرج ومرج وبدأت الناس تجرى شمال يقوم المركب يجري شمال, يروحوا يمين المركب تروح يمين، وفي النهاية المركب غاصت في البحر". ويوضح: "أحمد قال لنا كل الناس بقت في المياه، ومحدش بقا عارف يعوم من المفاجأة, ولولا وجود لانشات صياديين ومعرفة بالسباحة لكانوا ماتوا جميعًا"، مختتمًا: "ظروف البلد والوضع الاقتصادي الحالي هو اللي بيخلي كل الشباب تهرب للخارج".