كتب - أحمد سعيد حسانين ومارينا ميلاد في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة المواطنين باحتمال إجراءات التقشف التي تتخذها ضمن خطتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الحالية، ظهرت لافتات دعائية تروج لهذه السياسة تحت شعار «نقدر قوي.. نقلل واردتنا.. نقوي عملتنا»، و«يا مصر.. بالإصلاح الجرئ. نقصر الطريق». اللافتات انتشرت في مناطق عدة، أبرزها كوبري أكتوبر، ومنطقة جامعة القاهرة وحديقة الحيوان في محافظة الجيزة. تكلفة الإعلان تختلف بحسب الموقع، إذا كان في طريق الذهاب أو العودة، أيضًا بحسب مساحة الإعلان، ومدة تواجده، وبالنسبة لهذة الحملة، فتكلفة الإعلان الواحد على كوبري أكتوبر لمدة شهر بمساحة متوسطة، تبلغ 120 ألف جنيه تقريبًا - وفقًا لأحمد سمير، نائب مدير الإنتاج بوكالة الأهرام للدعاية والإعلان. من ممول الحملة؟.. الجميع يتبرأ من المفترض أن هذه الحملة تعمل على إقناع المواطنين بسياسة الحكومة تجاة المشكلة الاقتصادية، لكن هل يعني ذلك أن الحكومة هي الممولة؟ قال الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية الجديد لشئون الخزانة العامة، إن الوزارة لا تعرف شيئًا عن الحملة أو تمويلها، ويمكن أن تكون جهة ما أو وزارة أخرى تبنت ذلك. ومن جانبه، أوضح أشرف خيرى، رئيس شعبة الدعاية والاعلان باتحاد الصناعات المصرية، أن الشعبة لم تتلقى طلبات من الحكومة خلال الفترة الماضية؛ للقيام بتلك الحملة الدعائية، مشيرًا إلى أن الشعبة سبق لها وأن أعدت العديد من حملات التوعية والدعاية لدعم الدولة وأنشطتها وأهدافها مجانًا، مثل حملات «لا للإرهاب»، و«المؤتمر الاقتصادي»، و«نعم للدستور»، رغم أن قيمتها الحقيقية تقدر بالملايين. وتساءل خيري: «كيف تلجأ الدولة للانفاق على حملات دعائية بالملايين رغم أن الشعبة تقدم خدماتها مجانًا، وتقوم بعمل حملات أكثر تأثيرًا وأهمية لصالح الدولة فقط». «التحرير» حاولت التواصل مع حسام القاويش، المتحدث باسم مجلس الوزراء، لمعرفة الجهة المسؤولة لكنه لم يجب على هاتفه. لكن مصدر مطلع كشف ل«التحرير» أن الخبير الإعلامي، الدكتور سامي عبد العزيز، قد يكون وراء تلك الحملة، فالأخير كان من بين واضعي برنامج حفل الاحتفال بافتتاح قناة السويس، بحكم ما يمتلكه من خبرة إعلانية كبيرة. «عبد العزيز» هو عميد كلية الإعلام الأسبق، وأستاذ الإعلان، الذي ترك منصبه بعد حركة طلابية كبيرة، طالبت برحيله لعلاقته بنظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، وهو المسؤول عن الحملة الإعلانية«مصر قريبة» العام الماضي. إعلانات تقشف.. وحكومة تبحث عن قرض يتزامن انطلاق الحملة مع اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي؛ لمنحها قرضا بقيمة 12 مليار دولار تقدم على ثلاث سنوات، وهو قرض مشروط بتمرير حزمة من الإجراءات كرفع الدعم الذي بدأته الحكومة فعليا بتخفيض دعم أسعار الكهرباء، الشهر الماضي، في إطار خطة تستغرق خمس سنوات. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، خلال لقائه مع رؤساء تحرير 3 صحف حكومية، الشهر الماضي، إنه «يجب أن تكون هناك حلول مناسبة لتحقيق الإصلاح حتى لو كانت صعبة مؤقتاً، ولكننا نعمل لتخفيف العبء عن ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى». وفي خطاب بثه التلفزيون المصري أثناء افتتاحه مصنع للبتروكيماويات في الإسكندرية قال إنه لن يتردد في اتخاذ إجراءات إصلاح اقتصادي صعبة كان يتجنبها الرؤساء السابقون خشية اندلاع احتجاجات، في إشارة إلى محاولة الرئيس الراحل أنور السادات رفع سعر الخبز، مما تسبب في انتفاضة شعبية شهدتها مصر في 18 و19 يناير1977 تراجع على إثرها السادات عن قراره. وتعاني مصر في ظل النظام القائم من أزمة اقتصادية، أظهرتها صحيفة الإيكونوميست البريطانية في تقرير لها، بعنوان «خراب مصر»، إذ بلغ عجز الموازنة العامة للدولة نحو 12%، وارتفع إجمالي الدين الخارجي إلى 53.4 مليار دولار، والدين المحلي إلى قرابة 2.5 تريليون جنيه (281 مليار دولار) بنهاية مارس/آذار 2016، وفق بيان للبنك المركزي. هل يحق للحكومة تبني الحملة؟ قال الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة والاعلام بجامعة القاهرة، إن قيام الدولة بعمل حملة دعائية عبر «الأوت دور» لمطالبة المواطنين بالتقشف تعد بمثابة نوعًا من إهدار المال العام، متساءلًا: «كيف تطالبنا الحكومة بالتقشف فى الوقت الذى تنفق فيه الكثير من الأموال على إعلانات الشوارع؟». وأضاف خليل، أن «ما يحدث يعطى المواطن انطباعًا سلبيًا، لأن الحكومة تدعوه لتحمل الظروف فى وقت لاتسلك هى نفسها هذا المسلك». بينما يرى ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامي، إنه من الطبيعي أن تقوم الحكومة بالأنفاق على حملة للدعاية لسياستها وإقناع المواطنين بها، إذا كانت هى الممولة بالفعل، موضحًا أن أماكن تواجد اللافتات صائب لأن هذه الأماكن حيوية، ويتواجد بها جميع الطبقات.