شدَّد المهندس إبراهيم محلب رئيس لجنة استرداد أراضي الدولة ومستحقاتها على أنَّه لا تسامح في حق الدولة ولا تعنت ولا خوف، وطلب الالتزام بهذه المبادئ في التعامل مع أي ملف تتم مناقشته أو طلب تقنين لواضعي اليد على أراضي الدولة. جاء ذلك خلال الاجتماع الأسبوعي للجنة، اليوم الأربعاء، حيث اتخذت مجموعة من القرارات، في مقدمتها الموافقة على اقتراح اللواء أحمد عبد الله محافظ البحر الأحمر ببدء تقنين أوضاع المساحات الزائدة في الأراضي المخصصة لنحو 55 منتجعًا وقرية سياحية بالغردقة والتي قدرت حسب حصر المحافظة بنحو نصف مليون متر مربع. ووافقت اللجنة على منح أراضى الردم بشاطئ البحر لنفس القرى والمنتجعات والبالغ مساحتها نصف مليون متر أخرى بنظام حق الانتفاع، وتمَّ تكليف هيئة الخدمات الحكومية بتشكيل لجنة بالتنسيق مع المحافظة وهيئة المساحة لتقييم هذه المساحات وتقدير السعر المناسب للتقنين أو حق الانتفاع، مع مراعاة ما أشار إليه المحافظ من أنَّ هذه الفنادق والقرى لم تغتصب تلك الأراضي ولم تعتد عليها وإنَّما حصلت عليها بسبب عدم وجود أجهزة قياس دقيقة للأراضي وقت تخصيصها في ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، بل وظل مالكو هذه المنتجعات طوال السنوات الماضية يبحثون عن وسيلة لتقنين الوضع وسداد مستحقات الدولة لكن أحدًا لم يلتفت لهذا الملف رغم أهميته. وكشف اللواء عبد الله أنَّ السماح لهذه المنتجعات بردم مساحات من شاطئ البحر كان قبل صدور قانون البيئة عام 1994، وكان الهدف من هذا تشجيعهم على الاستثمار السياحي وقتها، ولم يكن هناك ما يجرم أو يمنع ردم البحر. من جانبه، قال المهندس محلب إنَّ المطلوب فقط هو تحصيل حق الدولة وفي نفس الوقت تأمين المستثمرين، مؤكِّدًا أنَّ المحافظ سيتولى الاتفاق مع مالكي ومسؤولي هذه المنتجعات على أسلوب التقنين والطريقة الأنسب لسداد السعر الذي يتم تحديده وفقًا لرؤيته وتقديره للظروف التي تمر بها السياحة في المنطقة. وأيضًا، قررت اللجنة تكليف رئيس هيئة التعمير والتنمية الزراعية بالتنسيق مع هيئة الخدمات الحكومية والمجتمعات العمرانية وجهاز الكسب غير المشروع والرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة للرد على الالتماس المقدم من شركة السليمانية وتعترض فيه على تقدير اللجنة لقيمة حق الدولة عليها عن المخالفات التي ارتكبتها وتغيير النشاط للأراضي التي حصلت عليها والذي بلغ 2.3 مليار جنيه. وأضاف أنَّه من حق أي مواطن أو شركة التظلُّم من التقدير وطلب مراجعته مرة أخرى، مؤكِّدًا أنَّ اللجنة لا تريد سوى حق الشعب دون تعنت أو تساهل. في سياق آخر، قررت اللجنة دعوة كل من وزيري الزراعة والري لمناقشتهما في معايير تقنين الوضع لأراضي الدولة والمقنن المائي المسموح به، وارتباطًا بهذا الملف ناقشت اللجنة أيضًا تقرير هيئة التنمية الزراعية عن طلب التقنين المقدم من جمعية رجال أمن المستقبل على مساحة نحو 27 ألف فدان، وقررت استبعاد أي مساحات ثبت وجود خلاف أو نزاع قانوني عليها، والبدء في إجراءات تقنين باقي الأرض بحيث يعرض على اللجنة الأسبوع المقبل التقرير النهائي في هذا الشأن. وحدَّدت اللجنة نهاية شهر أغسطس الجاري موعدًا للمزاد العلني لبيع الأراضي المستردة، وكلَّفت رئيس هيئة الخدمات الحكومية بالإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام على أن يدخل كامل الثمن في حساب حق الشعب، وكشف محلب أنَّه سيتم تخصيص جزء من عائد هذه المزادات لاستكمال المشروعات الزراعية المتوقفة من أجل خدمة المزارعين والفلاحين المصريين، وقال إنَّ اللجنة لن تكتفي فقط باسترداد أراضي الدولة وإنَّما ستقف بجانب هيئة التعمير والتنمية الزراعية حتى تستكمل هيكلتها وتتخلص من الفساد وتعوض خسائرها، مضيفًا: "ليس منطقيًّا أنَّ الهيئة التي تمتلك ولاية على أغلب أراضي الدولة تعانى من خسائر بالمليارات". وحرصًا من اللجنة على الالتزام بالقانون وعدم مخالفة الاختصاصات التي منحها لها القرار الجمهوري، فقد تقرَّر رفض عدد من طلبات التقنين تقدمت بها شركات وأشخاص بعد أن ثبت أن مقدمي الطلبات يريدون السماح لهم بتغيير النشاط المخصصة من أجله الأرض مقابل دفع ما ستقرره اللجنة من مبالغ. من جانبه، صرَّح الدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية بأنَّ هذه الطلبات خارجة عن اختصاص اللجنة التي لا تختص بتغيير النشاط وإنَّما فقط تقنين الوضع القائم للجادين، مشيرًا إلى أنَّ السماح للبعض بتغير النشاط مجدَّدًا سيفتح الباب للجميع بمخالفة النشاط وإهدار ثروة مصر من الأراضي الزراعية لتحقيق مليارات على حساب الدولة. ولفت بدر إلى أنَّ اللجنة تعمل لدعم الهيئات صاحبة الولاية على الأراضي وفقًا لقوانينها وليس بديلًا عنها، وهو نفسه ما شدَّد عليه محلب - صراحةً - عندما حذَّر من إصرار بعض الجهات على تحميل اللجنة بملفات لا تدخل في اختصاصها أو لا تستأهل أصلًا عرضها عليه، مؤكِّدًا أنَّ اللجنة لن تمارس عمل هيئة التنمية الزراعية أو أي جهة أخرى وإنَّما على هذه الجهات أن تتحمل مسؤوليتها وتمارس اختصاصاتها بكل شجاعة وبما يقطع الطريق على الفساد. وتابع: "نعمل في ظروف غير طبيعية وفي ظل ثورة أعلنها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي ضد الفساد ولابد أن تواكب كل الجهات هذا التوجه وتتعامل بالحسم والسرعة المطلوبة". وارتباطًا بملف الفساد، أحالت اللجنة إلى مباحث الأموال العامة ملف 215 فدانًا بمنطقة الكيلو 91 غرب طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي استولى عليها أحد الأشخاص وغيَّر نشاطها وباعها كمبانٍ ورفض الاستجابة لطلب التقنين، وطلب المهندس محلب من هيئة التنمية الزراعية التواصل المباشر مع الأهالي المقيمين في هذه المساحة للتعامل المباشر مع اللجنة بعيدًا عن هذا الشخص الذي ستتخذ ضده الإجراءات القانونية اللازمة لاسترداد حق الدولة منه دون تهاون. وكشف اللواء عصام سعد رئيس مباحث الأموال العامة أنَّه تمَّ اتخاذ إجراءات حاسمة ضد أغلب الحالات التي تمَّ تكليف الإدارة بها من قبل اللجنة، مشيرًا إلى أنَّ بعض الحالات أحيلت بالفعل إلى نيابة الأموال العامة لتبدأ تحقيقاتها فيها، والبعض الآخر يجرى الآن استكمال التحريات بشأنها وتدقيق معلوماتها، لافتًا إلى أنَّ وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار يتابع معه وبشكل مستمر ما يتم اتخاذه تنفيذًا لقرارات اللجنة لاسترداد أراضي الدولة ومستحقاتها حفاظًا على المال العام. وحرصًا من اللجنة على تحقيق سياسة الدولة بدعم الشباب، قرر المهندس محلب إحالة ملف 30 ألف فدان استصلحها عددٌ من الشباب مع زراعتها بمنطقة "المغرة" إلى شركة الريف المصري لدراستها لأنَّها تدخل في نطاق مشروع ال1.5 مليون فدان ويبدي الشباب استعدادهم لسداد ما سيتم تقديره عليهم من مبالغ حفاظًا على هذه الأرض وما بذلوه من جهد لتعميرها. ولفتت اللجنة إلى أنَّ قوات إنفاذ القانون بدأت التجهيز لتنفذ قرارات الإزالة للموجة الخامسة والتي تشمل مساحات بمحافظات الجيزةوالإسكندرية والبحيرة والغربية، وكلَّف المهندس محلب الأمانة الفنية بمخاطبة هيئة التنمية الزراعية رسميًّا للإسراع في موافاة اللجنة بما انتهت إليه لجان حصر الأراضي المعتدى عليها في المحافظات حتى الآن لبدء إجراءات استردادها، كما طلب بدء تنفيذ قرارات الإزالة للتعديات الواقعة على أراضي الأوقاف وفتح ملف أراضيها بمنطقة المنتزة بالإسكندرية والتي تتعدى ال800 فدان تعرَّضت لاعتداءات وتقدر قيمتها بمئات الملايين.