ختان الإناث.. «التقطيع الحرام» في لحم الحي

200 مليون فتاة في العالم هن الإناث المختونات.. ومصر في المقدمة
مؤسسات حقوقية تحركت لوقف الظاهرة.. والتطبيق الفعلي يكشف فشل "حملات التوعية"
برلماني يسكب الزيت على النار: ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح
نصير: عادة قبيحة.. وشادية ثابت: أضرارها لا حصر لها.. ومنى عمر: نحتاج التكاتف لنشر التوعية
قبل عدة سنوات، أطلقت منظمات نسائية وحكومية حملات مكثفة، هدفت إلى توعية "الناس" بمخاطر ختان الإناث، ومع مرور "السنين والأيام" استمرت ممارسات الختان، ضاربةً بهكذا حملات وتحذيرات عرض الحائط.
لم يخفت صوت الحديث عن مخاطر الختان، لكن تعالت الأصوات من جديد مؤخرًا، وتحديدا في 29 مايو الماضي، حين أعلنت وفاة طفلة لم تتجاوز ال14 سنة، خلال إجراء عملية ختان لها بأحد المستشفيات الخاصة بالسويس.
بعد الواقعة، أكَّدت دار الإفتاء أنَّ قضية ختان الإناث ليست "دينية تعبدية" في أصلها، ولكنها قضية ترجع إلى العادات والتقاليد والموروثات الشعبية.
"الدار" قالت إنَّ موضوع الختان تغيَّر وأصبح له أضرار كثيرة جسدية ونفسية، مما يستوجب معه القول بحرمته والاتفاق على ذلك، دون تفرق للكلمة واختلافٍ لا مبرر له.
أصوات عديدة تعالت بعد هذه الحادثة، وهتافات طالبت بالتوقف نهائيًّا عن هذه العادة، إلى أنَّ ظهر النائب أحمد الطحاوي عضو لجنة الصحة بمجلس النواب يقول: "ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح، وإذا كان الختان جائر فهذا خطأ أيضًا.. عندما يكون ختان الإناث جائرًا بتحصل مشكلات نفسية كبيرة، وبخاصةً فى العلاقة الحميمية.. وعندما نترك الأنثى من غير ختان، يحدث تلوث فى هذه المنطقة، وإثارة جنسية غير مرغوبة تؤدى إلى مشكلات كبيرة".
تصريحات النائب هذه فتحت الباب من جديد على مصرعيه أمام جدلية هذه العادة، فبينما تدعو مؤسسات حقوقية وحكومية عديدة إلى وقف هذه الظاهرة، إلا أن تفتقد التطبيق العملي، وبخاصةً في "الأرياف".
ومن بين 200 مليون فتاة حول العالم، هنَّ "الإناث المختونات" حسب رصدٍ لمنظمة "اليونسيف"، تعتبر مصر من أكثر الدول من حيث عدد الفتيات اللاتي أجريت عليهنَّ العملية حول العالم.
عادة قبيحة
الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر, وعضو مجلس النواب قالت ل" التحرير ": "قضية ختان الإناث انشغل بها على مدار شهور عدة المركز السكاني الدولي التابع لجامعة الأزهر.. هذه العادة بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام ومقاصد الشريعة الإسلامية".
وأضافت: أن أهل مكة لم يعرفون على الإطلاق مسالة ختان الإناث, وإنَّما اشتهرت هذه العملية القبيحة بين أهالي المدينة وذلك لأنَّ المدينة جمعت بين أطياف شعوب وثقافات عدة.. والاستشهاد بإباحة الختان شرعًا بالحديث الذي روي عن عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي عن أم عطية الأنصارية أنَّ امرأةً كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم لا تنهكي فإنَّ ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل هو حديث ضعيف، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قيام سيدنا عمر بن الخطاب بمعاقبة الأشجعي الذي وضع الحديث لأنَّه كان كثير الوضع".
وتابعت: "الإسلام لم يعرف ختان الإناث ووفقًا لتعليم الدين ومقاصد الشريعة السمحاء فإنَّ الختان محرم شرعًا, والتحريم يأتي من باب أن الختان يعد أذى يلحق بالفتيات ويصيبها بالعديد من المشكلات.. والقرآن الكريم لم يتضمن أي نص يبيح ختان الأناث, وكذلك لا توجد أي دولة إسلامية كالسعودية وغيرها كالمغرب وإيران ودول الشام تبيح ختان الإناث، بل إنَّ الختان موجودٌ في دول حوض النيل ويمارس بطريقة بشعة في السواد.. وأقوى الأدلة على أنَّ الختان لا علاقة له بالإسلام أنَّ العائلات في صعيد مصر سواء المسلمة والمسيحية الكثير منهن يمارس هذه العادة القبيحة من باب الحفاظ على شرف البنت".
أضرار بالغة
الدكتورة شادية ثابت عضو اللجنة الصحية بمجلس النواب قالت ل" التحرير " إنَّ مسألة ختان الإناث تصيب كل من يمارسها بأضرار بالغة الخطورة, مؤكِّدةً أنَّ أغلب أهل الطب أكَّدوا خطورة هذه العملية التي تتنافى مع معايير السلامة والصحة.
وذكرت شادية: "أهل الطب برهنوا بالكثير من الأدلة والمعايير الصحية بأنَّه فيما يتعلق بمسالة ختان الإناث فإنَّ الأمر يتعلق بحسب الحالة، فإذا وجدت حالات بها تضخم وتسبب ذلك التضخم في إحداث التهابات للفتيات فإنَّه يتعين على الطبيب في هذه الحالة باستئصال هذا الجزء الذي يسبب التضخم.. الأمر يتعلق على حسب الحالة وليس مبدئًا عامًا يمارس على الجميع".
وأوضَّحت: "التضخم الذي يصيب بعض الفتيات لا يظهر في سن مبكرة، وإنَّما يظهر عند سن البلوغ، وبالتالي فإنَّ أغلب عمليات الختان تتم للبنات من باب المحافظة على الشرف وليس من باب الحالة الصحية للبنت.. الأضرار الناجمة عن الختان كثيرة ولا حصر لها وتظهر عقب الزواج".
وطالبت "شادية" بضرورة تجريم الختان، ووضع معايير طبية لإجراء عمليات الختان وعدم السماح على أن تترك الختان كسبوبة دون اى ضوابط صحية.
توعية ضد الأصوات الضعيفة
السفيرة منى عمر الأمين العام للمجلس القومي للمرأة قالت ل" التحرير ": "مسالة خروج نائب برلماني والتحدث بحتمية ختان الأناث أمر في غاية الخطورة إلا أنَّه غير مؤثر في المجتمع, فالشعب أصبح على دراية وثقافة عالية رافضة وبشدة لمسالة ختان الإناث.. فهذه العادة ليس لها أساس لا في الدين ولا في الصحة حيث تجلب الكثير من الأضرار الصحية والنفسية للفتيات".
وأكَّدت منى: "الطريق المناسب للقضاء على الأصوات الضعيفة التي تنادي بالختان يكون عن طريق التعليم ونشر التوعية من خلال وسائل الإعلام المختلفة.. هذا الأمر يتطلب تضافر موسسات عدة من أجل نشر الثقافة وتوعية المواطنين بكوارث عمليات الختان".