كتبت: شيماء محمد قبيل بضعة سنوات لم تكن تستطيع أن تجد له صورة أو لقاء تلفزيوني، و نادرًا ما تم تداول أي أخبار عنه في وسائل الإعلام المختلفة، فطالما كان مُحاطًا بهالة من الغموض. أما الآن فاختلف الوضع فأصبح ظهوره متكررًا إلى حد ما، فتشيد به الصحف الإيرانية وتضعه في صورة البطل المقاوم حامي إيران من أعدائها، وفي المقابل يشيطنه أعدائه فتعتبره الصحافة الأمريكية شخص خطر وتصنفه الولاياتالمتحدةالأمريكية كارهابي. قيل عنه أنه من يحكم العراق فنشرت جريدة "الجارديان" البريطانية تصريح لمسئول أمريكي بارز يقول فيه: إن "سليماني هو من يملك زمام الأمور في العراق". وعند سؤال رئيس الحكومة العراقية "حيدر العبادي" عنه صرح بأنه حليف قوي للعراق ونحترمه ونحترم المؤسسة الإيرانية، أما رأي السيد حسن نصرالله في قاسم سليماني جاء كاشفًا لشدة قرب الأخير" من حزب الله، فقال عنه إنه (أخ عزيز وحبيب وصديق، وأعرفه جيدًا، ولولا قاسم سليمانى وإيران لسقطت العراق في أيدى داعش، وإنه هو من أوقف داعش وليس الأمريكان أو الائتلاف الدولي ومن يحمى سوريا الآن من السقوط). وبالنظر إلى قاسم سليماني من خلال الفيديوهات المسربة له أثناء تواجده في جبهات الحرب بسورياوالعراق، نجده شخص حاد النظرات - حذر - يحاول تجنب الأضواء، ويستمع كثر مما يتكلم، يحب الجلوس في الزاوية، لكنه ‘ذا تكلم وحاور تجده متمكنًا ومناورًا صعب التغلب عليه. ويعد الجنرال الإيراني واحدًا من ثمانية رجال فقط يمثلون أعلى مرتبة في الهيكل العسكري الإيراني، ولما لا فهو رجل الخامنئى المقرب . فمن هو أذن جنرال إيران الغامض؟ نشأته ولد قاسم سليماني في 11 مارس عام 1957 لعائلة ريفية فقيرة في محافظة كرمان لم يتلقى من التعليم سوى الابتدائي ليتجه للعمل في البناء لمساعدة أسرته ثم انتقل للعمل في شركة مياه للعمل كفنى بسيط لسنوات. لم يصلنا من سنوات مراهقته سوى القليل عن معارضته الدائمة للشاه، وأنه كان يحشد زملائه للمشاركة في المظاهرات ضد الشاه، وشارك في الثورة الإسلامية عام 1979 التي أطاحت بالشاه. انضمامه للحرس الثوري في 5 مايو 1979 أمر الخمينى بتأسيس قوات الحرس الثوري لحماية الثورة من فلول الشاه وأسس مراكز قيادة للحرس في معظم محافظاتإيران، وكانت (كرمان) واحدة من تلك المحافظات فانضم سليماني كمتطوع في الحرس الثوري، وعندما قامت الانتفاضة الكردية بعد أشهر من الثورة الإسلامية أرسل الحرس قواته لتلك المنطقة وكان الجنرال من ضمنها وأثبت كفاءته العسكرية فاصبح بعد عودته من "كرمان" مسؤولًا عن قاعدة الحرس الثوري هناك. وبدأ نجمه في البزوغ عند توليه المهات في كرمان المجاورة لأفغانستان، واستطاع بسط يد الدولة في تلك المنطقة خلال فترة وجيزة والتي كانت دائمًا نقطة ضعف إيران. دوره في الحرب العراقيةالإيرانية عندما اجتاحت القوات العراقية - إيران، في سبتمبر 1980 بهدف الإطاحة بالنظام الجديد بإيران، تولى الحرس الثوري مهمة القتال ضد العراق، وعُّين حينها قاسم سليماني قائدًا للفرقة "ثأر الله41" والتي لعبت دور مهم ورئيسي في تلك الحرب ويردد أنصارالجنرال، أنه كان يشارك بنفسه في جميع المهمات العسكرية الناجحة، وأنه خاطر بنفسه أكثر من مرة بالرغم من أنه كان مُعرض للوقوع في أسر القوات العراقية. توليه قيادة "فيلق القدس" خلال عام 1998 تولى قاسم سليماني قيادة فيلق القدس، أحد أهم وأقوى قوات الحرس الثوري والمتولى عمليات إيران خارج حدودها في العراقوسوريا وحتى لبنان، فلعب فيلق القدس بقيادة سليماني أدوارًا مهمة كثيرة في المنطقة - فدوره كبير في العراق. فبعد الغزو الأمريكي للعراق في 2002، سعت أمريكا لإنشاء قواعد عسكرية في العراق، مما أثار قلق إيران - فما كان من "سليمانى" إلا أن يقيم شبكة علاقات كبيرة داخل العراق، ولم يقتصر الأمر على شيعة العراق فقط، بل امتدت دائرة علاقته للسنة أيضًا - وفي هذا الأمر قال الجنرال "جون أبى زيد، قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، في لقاء تلفزيوني له: إن "قوات فيلق القدس تنشئ فرق موت شيعية لمحاربة وزعزعة أمن العراق. دوره الحالي في سورياوالعراق مع بدء تحول الأمور في سوريا من مجرد تظاهرات إلى حرب - ناشد "سليماني" الشباب الإيراني للتطوع للدفاع عن سوريا، بجانب الرئيس بشار الأسد، وتم تسريب مقاطع مصورة له وصور أثناء تواجده بنفسه في حلب بأرض المعارك تارة، وهو يوزع المهام العسكرية بجانب الجيش السوري تارة أخرى. وفي فبراير الماضي، نشرت وكالات الأنباء الإيرانية أخبار عن إصابته في حلب ومن بعدها بدأت الأخبار في شتى وسائل الإعلام العربية والغربية عن مقتله إثر إطلاق صاروخ على موكبه في ريف حلب، لكن نشرت وكالة أنباء فارس الإيرانية، أن الجنرال بخير وإصابته طفيفة ولا صحة لإشاعات مقتله. وهذا ما تأكد عندما وجدناه في الفلوجة بالعراق، يشرف على العمليات العسكرية بنفسه وسط تأييد وتهليل من قبل مقاتلي الحشد الشعبي، فهو أول من وصل للفلوجة مع 60 مستشار عسكري إيراني. وبعيدًا عن غموض الجنرال ومعاركه العسكرية خارج إيران، فمن الملاحظ في الآونة الأخيرة تصريحاته الكثيرة نوعًا ما حول أهمية حماية إيران والإسلام من الأعداء، حتى ولو كان العدو خارج إيران فلا حرج من محاربته على أرض أخرى، وقال "سليماني" أيضًا في خطاب نادر الحدوث - أمام نواب مجلس الشورى: إن ما حدث في مصر وسورياوالعراق واليمن والبحرين هي حركات إسلامية تأثرت بالثورة الإسلامية الإيرانية". ومن المثير للاهتمام أيضًا إشادة المرشد الأعلى "الخامنئى" بسليماني، بشكل علني، وهو أيضًا شئ نادر الحدوث، فهل سيكون قاسم سليماني رئيس إيران القادم؟