قال الكاتبان ستيفن كوك وعمرو لهيتا في مقال لهما بمجلة فورين بوليسي الأمريكية: إنه "لا يجب لوم اتفاقية سايكس بيكو على الفوضى التي تعم منطقة الشرق الأوسط"، موضحان أن سبب الفوضى يعود للحكام المستبدين. ولفت الكاتبان إلى أن هناك نقاش مشتعل حول انتهاء مفعول اتفاقية "سايكس بيكو" التي أصبحت محور تركيز المحللين والصحفيين والكتاب في الشرق الأوسط في الفترة الراهنة، منوهان إلى أن عبارة "نهاية سايكس بيكو" وردت في موقع البحث جوجل آلاف المرات على مدى السنوات الثلاث الماضية. ورأى "الكاتبان" أن فشل اتفاقية (سايكس بيكو) بات جزءًا من المعلومات المسلم بها بالنسبة للشرق الأوسط المعاصر، وذلك بسبب ما تمر به المنطقة من عنف وحروب وعدم استقرار. واعتبروا أن حالة التشرزم التي تمر بها المنطقة ليس لها علاقة باتفاقية سايكس بيكو.. وذلك لأن الدبلوماسيين البريطاني مارك سايكس والفرنسي فرانسوا بيكو لم يتفاوضا من الأساس على رسم الحدود، وإنما على مناطق النفوذ. وأوضحا "الكاتبان" أن رسم الحدود الحالية للشرق الأوسط كان خلال مؤتمر "سان ريمو" الذي أنتج معاهدة سيفر في أغسطس 1920، وأن عصبة الأمم هي التي وضعت كلًا من فلسطين والعراق في 1922 تحت الانتداب البريطاني، بينما خضعت سوريا في 1923 للانتداب الفرنسي. ولفتا إلى أن اللمسات الأخيرة لحدود المنطقة وضعت عام 1926، عندما جرى ضم ولاية الموصل إلى ما كانت تسمى آنذاك المملكة العراقية الهاشمية. ورأى الكاتبان أن حالة التشرذم والحروب والعنف التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ليست بسبب شرعية الحدود بين الدول، وإنما بشأن من يحكم سكان هذه الدول، فالصراع السوري بدأ بانتفاضة السوريين ضد حاكم مستبد جائر فاسد تمامًا كما حدث في دول أخرى مثل تونس ومصر وليبيا. واعتبرا أن ضعف وتناقضات الأنظمة الاستبدادية هي في قلب المحن التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، وأن الطائفية العرقية والدينية المتفشية في المنطقة هي نتيجة لهذا الاستبداد الذي حدد نظام الدولة في الشرق الأوسط. وأضافا "الكاتبان" أن الحدود "غير الطبيعية" للدول لم تتسبب في الانقسامات العرقية والدينية في الشرق الأوسط، ولكن اللوم يقع على عاتق القادة السياسيين المستبدين الذين يديرون هذه الانقسامات للحفاظ على حكمهم. واختتما بالقول: إن "السبب وراء العنف وتحريض الشعوب ضد بعضها بعضًا في الشرق الأوسط إنما يعود لطبيعة السياسة وطريقة الحكم التي اختارها زعماء المنطقة". يذكر أن اتفاقية سايكس بيكو كانت اتفاقًا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية المسيطرة على هذه المنطقة في الحرب العالمية الأولى. وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك، ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا وكانت ردة الفعل الشعبية-الرسمية العربية المباشرة قد ظهرت في مراسلات حسين مكماهون.