في مدينة "أم فحم" بشمال فلسطينالمحتلة عام 1958، ولد "شيخ الأقصى" ورائد النضال من الداخل الإسرائيلي، الشيخ رائد صلاح، الزعيم الذي حمل هم المسجد الأقصى الأسير في سن مبكرة، فدفع ثمن مواقفه القوية ضد سلطات الاحتلال بطرق مختلفة بداية من الاعتقال والوقوع رهن الإقامة الجبرية وحتى محاولة الاغتيال. وكان آخر خطوات الكيان الصهيوني لإبعاده عن نضاله هي الحكم عليه بالسجن تسعة أشهر بتهمة التحريض على العنف خلال خطبة ألقاها في مدينة القدس قبل تسع سنوات، حث فيها حشدا من المصلين على الرباط في المسجد الأقصى رغما عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال بهدم طريق باب المغاربة المتاخم لبوابة المسجد. فقام الشيخ بتسليم نفسه إلى شرطة الاحتلال ليبدأ تنفيذ الحكم، أول من أمس الأحد. تلقى "شيخ الأقصى" تعليمه الأساسي والثانوي في مدينته "أم فحم" ثم انتقل لدراسة الشريعة الإسلامية في جامعة الخليل. ويعتبر رائد صلاح من مؤسسي "الحركة الإسلامية" الأوائل داخل إسرائيل بداية السبعينيات، وأحد رموزها إلى حين انشقاقها نهاية التسعينيات نتيجة لقرار بعض قادتها خوض انتخابات الكنيست عام 1996، ومقاطعة آخرين. وفي بداية عام 1989 خاض الشيخ انتخابات رئاسة بلدية "أم فحم" عن الحركة الإسلامية، ونجح في تلك الانتخابات وهو في سن ال31، ثم خاض الانتخابات مرتين عام 1993 و1997 وكان دائما ينجح بنسبة أكثر من 70%، ثم قدم استقالته في عام 2001 ليتيح المجال لغيره في الحركة الإسلامية. وانتخب عام 1996 رئيسا للحركة الإسلامية، ثم أعيد انتخابه عام 2001، ولم تخل تلك الفترة من تقلده رئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية إلى حدود عام 2002، وكذلك رئيسا لمؤسسة الإغاثة الإنسانية. ومع توقيع اتفاقية "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عام 1993، أعلن صلاح موقفه الرافض له معتبرا أنها "ضربة ثقيلة للقدس والمسجد الأقصى كما أنه تعطي فرصة أطول لتهويد القدس". وعن الاقتتال الداخلي في غزة، اعتبر الشيخ أنه "نذيرا لسلب المسجد الأقصى ودفعا للمؤسسة الإسرائيلية إلى التكالب عليه لتنفيذ كل خططها". وبدأت مشوراه في السجون الإسرائيلية في عام 1981، عندما تم اعتقاله بتهمة الارتباط بمنظمة محظورة وهي"أسرة الجهاد"، وبعد الإفراج عنه تم وضعه تحت الإقامة الجبرية فمنعته شرطة الاحتلال من مغادرة المدينة ومن مغادرة بيته خلال الليل، وملزما بإثبات وجوده مرة أو مرتين كل يوم في مركز الشرطة. وفي عام 1998 قاد الشيخ رائد ما عرف بأحداث "الروحة"، عندما شهدت منطقة "وادي عارة" هجوما من قبل عناصر الشرطة والوحدات الخاصة عندما حاول أهالي مدينة "أم الفحم" وسائر بلدات "وادي عارة" الاحتجاج على الأمر العسكري القاضي بإغلاق أراضي منطقة الروحة أمام أصحابها الشرعيين، وكانت نتيجته استشهاد13 شابا فلسطينيا نتيجة القمع البوليسي وإصابة ما يقرب من 600 آخرين. فأعلن الشيخ في العام نفسه ما سماه مشروع المجتمع العصامي الذي يهدف إلى بناء الذات لفلسطينيي الداخل. وفي عام 2000 تعرض لمحاولة اغتيال وأصيب خلالها بعيار ناري في رأسه أطلقته القوات الإسرائيلية. وفي عام 2002 قررت سلطات الاحتلال منعه من السفر خارج البلاد، بناء على ما اعتبرته معلومات استخباراتية مصدرها جهاز الأمن العام "الشاباك"، ورفضت محكمة العدل العليا طلب الالتماس الذي تقدم به ضد منعه من السفر. واعتقل الشيخ مرة أخرى في سنة 2003، وأفرج عنه بعد سنتين سجنا، عام 2005. وقد كانت وجهت إليه تهم من قبيل القيام بغسيل أموال لحساب حركة المقاومة الإسلامية حماس. وفي عام 2009 منع من دخول القدس، ثم أصدرت المحكمة الإسرائيلية عام2010 قرار بسجنه تسعة أشهر.وفي عام 2010 أمضى خمسة أشهر في السجن لبصقه على شرطي إسرائيلي، قد حاول استفزازه. ليعود في عام2011 إلى السجن مرة أخرى بتهمة بإعاقة عمل الشرطة. وفي إبريل 2012 منع من دخول القدس حتى نهاية العام. وفي 18 أبريل 2015 صدر ضده حكم بالسجن 11 أشهر بتهمة "التحريض على العنف"، خلال خطبة في مسجد داخل بلدة وادي الجوز بمدينة القدسالمحتلة، في 16 فبراير 2007. واستأنف الشيخ على الحكم في 25 يناير الماضي أمام المحكمة العليا، التي أصدرت حكمها المتقدم بتخفيف عقوبة حبسه إلى 9 أشهر منتصف أبريل الماضي، فما كان له إلا أن يسم نفسه قبل يومين إلى سلطات الاحتلال ليقض العقوبة في سجن "أوهاليكدار" الإسرائيلي.