ماليزيا تشهد توترا متزايدا، بعدما دخلت الحكومة المنتخبة حديثًا فى مواجهة سياسية؛ إثر اعتقال عديد من شخصيات المعارضة بموجب قانون يعود إلى الحقبة الاستعمارية، ومصادرة الصحف المعارضة. الاعتقالات تأتى بعد أقل من 3 أسابيع من انتخابات شهدت منافسة مريرة، أبقت على حكومة رئيس الوزراء نجيب رزاق الحالية فى السلطة، وخلَّفت انقساما فى البلاد؛ حيث دعت المعارضة إلى مظاهرات حاشدة احتجاجا على نتيجة الانتخابات. ومن بين المعتقلين تيان تشوا، نائب رئيس حزب «العدالة» الذى يتزعمه أنور إبراهيم، وطالب ناشط، بعد اتهامهم بإثارة الفتنة لدعوة الماليزيين إلى النزول إلى الشوارع للاستيلاء على السلطة. زعيم المعارضة أنور إبراهيم وصف إجراءات الشرطة ضد 4 رجال اعتُقلوا من بينهم مسؤول بارز فى حزبه ب«الطغيان الواضح»؛ مضيفا: «حكومة نجيب ليست منتخبة على نحو مشروع، وبالتالى شرعيتها موضع شك، وسنواصل تصعيد المواجهة القانونية والقضائية فى هذا الصدد». ورفض إبراهيم قبول نتائج الانتخابات التى جرت فى 5 مايو، ونظم مسيرات للاحتجاج فى جميع أنحاء البلاد، أطلق عليها اسم «505» (نسبة إلى 505 مقاعد تمثل الولايات). الاعتقالات تسلط الضوء على كيفية تسميم نتيجة الانتخابات الأجواء السياسية، وتكشف عن انقسامات عميقة داخل المجتمع الماليزى؛ علاوة على أنها أغرقت نجيب فى مياه مجهولة بينما يتطلع إلى مواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية الحذرة التى بدأها عام 2009. ائتلاف رئيس الوزراء الحاكم (باريسان) الوطنى، فقد لأول مرة فى تاريخه التصويت الشعبى لأكبر حزب فى البلاد، المنظمة الوطنية للملايو المتحدين (أمنو)؛ كما فاز بالانتخابات بأغلبية ضئيلة، وهو ما يعزى إلى حد كبير الدعم القوى الذى يحظى به فى الريف وطريقة ترسيم حدود الدوائر الانتخابية. بدورها قالت الحكومة إن الانتخابات كانت نزيهة، وحثت «كل الأطراف على المشاركة بطريقة سلمية ومسؤولة مع إصلاح النظام الانتخابى». تفعيل قانون الفتنة فاجأ عديدا من المراقبين؛ فمنذ أقل من سنة قال نجيب إن القانون الذى مرِّر عام 1948، عندماما كانت ماليزيا تحت الاحتلال البريطانى، يمثل «حقبة ماضية فى بلادنا»، وسوف يحل محله «قانون وئام وطنى» جديد؛ إلا أن هذا لم يحدث حتى الآن. وحثت منظمة العفو الدولية، وجماعات حقوق الإنسان ماليزيا على إلغاء هذا القانون؛ قائلة إنه «يؤثر سلبيا على حرية التعبير مما يعد انتهاكا لدستور ماليزيا». «باريسان» استعاد السلطة، بأغلبية ضئيلة أقل مما حققها فى انتخابات عام 2008، كما أن فرص نجيب للتوصل إلى حلول وسط باتت محدودة فى ظل أولويته لتأمين إعادة انتخابه زعيما لحزب المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة فى مؤتمر الحزب، المتوقعة فى الخريف؛ ويرجِّح دبلوماسيون أن يتحرك المتشددون داخل الحزب الحاكم للإطاحة به على الرغم من أن شعبيته أسهمت فى تجنب نتيجة أسوأ. جيمس تشين، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة موناش فى أستراليا، يقول إن نجيب يواجه معارضة قوية داخل حزبه ولذلك عليه أن يظهر المزيد من القوة.