اهتمت مجلة مارأه العبرية المعنية بالشئون السياسية والاجتماعية في عددها الأسبوعي الأخير بأخر التطورات على الساحة المصرية، وفي تقرير لكاتبها موردخاي قيدار – الخبير في الشئون المصرية والشرق الأوسط- قالت المجلة «كلنا نعلم الوضع عندما تتعرض سيارة لحادث وبعدها لا يمكن إصلاحها ويتم إلقاءها في ساحة المخلفات، هذا الوضع يذكرنا بوضع مصر الأن، وذلك بعد سلسلة من الأحداث والضوائق التي جرت بها العامين الأخيرين منذ إلقاء مبارك في قفص الاتهام». وأضافت المجلة الإسرائيلية أنه طالما كان مبارك بالسلطة كانت هناك حالة من الاستقرار، لكن منذ إسقاطه، لا شئ يحدث في الدولة الحزينة تلك، التي يبلغ عدد مواطنيها 90 مليون نسمة، أي 90 مليون مشكلة. وأشارت إلى أن المشاكل بدأت في ال 11 من فبراير، عندما اضطر مبارك للتخلي عن حكم البلاد بعد المظاهرات ضده، وطالبه الجنرال محمد حسين طنطاوي منه الرحيل لتهدئة الشارع الغاضب، ومنذ هذا الوقت تم استبدال الاستقرار الاستبدادي لمبارك بفوضى جماهيرية، وعلى الرغم من أن النظام الحاكم يوجد في أيجي مجموعة حظت به بشكل ديمقراطي، يبدو أن مصر ستساهم بمصطلح جديد في العلوم السياسية هو (الفوضى الديمقراطية) أو (الديمقراطية الفوضوية)». وأوضحت أنه بالرغم من أن مصر لديها رئيس وجيش وشرطة ومنظومة قضائية، يبدو أن كل مكونات النظام الحاكم لا تعمل كمنظومة واحدة، وإنما كل جهة تعمل وفقا لأجندتها الخاصة، كما لو كانت تعيش في دولة منفصلة، على سبيل المثال الجمهور انتخب برلمانا والقضاء قام بحله، الرئيس أصدر تعليمات وأوامر كبديل عن قوانين البرلمان والقضاء ألغاها، غالبية الجماهير اختارت رئيسا لكن قطاعات واسعة من الشعب تريد خلعه، تم انتخاب رئيس إسلامي، لكنه مضطر لإدارة الدولة وفقا للقوانين المعارضة للشريعة، بدو سيناء هم مواطنون مصريون، لكنهم يتحركون كما لو كانت دولتهم هي عدوتهم. ولفتت إلى أن القشة التي قسمت ظهر البعير المصري هي اختطاف 7 جنود من سيناء على يد البدو بهدف الضغط على النظام الحاكم لتحرير عدد من السجناء، عملية الاختطاف وضعت الرئيس مرسي بين المطرقة والسندان، تنازله للبدو سيتم تفسيره كخضوه من الدولة لمجموعة مجرمين عنيفين، الامر الذي سيشجع جماعات أخرى لاتخاذ أجراءات مشابهة في المستقبل لتحقيق نفس الأهداف، في مثل هذا الوضع يمكن لأي منتهك للقانون أن يضغط على النظام الحاكم بهدف إخضاعه، وهذا يعني عدم وجود دولة . لكن شن هجوم على البدو بقوة عسكرية كبيرة شكل -كما ترى المجلة الإسرائيلية – مشكلة لنظام حكم الإخوان الذي يتظاهر بأنه نظام حكم ديني، وكيف لنظام مثل ذلك أن يقوم بقتل مسلمين؟، علاوة على ذلك فإن البدو يتعاونون مع حماس ومرسي يخشى من دعايا حماس وأكثر من ذلك يخشى من الأخ الأكبر، أمير قطر. وأضافت المجلة أنه في 22 مايو تم إطلاق سراح 7 جنود بعد ان التقي ممثل الجيش بقادة قبائل جبل حلال، يمكننا الافتراض أن البدو تم تحذيرهم بان الجيش سيتخذ معهم إجراءا قاسيا، لكن حقيقة أن النظام مضطر لاسترضاء شيوخ القبائل تشهد على من هو صاحب البيت في سيناء، لم يتم نشر الوعود التي قدمت لهؤلاء الشيوخ مقابل تحرير الجنود، لكن الحكومة اضطرت مرة أخرى للعب وفقا لقواعد الصحراء، وهي كل من يريد شيئا ما عليه أن يلتقي بزعماء القبائل. وأشارت إلى أن الصراع بين الدولة والبدو سيشهد جولة إضافية، لان الدولة لم تحرر بعد السجناء البدو المتهمين بعمليات إرهابية، والذين من أجلهم تم اختطاف الجنود السبعة. وختمت المجلة تقريرها بالقول إن عملية الخطف هي حلقة جديدة في سلسلة طويلة من حلقات انعدام القانون والنظام في شبه جزيرة سيناء، لكن لها تأثيرات وتبعات كثيرة على سير عمل الدولة، أما الجيش الذي تتعرض حياة جنوده للخطر، غير مهتم بفتح حرب شاملة ضد البدو، لأنه في حرب لن يكون للجيش تقريبا معلومات استخباراتية عن أماكن الاختباء المنتشرة في سيناء، كما انه من الصعب زرع عملاء داخل الجماعات العائلية الجهادية هناك، كما ان تلك الجماعات لا تستخدم وسائل اتصال الكترونية يمكن تحديد موقعها والتنصت عليها، علاوة على ظروف الطبيعة الصعبة في سيناء، ما يصعب على الجيش استخدام الدبابات. وأضافت «إذا ما اندلعت معارك في وقت ما بسيناء ضد البدو والجهاديين، سيطالب الجيش بأن يوضخ لعائلات الجنود الذين سيقتلوا لماذا قتلوا ومن أجل ماذا، والآن ليس من المؤكد أن الجيش مهتم بالتضحية بدماء جنوده لتعزيز نظام حكم الغخوان المسلمين في الدولة»، لافتة إلى أن الجيش سيصعب عليه مواجهة انتقادات السلفيين، الذيبن يعتقدون اليوم أن الجيش هو عميل مبارك الطامح لإعادته من قفص الاتهام لقصر الرئاسة، وأنه إذا ما اختطف جنود في المستقبل، ولم ينجح الجيش في تحريريهم، ليس من الصعب أن نصف كيف سيبدو في أعين جنوده وأعين مواطني الدولة عندما يشاهد هؤلاء موقع اليوتيوب ويرون كيف يقتل البدو بدم بارد جنود الجيش الأكبر بالشرق الأوسط، والذي لا يمكنه مساعدتهم".