أعلن أمس، سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية، عن ترشيح خصمه وعدوه اللدود ميشال عون رئيس تيار التغيير والإصلاح لرئاسة الجمهورية، هذا الأمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فجعجع وعون ليسا مجرد خصوم سياسيين، بلا أعداء متحاربين قدامي، وأدى الصراع العسكري بينمها إلى قتل مئات الأشخاص من العسكريين والمدنيين قبيل نهاية الحرب الأهلية اللبنانية، في ما سمي بحرب الإلغاء. بداية الخصومة بين الشخصين لها تاريخ طويل من العداء منذ بدء الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي، فميشال عون كان قيادي في الجيش اللبناني، طول فترة الحرب الأهلية، في ذات الوقت الذي كان جعجع قيادي قي ملشيات الكتائب اللبنانية، التي كانت تلقى دعم من الجيش ضد خصومها، وهذه هي فترة التوافق البيني بين عون وجعجع. ولكن بعدما انشق جعجع من مليشيا الكتائب، قام بتشيكل مليشيا أخرى هي القوات اللبنانية، برئاسة إيلي حبيقة، قبل أن ينقلب على حبيقة، ويتولي قيادة القوات، ويدخل بعدها في حرب مع الجيش اللبناني في بيروت وقت أن ميشال عون قائدا للجيش اللبناني، ولم ينهي الحرب بين عون وجعجع سوى تدخل الجيش السوري للمرة في بيروتالغربية، والسيطرة على الأوضاع. بعد انتهاء الحرب الأهلية، احتمى ميشال عون بالسفارة الفرنسية، قبل أن يخرج من لبنان منفي إلى فرنسا، التي قضى فيها 16 عامًا، وذلك بعد انهيار الحكومة العسكرية التي شكلها ميشال عون بعد انتهاء مدة أمين جميل، وعدم اعترافه باتفاق الطائف. أما سمير جعجع فقد حكم عليه بالإعدام، بعد أن تم إدانته باغتيال النائب طوني فرنجية، بأمر من بشير جميل أثناء الحرب الأهلية، ولكن تم تخفيف الحكم من جانب الرئيس ألياس الهراوي، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لم يخرج من السجن إلا بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، وخروج الجيش السوري من لبنان. يذكر أن الخضمين أضاعا فرصة عرضت عليهما، في 1988، قبل دخول فترة الشغور الرئاسي قبيل اثناء حكم أمين جميل، عندما عرض عليهما السفير الأمريكي مورفي، أن يقبل الجانب المسيحي بترشح مخايل الضاهر للرئاسة، وقال مورفي وقتها جملته الشهيرة "مخايل أو الفوضي"، ولكن جعجع وعون اختارا الفوضى، وهو ما حدث بالفعل، فبعد انتهاء ولاية أمين جميل سلم السلطة لحكومة عسكرية بقيادة ميشال عون، والذي تولي رئاسة الحكومة "حصة المسلمين السنة"، وهو ما اعترض عليه رئيس الوزراء سليم الحص، واستقال الوزراء المسلمين من حكومة عون، وشكل سليم الحص حكومة مدنية. ظلت حكومتا عون والحص، حتى توقيع اتفاق الطائف، وانتخاب ألياس الهراوي، رئيسا للبنان، وهو الأمر الذي رفضه ميشال عون، ورفض تسليم السلطة ومغادرة قصر بعبدا، مما اضطر القوات السورية لدخول بيروت، وفرض النظام وتمكين حكومة الهراوي، ونفي بعد ميشال عون. ولم يتوقف خصام الرجلين عند نهاية الحرب الأهلية، فبعد خروج السوري من لبنان عقب اغتيال رفيق الحريري، تم تكوين تيارين سياسيين كبيرين في لبنان، هما 14 آذار "تيار المستقبل والقوات اللبنانية والكتائب" يؤيد اتفاق الطائف وخروج القوات السورية وقريب من السعودية، وتيار 8 آذار "حزب الله و تيار التغيير والإصلاح وحركة أمل وتيار المردة" قريب من سوريا وإيران. وانضم سمير جعجع لتيار 14 آذار، بينما انضم ميشال عون لتيار 8 آذار، وتواصلت الخصومة السياسية بين الرجلين حتى توقيع اتفاق النوايا أمس في معراب. وسمي الاتفاق بثوابت معراب العشرة وهي: 1 – تأكيد الإيمان بلبنان وطنا نهائيا سيدا حرا وبالعيش المشترك وبالمبادئ التأسيسية التي وردت في مقدمة الدستور. 2 – الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف واحترام أحكام الدستور من دون انتقائية وبعيداً من الاعتبارات السياسية والتفسيرات الخاطئة. 3 – اعتماد المبادئ السيادية في مقاربة المواضيع المرتبطة بالقضايا الإقليمية والدولية. 4 – تعزيز مؤسسات الدولة وثقافة الاحتكام إلى القانون وعدم اللجوء إلى السلاح والعنف أياً كانت الهواجس والاحتقانات. 5 – دعم الجيش معنويا وماديا وتمكينه وسائر القوى الأمنية الشرعية من التعامل مع الحالات الأمنية كافة على كل الأراضي اللبنانية بهدف بسط سلطة الدولة وحدها على كامل الأراضي اللبنانية. 6 – ضرورة التزام سياسة خارجية مستقلة بما يضمن مصلحة لبنان ويحترم القانون الدولي وذلك بنسج علاقات تعاون وصداقة مع جميع الدول لا سيما العربية منها، بما يحصن الوضع الداخلي اللبناني سياسياً وأمنياً ويساعد على استقرار الأوضاع. كذلك اعتبار إسرائيل دولة عدوة والتمسك بحق الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم ورفض التوطين واعتماد حل الدولتين ومبادرة بيروت 2002. 7 – ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية وبالاتجاهين وعدم السماح باستعمال لبنان مقراً أو منطلقاً لتهريب السلاح أو المسلحين. 8 – احترام قرارات الشرعية الدولية كافة والالتزام بمواثيق الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية. 9 – العمل على تنفيذ القرارات التي تم التوافق عليها في طاولة الحوار الوطني. 10– ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات يراعي المناصفة الفعلية وصحة التمثيل بما يحفظ قواعد العيش المشترك ويشكل المدخل الأساسي لإعادة التوازن إلى مؤسسات الدولة.