هل تعرف لماذا أعدم الشيخ الشيعي نمر النمر فى السعودية؟ الإجابة سهلة للغاية، وليست في حاجة إلا لتفقد الفيديوهات العديدة الموجودة على الإنترنت. طيب السؤال الأصعب: هل ترى أنه يستحق المصير الذي لاقاه؟ السؤال فخ، لأنه يكشف الأرضية التي تقف عليها، تحديدًا موقفك من قضية السنة والشيعة، هل تعتقد أن أحدهما على حق، والآخر على باطل؟ أم أن الفرقتين طالما يعتقدان في الرب نفسه، والرسول نفسه، وبأركان الإسلام المتعارَف عليها، فالباقي مجرد اختلاف ثقافات وعادات! المسألة في الحقيقة معقدة للغاية، ولو حاولت الاقتراب من هذه المنطقة للبحث عن إجابة فربما تأخذ قرارًا بأن مسألة الدين بأكملها مشكوك فيها، وهذا حدث مع كثيرين بالمناسبة، لأن البراءة التي كانوا يتعاملون بها مع الدين اللطيف السمح الذي درسوه في المدارس وشاهدوا أفلامه في التليفزيون، حيث المسلمون ملائكة والكفار شياطين، زالت مع تعرفهم على الوقائع التاريخية المفزعة، لم تتحمل عقولهم التناقض بين الصورتين، بدلًا من التضحية والإيثار، ظهر أمامهم قوم يتصارعون على الدنيا، والبعض من هؤلاء القوم، من آل البيت والصحابة والمبشرين بالجنة، وكلهم تورطوا في الدم، وخلفوا لنا إرثًا ثقيلًا قسم العالم الإسلامي إلى معسكرين كل واحد فيه يرى أنه الحق. الآن، وعلى خلفية إعدام نمر النمر، يتم التبشير بحرب شاملة بين السنة والشيعة، وإن كنت لا تعلم "فما التقى سيف مسلمين إلا وكلاهما في النار"، غير أن المعضلة تجد الحل ببساطة لأن المفترض أن هناك فئة من الاثنتين كافرة، ويجوز قتالها إلى أن تعود لرشدها، في حالتنا، أنا وأنت من المفترض علينا الإيمان بأننا على الطريق الذي حدده الله ورسمه الرسول، ولدينا مئات بل آلاف الأدلة على هذا، وهذا الإيمان لا بد له أن يمدنا بالقوة لندخل المعركة ورائحة الجنة أمامنا، ليس مهمًّا بالطبع أن رجال المعسكر الآخر لديهم الإيمان نفسه، ويملكون رصيدًا مماثلًا من الأدلة والبراهين، كله كذب وافتراء حسب ما يقول شيوخنا. العدل يقول إنه طالما فرقتنا في الجنة، والأخرى في الجحيم، فإن كل جدودنا وجدودهم كذلك أيضًا، طوال أكثر من 1400 عام، كل سنى محكوم عليه بالرحمة، وأي شيعي كتب عليه العذاب، هذه عملية حسابية منطقية لا أكثر، لكن ماذا عن علي بن أبى طالب، والحسين، وغيرهما ممن جاور الرسول والذين عرفوا بالورع والتقوى، ماذا عمن نعرف أن أجسادهم لن تمسها النار، ماذا عن عائشة زوجة محمد، كيف يمكننا أن نرى دورها في تلك الفتنة التي لم -وغالبًا لن- تخمد. لا أعرف صدقًا لمن سيسمع الله، لنا أم لهم، كيف سيفصل في هذا الخلاف الحاد، ما أعرفه أن الفرقتين تملكان تاريخًا من الحماقة والطمع لم تتخليا عنه، وتوشكان أن تجعلا منه وقودًا لجحيم يحرقنا جميعًا، وربما يطاردنا حتى الآخرة فقط، لأننا اجترأنا ومنحنا أنفسنا حق الحكم على الآخر.