هل هناك أمل في تطور المجتمعات العربية واقتحامها دنيا العلم والابتكار؟ طاف هذا السؤال في خاطري عندما اطلعت على تصريح مفتي جمهورية مصر الدكتور شوقي علام يعلن فيه أن (السلام الوطني والوقوف لتحية العلم مباح)، وأضاف أن (الموسيقى لا حرمة في سماعها أو عزفها، فهي صوت حسنه حسن وقبيحه قبيح/ اليوم السابع أمس)! على الجانب الآخر من الكوكب تترامى إلينا أنباء تقول إن علماء إنجلترا اخترعوا طائرة تجسس في حجم الذبابة قادرة على الطيران لنحو 10 ساعات متواصلة بسرعة 20 ميلا في الساعة ومزوّدة بكاميرات للرصد والتجسس! هنا في مصر نبدد وقتنا وطاقاتنا في مناقشة قضايا لا علاقة لها بالعصر الحديث، ولن تؤثر في شيء، فالموسيقى اخترعها الإنسان منذ وجوده على الأرض لأنها تلبي حاجاته روحية، وبالتالي سيظل يعزف ويغني مهما قيل عنها - من قبل خصوم العصر المتشددبن - إنها حرام! المحزن أن جريدة الحياة اللندنية نشرت منذ عامين تقريبًا (27 فبلااير 2014) تقريرًا مثيرًا عنوانه (علماء هولاندون يصممون طائرة بدون طيار في حجم حشرة)، ولم يثر هذا التقرير أحدًا في بلادنا المنكوبة بالفكر المتخلف، حيث مازال الناس يتصارعون ويتناقشون حول أمور لا تمت لزماننا الحالي بصلة... من أمثلة... الموسيقى حرام أم حلال؟ الرسم والنحت حرام أم حلال؟ مصافحة المرأة حرام أم حلال؟ عمل المرأة حرام أم حلال؟ إلى آخر هذه السلسلة البائسة من الأسئلة الخائبة؟. في هذا التقرير عن الطائرة الحشرة يقول العالم "غيدو دو كرون" أحد مصمميها والباحث في جامعة ديلفت التكنولوجية إن (طائرة ديلفلاي إكسبلورر أصغر طائرة بدون طيار في العالم، يمكنها أن تطير وتتجنب العوائق بشكل آلي... وأنها تزن 20 جرامًا فقط، وأنها مزودة بكاميراتين تعملان بالأبعاد الثلاثية لتحديد مكانها). لاحظ أن هذه الطائرة الحشرة أو الذبابة اخترعت قبل عامين، أي أنهم الآن طوروا هذا الاختراع إلى آفاق أرحب، ويقال إن إسرائيل تمكنت من ابتكار طائرة بحجم ذبابة بالفعل لتتجسس على الفلسطيين وتكتشف الأماكن التي يختبئ فيها أفراد المقاومة! عندما نطالع هذه التقارير عن التطور العلمي المذهل الذي يتسابق في مضماره الآخرون، نتحسر على أحوالنا التي مازالت محلك سر منذ ألف عام، حتى أصبح من الطبيعي جدًا أن يتحكم بنا الكبار وينهبونا ويحتلونا ويلعبوا بنا الكرة "الشراب"، مادمنا نبدد أوقاتنا وأعصابنا في سؤال تعيس... (هل الموسيقى حرام أم حلال؟)!