كتب - محمد عطية وسلافة قنديل: تتميز دول أمريكا اللاتينية بتراثها الثقافي والأدبي المستمر، وتلمع في سماء العالم نجوم من البرازيل وأوروجواي وكولومبياوبيرو وتشيلي غيرها، والقارئ المصري والعربي على دراية بالكثير من هذه الأسماء التي نقلت له مشاعر ومعاني وصور ومعاناة وأفراح بشر مثلهم من الجانب الآخر من العالم. ونسلط الضوء على بعض هؤلاء الكوكبة الرائعة خلال السطور التالية... ماريو بينديتي تعتبر رواية "بقايا القهوة" للأديب الأوروجواني ماريو بينديتي من أكثر الأعمال الأدبية التي تنقل لنا تفاصيل عن هذه المنطقة من العالم، والتي لا يعرف الكثيرون خاصة في العالم العربي عنها شيء، وتعتمد ككثير من أدباء أمريكا اللاتينية على السيرة الذاتية، وسرد وقائع شخصية وعائلية، بدءًا من الصغر وفترة الدراسة، وتأخذنا مع بطل الرواية في رحلة سريعة لمراحله العمرية المختلفة. ويلعب الأديب على فكرة "الصدفة"، حيث يلتقي بفتاة وهو ما زال طفلاً، ثم يقابلها مرة أخرى خلال زيارة له للخارج وفي أحد مشاهد الرواية يعبث بأحد أجهزة الراديو، فيسمع صوتها، ويتلقاه عبر موجات الأثير، وترصد الرواية الكثير من خصائص وخصوصيات أوروجواي والعادات الشخصية والمجتمعية هناك، وعلى رأسها الاهتمام بكرة القدم والإيمان بالحظ وقراءة الفنجان عبر بقايا القهوة التي أخذت الرواية اسمها منها. ماريو فارجاس يوسا من قتل بالومينو ماليرو؟ تعد من أشهر روايات أديب بيرو ماريو يوسا.. وبهذا السؤال فضل الأخير تسمية روايته التي تدور كلها حول حادث قتل وعملية البحث عن القاتل، ويأخذنا فيها "يوسا" لينقل إلينا مشاهد ومشاعر وأحاسيس لرجال عسكريين داخل إحدى القواعد الجوية، وطرق التعامل اليومي والعلاقات الشخصية فيما بينهم. وتركز الرواية على فكرة صراع قوتين في المجتمع، وضياع الضعفاء بين صراعات وحروب الكبار، ولعل عبارة جاءت على لسان أحد أبطالها ترمز لهذه الفكرة، وهي (حينما تصطدم الأمواج بالصخر لا يُعاني إلا الطحالب). باولو كويلو يعرفه القارئ المصري عبر العديد من الروايات من بينها: "الجبل الخامس" و"الخيميائي" و11" دقيقة"..عالم الأديب البرازيلي كويلهو يدور حول فكرة الرحلة التي يبدأها الإنسان بلا هدف أو معنى للحياة ليتحول في نهايتها إلى شخص صاحب تجارب حياتية، يمكنه عن طريقها تفسير الكون من حوله. ففي الجبل الخامس، استعان باولو بإحدى قصص الكتاب المقدس، عن النبي "إيليا" الذي يهرب من الملك الراغب في قتله ثم عودته مختلفا على الصعيد النفسي وأقوى مما كان ليواجه هذا الملك، وفي "الخيميائي" يُدرك الفتى بطل الرواية في نهاية رحلته أن الكنز الذي يبحث عنه لا يجب أن يكون ماديًا كالذهب، وإنما معنويًا كالعثور على سر حياته، وإيجاد المغزى من وراء العبث الظاهري في الحياة. الأمر نفسه في رواية "11 دقيقة" لفتاة تهرب من بلدتها بأمريكا اللاتينية إلى سويسرا لتعمل بالبغاء، وتلتقي خلال هذه الرحلة الطويلة بشخص تحبه وتعثر في النهاية على السلام النفسي الذي لم تعرفه منذ صغرها. جابرييل جارسيا ماركيز الاستمتاع حاضرًا في روايات المبدع الكولومبي وعلى رأسها "100عام من العزلة"، و"الجنرال في المتاهة"، و"ذكريات عاهراتي الحزينات" وغيرها، فتستمتع بعالم الواقعية السحرية الذي يعتمد على الأساطير الشعبية، وقصص الخرافات والروايات الخيالية الممزوجة بواقع البشر، وتشكل جوهر حياتهم اليومية. ويشعر قارئ روايات ماركيز أنه الأديب المؤرخ، فهو قد يقص علينا ملحمة عائلية من الجد للابن للحفيد، دون ملل، وتكتشف في نهاية الرواية، أنك قرأت وقائع إحدى العائلات تستمر لأكثر من قرن، وتلامس هذا وتأثره بالتاريخ العام والسياسي للبلاد، في وضع أشبه من قريب أو بعيد بروايات نجيب محفوظ ك"الثلاثية". ويهتم ماركيز بالحديث عن الديكتاتور أو الطاغية الذي لا يهتم بالشعب، ويظهر هذا جيدًا في (الجنرال في متاهة) التي اعتمد فيها على فترة من تاريخ كولومبيا، والأيام الأخيرة من حياة الجنرال سيمون بوليفار. إيزابيل الليندي روائية تشيلية، حصلت على العديد من الجوائز الأدبية المهمة، وتصنف من أهم كتاب أمريكا اللاتينية والعالم، ومن أشهر رواياتها التي ترجمت لعدة لغات "بيت الأرواح" و"إيفالونا". منذ عام 1982، عندما كتبت رواية "بيت الأرواح"، وفي أكثر من 20 كتابًا لها بين الخيال والواقعية، أظهرت إيزابيل الليندي فهم قوي للمشاعر الإنسانية الذي يصنع قصة قوية. المشاعر الإنسانية من الفرح والحزن والكراهية، والمحبة، والنضال، والفداء، كانت لها الأدوار الرئيسية في كل قصصها، فكانت تتناول في نفس الوقت قوة الذاكرة، والشيخوخة، والتسامح، لتشكيل الحياة أو القصة، بينما غلبت الحكمة على العاطفة في آخر رواياتها "العاشق الياباني".