لن ينسى العراقيون أبدًا هذا الاسم ..أحمد الجلبي، الرجل الذي كان عراب الغزو الأمريكي لبلادهم، والذي توفى اليوم عن عمر يناهز 71 عامًا، البرلماني السابق الذي كان من معارضي الرئيس الأسبق صدام حسين، لم يكتف بمعارضته بل لجأ إلى خطيئة الاستقواء بالخارج الأجنبي للإطاحة بنظام البعث في وطنه واحتلاله من قبل الولاياتالمتحدة. "الجلبي" الذي قضت أزمة قلبية على حياته، مات في بغداد، العاصمة التي دمرتها جحافل القوات الأمريكية بناء على توصياته بإسقاط صدام، ويبدو أن الولاياتالمتحدة لم تحفظ له الجميل، فبعد2003 ،عام الغزو، لم تكافيء واشنطن زعيم حركة المؤتمر الوطني، بوضعه على قمة السلطة والقيادة، رئيسًا للبلاد، رغم أن أنه كان من أكثر الشخصيات المرشحة لذلك. ويبدو أن نظرة واحدة لسيرته تكشف إلى أي درجة كان بعيدًا عن بلاده الأصلية، العراق، وربما لهذا السبب لم يهتم أو يكترث بما سيؤول إليه حال ساكنيها إذا ما وطأت القوات الأمريكية أراضيها، فهو في النهاية عاش معظم حياته بالولاياتالمتحدة وبريطانيا، وربما يعرف ساعة "بيج بن" و"لندن بريدج" و"الأمبير ستات" و"تمثال الحرية" أكثر من أثار الكوفة والبصرة والنجف وغيرها من مدن وطنه. بل إن الجلبي كان من أكثر الشخصيات التي تحظى بدعم العديد من القطاعات داخل الكونجرس الأمريكي ووزارة الدفاع الأمريكية )البنتاجون(، ورغبته في إسقاط نظام صدام حسين حتى ولو عن طريق الاستعانة بالمحتل، ليست مقتصرة على عام2003 ، بل إنها قديمة، فبالعودة إلى مرحلة التسعينات وبالتحديد1998 سيخبرنا كتاب التاريخ عن90 مليون دولار رصدهم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لحزب الجلبي، المؤتمر الوطني، من أجل إسقاط النظام، بل إن نفس العقد شهد مساعي من قبل الرجل لتنظيم عمل سياسي وعسكري في المناطق الكردية شمالي العراق، وخطة "المدن الثلاث" التي تبناها وتتضمن الاستيلاء على عدد من المناطق الرئيسية ثم عزل وتطويق صدام، باءت بالفشل. الخواجة الأمريكي لا يغدق العطايا على من ساعدوه في احتلال أوطانهم، بل أن علاقة الجلبي بالولاياتالمتحدة ساءت بعد أشهر من دخول قواتها بذريعه "كونه مصدر معلومات غير دقيقة زود بها السلطات الأمريكية"، كما تم توجيه اتهامات لأعضاء في حزبه أيضًا بالتجسس لصالح إيران، ووصلت القطيعة بين الجلبي وواشنطن ذروتها، حين صدرت بحقه مذكرة اعتقال مع ابن اخيه سالم الجلبي عندما كانا خارج العراق.