قال هارون زيلين، باحث معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنىرغم سقوطه في "درنة" منتصف يونيو الماضي، ظهر "تنظيم داعش في ليبيا" بشكل أقوى في مدينة "سرت" اعتمادا على شبكات العمل الجهادية الموجودة بالفعل في المنطقة، كما كثف التنظيم أنشطته في بناء دولته المزعومة. ورأى زيلين في مستهل تقرير مطول - نشره المعهد على موقعه الإلكتروني- أن هذه القدرة على المناورة هي من أوجه متعددة، تنهض دليلا على التشابه التام بين "تنظيم الدولة في ليبيا" وأبيه الذي انبثق عنه في العراقوسوريا "داعش". ولفت إلى أنه بخلاف "درنة" حيث نشأ تنظيم الدولة في ليبيا، فإن "سرت" تخلو من فصائل مسحلة قد تتقاتل مع التنظيم. وفي ضوء عدة مستجدات، من بينها ضعف جبهة جماعة "أنصار الشريعة في ليبيا" بالانشقاقات، واتفاقات أبرمها تنظيم داعش مع قبائل محلية، وانضمام موالين سابقين للقذافي ومن مسقط رأس رأسه إلى تنظيم الدولة أو التسليم بظهوره في "سرت" - في ضوء تلك المستجدات، باتت مدينة "سرت" عاصمة للتنظيم في ليبيا، تماما كما "الرقة" و"الموصل" عاصمتان لداعش في سورياوالعراق على الترتيب. وأشار الباحث إلى أن تنظيم داعش في ليبيا، الذي أقنع عناصر جماعة "أنصار الشريعة" المتمركزة في "سرت" والمتمتعة بعلاقات مع قوى رئيسية بها بمبايعة "أبو بكر البغدادي" قائد التنظيم في الخريف الماضي، لم يضطر للبدء من الصفر لإيجاد قاعدة لنفسه في المنطقة التي باتت بيئة متميزة يستطيع منها التنظيم توطيد وجوده في ليبيا. ولفت زيلين، إلى أن التنظيم في ليبيا الذي استقوى بالمنشقين من عناصر "أنصار الشريعة" في "سرت" منذ أكتوبر 2014، لم يكشف عن نفسه رسميا في المدينة حتى مطلع العام الحالي 2015 عندما نشر فيديوهات لمذابح ارتكبها على سواحل "سرت". وأكد زيلين أن تنظيم الدولة في ليبيا في الوقت الراهن يعمد إلى الإيحاء للسكان في "سرت" أن الحياة مستمرة وأن وجوده كفيل بإرساء الاستقرار وعودة الحياة الطبيعية إلى المدينة، تماما كما فعل "داعش" الخريف الماضي في العراقوسوريا. وعليه، خلص باحث واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إلى أن تنظيم الدولة باستيلائه على "سرت" كأول عاصمة للتنظيم خارج حدود العراقوسوريا يكون قد أوجد لنفسه قاعدة أكثر استدامة من تلك التي كان يحاول إيجادها وفشل في مدينة "درنة".