استجابة لنداء الحملة الشعبية التونسية لمناهضة التطبيع، قرر عدد من السينمائيين التوانسة عدم المشاركة فى مهرجان لوكارنو، الذى سيبدأ غدا الأربعاء، ويستمر حتى الخامس عشر من شهر أغسطس الحالى، السينمائيون الذين قرروا المقاطعة هم: درّة بوشوشة (منتجة)، لينا شعبان (منتجة)، رجاء العمارى (مخرجة)، محمّد بن عطيّة (مخرج)، نادية الرايس (مخرجة)، إيمان دلّيل (مخرجة)، نجيب بلقاضى (مخرج)، عماد مرزوق (منتج)، وبديع شوك (منتج). الحملة الشعبية التونسية أصدرت بيانًا فى 22 من شهر يوليو الماضى تطالب فيه السينمائيين بمقاطعة المهرجان، نظرا لأنه يمنح «بطاقة بيضاء» للسينما الإسرائيلية، التى ستُقدّم سبعة أفلام فى مرحلة ما بعد الإنتاج إلى إخصّائيين ليسهّلوا استكمالها وتوزيعها. وذلك فى إطار شراكة مع «صندوق الدعم الإسرائيلى للفيلم». وهذا الصندوق مدعوم بدوره من طرف «المجلس الإسرائيلى للسينما»، كما أنّه يتلقّى دعمًا من قسم السينما بوزارة الخارجية، الذى يُعنى بالترويج للأفلام الإسرائيلية فى الخارج بمساعدة الملحقين الثقافيين بالسفارات الإسرائيلية فى العالم أجمع. وطالب البيان بالاستجابة لنداء المقاطعة الذى أطلقته «الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل» تحت عنوان: «لا تعطوا صكا على بياض للأبرتهايد الإسرائيلى»، الذى وقّع عليه أكثر من 200 سينمائى. مثل كان لوك، جان لوك جودار، ألان تانار. ومخرجون فلسطينيون مثل آن مارى جاسير، آليا سليمان، ومنتجون إسرائيليون تقدّميون مثل أيال سيغان، وفنّانون عرب من بينهم عديد من التونسيين منهم سوسن سايا، نجمة الزغيدى، رضا التليلى، الجيلانى السعدى، أسماء شيبوب، منصف طالب، عزّة شعبونى، فاطمة الشريف، إسماعيل الماسى، وكوثر بن هنيّة. فى المقابل رفض عدد من السينمائيين هذه الدعوة، وقرروا المشاركة فى المهرجان مثل بعض السينمائيين المغاربة والجزائريين إضافة إلى شركة «MAD Solutions» التى تشارك فى المهرجان من خلال عقد شراكة مع مبادرة أبواب مفتوحة (Open Doors) التى تُقام ضمن فاعليات المهرجان، لتمنح من خلاله الشركة جائزة خاصة لمشروع الفيلم الفائز فى المبادرة التى يركز برنامجها هذا العام على المشروعات السينمائية فى دول المغرب العربى. علاء كركوتى، رئيس مجلس إدارة شركة «MAD Solutions»، قال إن الشركة تقدم جائزة التوزيع والتسويق فى العالم العربى لمشروع واحد ضمن قسم أبواب مفتوحة، وهو ما تفتقده الأفلام المغاربية عموما، حيث لا توجد أبدا خارج منطقتها، كما أننا طرف فى حلقة نقاش عن سبل التعاون بين أوروبا والسينما العربية، وفيها عدة أسماء عربية (منتجون ومؤسسات). وأضاف كركوتى أن شركة «ماد سولوشنز» على دراية كاملة بالاحتلال الإسرائيلى لفسلطين، ونشجبه دون شرط أو قيد، إلا أن الدعوة لمقاطعة مهرجان لوكارنو السينمائى لن تحقق الأثر المطلوب، وأبرز مثال على ذلك ما حدث فى مهرجان تورنتو السينمائى منذ بضع سنوات، عندما تم اختيار مدينة تل أبيب للاحتفاء بها سينمائيا، حيث قاطع العديد من صناع الأفلام العرب المهرجان، ولم يتحقق شىء على العكس الآن نجد فيلم المخرج هانى أبو أسعد يعرض هذا العام فيلمه «آراب أيدول» فى مهرجان تورنتو. إذا قاطع صناع الأفلام العرب كل مهرجان يستضيف أفلاما وسينمائيين من الكيان المحتل، فلن يبقى لدينا سوى بضعة مهرجانات محلية، وهو الأمر غير المثمر من الناحية الاقتصادية والثقافية، فمن غيرنا سيحكى قصصنا إذا لم نأخذ أفلامنا وثقافتنا ونتشارك بها مع العالم؟ إذا سمحنا ل«الآخرين» بأن يحكوا قصتهم الخاصة بصراعهم معنا، نكون قد خسرنا منصة هامة لعرض ثقافتنا. وأضاف كركوتى «ونظرا لأننا عاملون فى هذا المجال منذ فترة معقولة، فنصيبنا من الإنتاج السينمائى العربى قليل جدا مقارنة بالآخرين، ومنع القلة القادرة من تلك الأفلام من المشاركة فى المهرجانات الدولية والوصول بصناع السينما العربية إلى العالمية يعد ظلما». لا أرى المقاطعة هى الحل، بل العكس، فالتمثيل القوى والوجود العربى فى منصات الأفلام سيسهم فى جمع أكبر دعم ممكن لصناع الأفلام العرب مثلما يفعل الإسرائيليون، خصوصا أن المهرجان هذا العام يعرض نحو 25 فيلما عربيا دفعة واحدة فى أعلى عدد لأفلام عربية منذ عقد تقريبا. بدوره قال الناقد السينمائى مصطفى درويش، إن مقاطعة المهرجانات التى تشارك فيها إسرائيل مزايدة غير مجدية، لأنها تعنى الانسحاب، وترك المساحة خالية لإسرائيل، وهو نفس رأى الناقد السينمائى أحمد حسونة، الذى يشير إلى أن المقاطعة لن تجدى، لأن إسرائيل تفرض نفسها بقوة على المهرجانات، والحل الأكثر جدوى من وجهة نظره، هو محاولة المساهمة فى تمويل هذه المهرجانات بأموال عربية، حتى يصبح لنا وجود وصقل قوى فى المهرجانات العالمية. على عكس هذا الرأى يرى الناقد كمال رمزى، أن المشاركة فى مهرجان يعقد تآخيا مع إسرائيل يمثل نوعا من أنواع التطبيع الواضح، لأنه يعنى التعامل المباشر مع إسرائيل، واتفق المخرج أحمد عاطف مع رمزى، قائلًا إن المشاركة العربية فى هذه الدورة تعنى التطبيع مع هذا الكيان المغتصب.