يبدو أن صراعات التنظيمات الجهادية، لم تتوقف فقط على العمليات الإرهابية الذين يقومون بها في أنحاء العالم سواء التنظيم الأم "القاعدة" أو تنظيم "داعش" المستفحل أخيرا، فكلا منهما يريد إظهار عضلاته لإحداث إرهاب أمام العالم بأكمله؛ الأمر الذي دفع كل تنظيم منهم إلى التوغل والتفرع في أنحاء الدول. ومع إعلان تنظيم بيت المقدس الذي يتبني العمليات الإرهابية في سيناء انضمامه لتنظيم "داعش" العام الماضي، تحت شعار "ولاية سيناء"، جعل الخلافات تدب في أوصال التنظيم المتطرف، حيث انشقت عنه جماعة جديدة تسمي نفسها "المرابطون" وهي تبايع تنظيم القاعدة. عشماوي يطلق "المرابطون" فلأول مرة وعلى غير العادة، ظهر هشام عشماوى الضابط السابق بالجيش المصري، وأحد أبرز التكفيريين المطلوبين أمنيا والقائد البارز في صفوف تنظيم أنصار بيت المقدس سابقا أو ولاية سيناء، بشكل مباشر عبر رسالة صوتية، بثتها أمس أحد المواقع الموالية لتنظيم القاعدة، حيث كانت رسائل التنظيم تخرج مباشرة من زعيم الجماعة أبو أسامة المصرى بينما ظل عشماوى يعمل بعيدا عن الأضواء وفى صمت برغم كونه العقل المدبر والرئيسى في عمليات التنظيم بداية من تفجير مديريتى أمن القاهرة والدقهلية. وتكشف الرسالة الصوتية لعشماوى، عن حقيقة ما تردد حول الانشقاق الذى دب في صفوف تنظيم انصار بيت المقدس، منذ إعلان أبو أسامة المصرى عن البيعة لزعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادى، وتعديل أسم التنظيم إلى ولاية سيناء، حيث بدأ عشماوى التسجيل الصوتى بكلمة للقاعدة ووهو ما يعنى تأسيس تنظيم جديد يتبع تنظيم القاعدة وقد أطلق عليه إسم "المرابطون". ونقلت الرساله الصوتيه التي بثها مواقع جهادية: أاناشد أهلي وإخواني المسلمين بأن يهبوا لنصرة دينكم وللدفاع عن دمائكم وأعراضكم وأموالكم وهبوا في وجه عدوكم ولا تخافوه وخافوا الله إن كنتم مؤمنين". وأظهرت الرسالة الصوتية أظهرت ملمحين للعشماوي من صورتين مرفقتين بالرسالة، الأول أنه كان يرتدي زيًا عسكريًا والثانى أنه تم تعريفه بأنه أمير للجماعة وأن اسمه الحركي "أبو عمر المهاجر المصري". وشكل العشماوي الهارب منذ سنوات خلية داخل جماعة متشددة غيرت اسمها مؤخرا إلى ولاية سيناء بعد أن بايعت تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، واتهم العشماوي، الرئيس المصري والجيش بمحاربة "دينهم”. وتؤيد الرسالة، وجهة نظر عدد من الباحثين حول حقيقة الانشقاقات في صفوف أنصار بيت المقدس، حيث قال الجهادى السابق ومنسق الجبهة الوسطية لمواجهة الفكر التكفيرى صبرة القاسمى إن هشام عشماوى هو أحد أبرز قادة تنظيم أنصار بيت المقدس وصدور رسالة منه تحديدا يثير الشكوك حول ما تحدثت المعلومات عنه بأنه أنشق عن انصار بيت المقدس. الخلاف حول البيعة كان «بيت المقدس» أعلن فى وقت سابق، مبايعته زعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادى، فى مقطع فيديو بعنوان «بيعات الإباة من أرض المناجاة»، وهو أول إصدار مرئى ل«التنظيم» بشأن مبايعة «داعش»، بعد أيام من الفيديو الذى أصدره «داعش» بشأن تفاصيل مذبحة «كرم القواديس» الذى ظهر خلاله بعض عناصر «التنظيم» وهم يعلنون ولاءهم ل«البغدادى»، لينفصل بذلك عن تنظيم القاعدة الذى كان ولاؤه له، ويسمى نفسه «ولاية سيناء». وأوضحت عناصر مقرّبة من التنظيمات التكفيرية، على أحد المواقع الجهادية، أن الأزمة التى تعرّض لها «بيت المقدس»، بدأت بعد الكشف عن نوايا «التنظيم» مبايعة «داعش»، حيث سافرت مجموعة من تنظيم القاعدة إلى سيناء، فى محاولة لإقناع «بيت المقدس» بالتراجع عن بيعة «البغدادى»، إلا أن قياداته رفضوا التراجع. وأضافت: «(القاعدة) قطع الدعم المالى والعسكرى عن (بيت المقدس)، بعد مبايعته (داعش)، ثم تواصلت بعد ذلك مع (عشماوى)، ومجموعته لتحريضه على الانفصال عن (بيت المقدس)، وتدشين مجموعة جديدة، وهو ما استجاب له مؤخرا، فأسس جماعة المرابطين»، لافتة إلى أن «القاعدة» هو المسئول الآن عن تمويل «عشماوى»، مجموعته، وتوفير السلاح اللازم لعملياتهم المقبلة، «كما وفّرت معسكرات لتدريب جماعته فى ليبيا، الشهور الماضية، وتجهيزها عسكريا». وأشارت المصادر إلى أن معسكرات «المرابطين» موجودة فى مدينة درنة الليبية، تمهيداً لدخول مصر من البوابة الغربية، إلا أن الغارات الجوية التى شنّها الجيش المصرى، منذ شهور، على البؤر الإرهابية ل«داعش» فى ليبيا، ردا على ذبح 21 قبطيا، قصفت معسكرات «عشماوى» ومجموعته، وألحقت بجماعته خسائر فادحة، اضطرته إلى تأخير إعلان تأسيس «المرابطين». وقالت صفحات محسوبة على تنظيمات متطرفة، إن «عشماوى» كان قياديا عسكريا فى «بيت المقدس»، إلاّ أنه انشق عن «التنظيم» لرفضه مبايعة «داعش»، على اعتبار أن ذلك سيجعل ولاءهم لجماعات خارج مصر، ورغم ذلك بايع التنظيم «البغدادى»، لضمان الحصول على مزيد من الدعم المادى والعسكرى. وأكدت الصفحات أن «عشماوى»، بدأ فى خطوات تشكيل جماعة «المرابطين»، بعد عملية «كمين الفرافرة»، فى يونيو 2014، بعد أن ظهرت نوايا «بيت المقدس» لمبايعة أبى بكر البغدادى، زعيم «داعش»، والتراجع عن مبايعة «الظواهرى»، مضيفة: «(عشماوى)، كان مسئولا عن عملية الفرافرة هو ومجموعته، إلا أن انسحابه من (التنظيم)، أدى إلى عدم نشر (بيت المقدس) فيديو العملية، على الرغم من أنها أعلنت عن نيتها بثه بعد العملية، فيما كانت المواد المصورة، فى حوزة (عشماوى) وجماعته». تباين طبيعي قال خالد الزعفرانى، القيادى المنشق بجماعة الإخوان والخبير في شئون الجماعات الإسلامية، إن الرسالة التي أصدرها هشام عشماوى تؤكد انفصاله عن تنظيم أنصار بيت المقدس وتنظيم تشكيل جديد يسمى "المرابطون" ويتبع القاعدة وهذا الخلاف بدأ منذ رفض غالبية قيادات بيت المقدس إعطاء البيعة لداعش واستقل مجموعة كبير من التنظيم وشكلوا تنظيما جديدا. وأضاف الزعفرانى في تصريحات خاصة، أن الرسالة كشفت بوضوح هذا الإنشقاق وكذلك الضعف الذي تعانى منه هذه التنظيمات لأنها بدأت تستنجد وتطلب الدعم وكذلك انضمام بعض الشباب الجهادى لها وكان واضحا جدا في رسالة عشماوى. وقال الزعفرانى أن التنظيم الجديد بقيادة عشماوى ربما يكون مسئولا عن عملية اغتيال النائب العام وعمليات أخرى لم يتم الإعلان عنها. وكان هشام عشماوى القيادى بأنصار بيت المقدس قد أصدر فيديو يدعو فيه أنصاره لقتال الدولة بعنوان كتيبة المرابطين وسمى نفسه أميرا للمرابطين ما آثار الشكوك حول انشقاقه. بينما قال ماهر فرغلي، المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، "التنظيم المتشدد "المرابطون" ظهر منذ حادث كمين الفرافره، وعلي انقسام فكري واختلاف مع ولايه سيناء ولكنهم متفقون علي إنهاك الدوله المصريه ". وأشار إلى أن هذا التسجيل المنسوب إلى قيادي التنظيم المتشدد بانها "بدايه لظهور لاعب رئيسي لتنظيم القاعده في مصر، غير تنظيم داعش". ويري أن هذا الظهور الصوتي محاوله ل" تشتيت الأمن وإيجاد حاله من التضخيم عن وجود تلك التنظيمات المتشدده في مصر "، معربا عن تخوفه من عوده العمليات الإرهابيه لمصر مجددا عقب تلك التسجيلات التي وصفها ب"المحرضه". أما أحمد بان، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلاميه فيري أن "ظهور تنظيم المرابطين لن يكون نتاج انقسام فكري مع تنظيم ولايه سيناء التابع لداعش". وقال بان، "لا اعتقد أنه انقسام، هو تباين طبيعي ولا يكشف عن انقسامات أو انشقاقات بأي صوره ". تاريخ العشماوي العسكري ويبلغ هشام علي عشماوي مسعد إبراهيم، من العمر 35 عاما، وقد انضم إلى القوات المسلحة في منتصف التسعينيات، التحق بالقوات الخاصة (الصاعقة) كفرد تأمين عام 1996. تم نقله بعد التحقيق معه إلى الأعمال الإدارية داخل الجيش، لكنه لم يكتف، وظل ينشر أفكاره، وفي العام 2000 أثار الشبهات حوله، حين وبخ قارئًا للقرآن في أحد المساجد التي كان يصلي بها بسبب خطأ في التلاوة. وأحيل إلى محكمة عسكرية في العام 2007، بعد التنبيه عليه بعدم تكرار كلماته التحريضية ضد الجيش، استبعد على إثر المحاكمة العسكرية من الجيش في العام 2011، وانقطعت صلته نهائيا بالمؤسسة العسكرية.