مصر مش زى تونس.. قالها النظام السابق قبل عامين وعرف الخطأ بعد أيام قليلة وهو يواجه الثورة التى أسقطته! مصر مش زى تونس.. يقولها النظام اليوم بعد أن انطلقت الرصاصات تقتل المعارض التونسى البارز شكرى بلعيد، لتشتعل البلاد بالغضب ضد حزب «النهضة» الحاكم المتهم بالاغتيال! مصر مش زى تونس.. يقولها الثوار فى مصر اليوم بكل الصدق، لأنهم لا يريدون أن يخدعوا أنفسهم ولا أن يخدعوا الشعب، فمصر -هذه المرة- سبقت تونس إلى العنف! صحيح أن الرصاصات لم تسقط أحدا من الأسماء البارزة فى صفوف المعارضة، ولكنها اختارت طريقا آخر باغتيال شباب كانوا يشعلون الميادين بالثورة، ويقودون المعارضة على الأرض، ويفتحون أبواب الأمل التى يغلقها الحكم الفاشل والفاشى وحلفاؤه وجماعته! مصر سبقت تونس هذه المرة.. سقط بعض أنبل ثوارها الشبان على أيدى النظام. من جيكا إلى الحسينى إلى الجندى والعشرات الذين قتلوا بالرصاص فى الميادين، أو اختطفوا وعذبوا حتى الموت فى معتقلات مرسى. الخطير الآن أننا ونحن نتحدث عن «الموجة الثانية» من الثورة، فإن الحكم الفاشى وحزبه وجماعته وحكومته وأنصاره يدشنون «الموجة الثانية» من قتل الثوار والمعارضين، وإذا كنا قد رأينا فى أقل من أسبوع ما يقرب من ستين شهيدا، فإن القادم على أيدى الفاشيين أشد ضراوة، والمناخ يهيأ لشلال من الدم، إذا لم نوقف القتلة عند حدهم، وإذا لم تتوحد الجهود لمواجهة هذه الفاشية التى لا تعرف إلا طريق الدم، والتى تمارس القتل باسم الدين البرىء من جرائمها، والتى تتركنا نتلقى العزاء فى شهدائنا، بينما تكتفى هى بإلقاء الخطب والمواعظ عن حقوق الإنسان! الآن يتم تمهيد الأرض لإغراق البلاد فى الدم: فتاوى قتل المعارضين تتوالى من الجهلاء بالدين، المتعطشين للقتل. الأزهر الشريف يواصل مواقفه الوطنية وفهمه المستنير، يرفض هذه الفتاوى الجاهلة ويدين من أصدروها ليثيروا الفتنة، لكن الأزهر نفسه مستهدف، والحروب عليه لا تتوقف، والنظام يعادى وسطية الأزهر واستنارته، ويريد تسليم قيادته للتطرف، وللجهل بالدين الذى لم تعرفه مصر إلا فى عصور الانحطاط. الآن يتم تمهيد الأرض لإغراق البلاد فى بحر الدم، وفى التخلف والانحطاط، فتاوى القتل تمثل الغطاء، وعلى الأرض يستمر العمل بلا هوادة.. قتل شباب الثوار أصبح سياسة رسمية. بعد سقوط ستين شهيدا فى أقل من أسبوع ذهب رئيس الدولة ليشد على أيدى القتلة! كانت الشرطة تنفى أى صلة لها بإطلاق الرصاص. أول من أمس كانت شاشات التليفزيون تعرض مشاهد بالغة الخطورة من طنطا التى اشتعلت بعد استشهاد الشاب محمد الجندى. مدنيون يطلقون الرصاص من بنادق ومسدسات. المفاجأة أن من كان يقودهم ضابط بثيابه الرسمية! بعد ساعات ظهر مدير الأمن فى قناة الكفيل القطرى «الجزيرة» ليبرر الموقف ويقول إن البندقية لم تكن تطلق الرصاص، وأن المسدسات كانت تطلق فى الهواء. كان مدير الأمن يتحدث وحوله نفس الفريق الذى كان يؤدى «مهمته» بثيابه المدينة بالبنادق والمسدسات (!!) والذين كانوا يقولون لنا قبل ذلك إنهم مجموعات من البلطجية أو جزء من الطرف الثالث! هل هؤلاء هم أيضا من يرتكبون جرائم هتك العرض والتحرش والتهديد بالاغتصاب فى ميادين التحرير؟! هل هذا هو سر عمل هؤلاء الذين يرتكبون هذه الجرائم بشكل محترف يؤكد تدريبهم على المهمة؟ سواء كانوا هم أو فريقا آخر من جهة أخرى، فالعملية ممنهجة، وهى جزء من المخطط الكامل لنشر العنف وضرب الثورة. لا تستغربوا فى هذه الحالة أن يظهر الجهل بالدين والانحطاط الخلقى حين تسمعون من يفتى بأن «90٪ من اللاتى تعرضن للتحرش والاغتصاب فى التحرير صليبيات، وأرامل، وعاريات سافرات.. رايحين هناك علشان يغتصبوا»! مصر ليست تونس.. لقد سبقنا تونس هذه المرة إلى قتل الشباب الثائر، وإهدار الدماء، وتبرير الاغتصاب، واغتصاب السلطة.. لكن هل يتصور هؤلاء القتلة أن مصر يمكن أن تخضع لهذا الفكر المنحط، ولهذه الدعوات السافلة التى لا تعرف حرية للوطن ولا احتراما للدين؟! لو عرفوا مصر، ولو عرفوا الإسلام، لأدركوا أنهم يراهنون على المستحيل!