فى مناسبات تعيسة كالتى يعيشها الوطن حاليًّا يقول أهلنا من قديم الزمن: «إذا كنتم نسيتم ما جرى، هاتوا الدفاتر تنقرا»، والقارئ فى دفتر حصاد نصف عام مرّ علينا داميًا لزجًا ثقيلًا، منذ أن تولى فضيلة «الذراع الرئاسى» للجماعة الشيخ محمد مرسى حكم البلاد، ربما يفقد عقله من هول وحجم الخطايا والكوارث والبلاوى السوداء التى راكمها الأخ «الذراع» وجماعته فى هذا الدفتر (بعضها عجز أشدّ الحكام طغيانا وفسادًا عن تحقيقه فى عشرات السنين). وتعالَ معى حضرتك نقرأ بعض أهم وأخطر البلاوى الراقدة فى سجل إنجازات فضيلة الشيخ محمد مرسى، حتى الآن فقط: ■ لم يُطِقْ فضيلته صبرا ومنح نفسه بعد أيام قليلة من دخوله قصر الحكم، كل نياشين وأوسمة الدولة المصرية التى تقدر قيمتها ببضعة ملايين بسيطة ويدر بعضها عائدا شهريا لا يزيد على عشرات قليلة من آلاف الجنيهات. ■ ألّف حكومة تعبانة تقود مصر حاليا بنجاح عظيم إلى مجاعة شاملة وخراب مستعجل، وكان فضيلته قسّمها ووزّع حقائبها بالعدل والقسطاس على «أطفال أنابيب الجماعة» و«شيوخ أنابيب الفلول» عدا الدكتور رئيسها الذى هو شابّ طيب وغلبان لكنه من «الفلول» التائبين الملتحين الذين ظلُّوا قاعدين مرتاحين فى مغارة الخلايا النائمة. ■ عيّن جيشًا جرارًا من المساعدين والمستشارين الرئاسيين أغلبهم من «الأنبوبيين» الإخوان والسلفيين، والباقى مساكين لا حول لهم ولا قوة ولا حاجة أبدا خالص البتة، وقد بقى هؤلاء يتمتعون باللقب الفخم أسابيع طوالًا من دون أن يساعدوا أو يُستَشاروا أو يسأل فيهم وعنهم أحد، حتى اضطُروا إلى الاستقالة ورحلوا غير مأسوف عليهم وحدانا وزرافات تاركين الجمل بما حمل لأطفال الجماعة وجماعة الأطفال. ■ نقض فضيلة الشيخ عهوده جميعا ونفض يديه الكريمتين من كل وعد قطعه على نفسه فى السر أو فى العلن قبل أن يتدثر بدثار الحكم الناعم الوثير، وجازى إخوتنا الممتازين الطيبين (إلا قليلا) الذين شاركوه ومنحوه قبلة الحياة فى خلوة فندق «فيرمونت» بجزاء الطناش والتجاهل التامّ، بل لقد بدا فضيلته وهو يرفل فى نعيم القصر الرئاسى أنه لا يتذكر أسماء هؤلاء الفيرمنيون أصلا، فما بالك بعهوده ووعوده المكتوبة لهم والممهورة بتوقيعه (تستطيع أن تقارن بين هذه الحالة وبين الألتزام الصارم بالوعد والهدية الثمينة وغير المسبوقة التى منحها فضيلته للأمريكيين والصهاينة فى ما يسمى «اتفاق التهدئة» فى قطاع غزة، إذ تضمن هذا الاتفاق بندا صريحا يجعل مصر حارسا لأمن العدو ضامنا لئلا يتعكر مزاجه الدموى بأى أعمال مقاومة تنطلق من القطاع، ونعت هذه الأعمال مقدما بأنها «عنف» وإرهاب!). ■ كلف فضيلة «الذراع» حكومته الصدمانة التعبانة بمعاودة السير فى طريق التسول والشحاتة وسؤال اللئيم، وبفتوى من جماعته أضحى قرض صندوق النقد الدولى نقيا نقاء الثلج وطاهرا وحلالا بلالا بعدما كان أيام حكومة الدكتور الجنزورى فرضا قذرا وسخا وملوثا بالربا ومحمَّلا بمطالب وشروط تنتقص من السيادة الوطنية وتزيد فقر الفقراء وتفاقم بؤسهم، لكنه تَحوَّل لأمل عزيز يهون فى سبيل تحقيقه أى ثمن يدفعه الشعب الغلبان من دمه وحياته المستحيلة. ■ أصدر فضيلته سلسلة من الفرمانات والمراسيم السلطانية انقلب بها وانفلت من كل شرعية قانونية وأى أصول دستورية مغتصبا اختصاصات وسلطات لا يتمتع بها فى هذه الدنيا سوى المولى تعالى وحده، ولم يهتزّ فى عيونه جفن بينما هو يقوِّض بجرة قلم أسس وأركان دولة القانون مستقويًا بقوة البلطجة والعربدة التى مارستها قطعان من جماعته واتباعها فى الشوارع، إذ حاصرت المحاكم وأرهبت القضاة الأجلَّاء واعتدت على مقرات الصحف ووسائل الإعلام، وبلغ بها الفحش والفجور حدّ اقتراف جرائم التعذيب الوحشى والقتل العلنى تحت أسوار القصر الرئاسى. ■ حَصَّن فضيلته جمعية «جماعته» المشوَّهة الباطلة التى طبخت بليلٍ دستورًا مشمومًا مسمومًا وطائفيًّا يقنِّن ويشرعن العدوان على حقوق وحريات المصريين، كما منع بالعربدة الدستورية والبلطجة المادية صدور حكم قضائى يُظهِر بطلانًا مؤكدًا لمجلس تشريعى تافه وبائس (مجلس الشورى) تهيمن جماعته وخدَّاموها على أغلبيته الساحقة بعدما هجر المصريون انتخاباته تماما، إذ لم يشارك فيها سوى أقل من 7 فى المئة من المسجلين فى جداول الناخبين، ففاز أكثر أعضائه بعدد أصوات أقل مما يحتاج إليه مرشح فى انتخابات اتحاد مُلَّاك عمارة.. ثم لما أطمأن فضيلته إلى نجاح خطة تمرير دستور «جماعة» جنابه بالتزوير والتدليس، أصدر قرارا بتعيين الثلث المتبقى من أعضاء هذا المجلس، منتقيا نصفهم من «جماعة الشر» وخدمها المخلصين، والنصف الباقى جلبهم من أماكن ومغارات مجهولة، تاركا لهذا الجمع المثير للشفقة اللعب واللغوصة فى القوانين والتشريعات وتنجيدها وتفصيلها حسب مقاس ومصالح أهل الشيخ مرسى وجماعته وعشيرته الغبية الفاشية الفاشلة.