مصر هى الدولة الوحيدة على وجه الكرة الأرضية، التى تعتبر الاستثناء قاعدة والقاعدة هى الاستثناء، نحن -دولة وشعب- نكره القانون، ونصاب بحالة هسس عندما نسمع كلمة نظام، فبقدر قدرتك على كسر اللوائح والقوانين واغتصاب حقوق الغير، تقدر قوتك ويتحدد وضعك فى المجتمع، هل أنت من الناس الجامدين أم أنك من الخائبين؟ ورغم أننا ثرنا على النظام وأسقطنا حيتانه، فإن القواعد الفاسدة هى المعمول بها حتى الآن وبنفس البجاحة والصفاقة، إن لم تزد، ولا أبالغ إذا قلت إن كرة القدم ما زالت مرتعا للفلول والعجول والفاسدين الذين لم تحرك الثورة قيد أنملة فى شعر رأسهم الأكرت. هذه المقدمة كان لا بد منها لكى أفرغ بعضا من شحنة الغضب التى انتابتنى عندما علمت أن اتحاد الكرة قرر فتح باب قيد الموسم الجديد للنادى الأهلى وحده، بدعوى أنه فى مهمة قومية لإعلاء شأن البلاد فى القارة الإفريقية. والكلام كما تقرؤون يرهب أى شخص يحاول أن يقترب أو يناقش تلك المسخرة وإلا سيتهم بالخيانة العظمى والعمل على زعزعة نظام الأمة وتخريب ما استقر عليه الوطن الكروى من فساد وانحلال. وباعتبارى من المخربين الذين يقدسون القانون ويحترمون تطبيق اللوائح ولو على رقبة أبويا -الله يرحمه- فإننى أرفض ما حدث شكلا ومضمونا، وأرى أن فتح باب القيد لناد واحد تحت أى سبب هو انتهاك للقانون واغتصاب لحقوق باقى الأندية وإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص. تنص اللوائح على أن فتح باب القيد له شروط لا يمكن تخطيها وإلا فسدت المسابقة، منها تحديد موعد بداية ونهاية القيد، وهو ما لم يتحدد حتى الآن، ثم إعلان الشروط التى يتم على أساسها القيد وهو ما لم يتحدد أيضا حتى الآن، ثم إبلاغ الأندية والمناطق بالمواعيد والشروط، وهو ما لم يحدث حتى الآن، وكل ما حدث هو إبلاغ ناد واحد بالمواعيد والقيد وفقا للشروط التى يحددها على هواه. مثلا كان من شروط القيد الموسم الماضى أن تقتصر القائمة الأولى على اللاعبين القدامى فى الفريق، وهو بند لم يطبقه الأهلى إذ قيد السيد حمدى وهو لاعب جديد، بينما وافق على فسخ عقد أحمد شديد قناوى مع النادى المصرى لكى ينتقل للأهلى وهذه فضيحة أخرى، فاتحاد الحاجة زهرة، الذى يتواطأ مع الأهلى عيانا بيانا، قام بفتح تكية الجبلاية فى الساعة الثامنة من مساء يوم السبت الماضى وهو إجازة رسمية للاتحاد وقبل 4 ساعات من الموعد الرسمى لفتح باب القيد للنادى الأهلى بعد أن تقدم اللاعب بطلب لفسخ عقده مع النادى المصرى وأرفق معه شيكا بمليون جنيه ونصف المليون جنيه قيمة الشرط الجزائى، حصل عليها من النادى الأهلى. وهنا سيسأل أحد القراء الأعزاء عن السبب فيتعجل اللاعب والأهلى اتخاذ هذا الإجراء طالما أن عقد اللاعب واضح وصريح وينص على حقه فى الفسخ إذا دفع للنادى المصرى الشرط الجزائى؟ الاجابة هى أن اللائحة تحرم اللاعب من استخدام هذا الشرط طالما تفتح باب القيد وهو ما تنبه له الأهلى فى اللحظات الأخيرة، فأصدر أوامره بفتح الاتحاد واستلام طلب اللاعب والشيك حتى يفوت على المصرى قيده ويحرمه مبادلته أو بيعه بالثمن الذى يرضيه. إلى هذه الدرجة وصل التلاعب والتدليس والفساد وانعدام الضمير وعفانة الذمم؟ ياخسارة يا ثورة لسه ما وصلتيش للرياضة، والله ولا غيرها.