حاول أن تصنف تشكيل حكومة عصام شرف الجديدة، فلن تستطيع أن تصل إلى نتيجة معروفة أو محددة... هل حكومة إنقاذ وطنى؟ هل حكومة ائتلافية؟ هل حكومة توافقية؟ ليس فيها شيء من تلك التصنيفات.. وقد جاءت الاختيارات عشوائية. فلا عجب أن يعترض الأثريون على اختيار الدكتور عبد الفتاح البنا وزيرا للآثار، ويخرجوا فى مظاهرات ضده. ويمكن أن يتكرر الأمر مع عدد كثير من الوزراء.. فلم يكن اختيارهم على أى أساس لا علمى، ولا سياسى، إنما كان عشوائيا.. بل إنه حرص، أو بحسن نية تغاضى، عن اختيار شخصيات ينتمون إلى الحزب الوطنى «المنحل» الذى أفسد الحياة السياسية فى مصر عبر الثلاثين عاما الماضية، تحت قيادة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وابنه الذى كان يسعى بكل ما يملك إلى أن يرث حكم مصر. والغريب أن تلك الشخصيات تحاول الآن أن تنفى عن نفسها أنها كانت فى الحزب الوطنى مثل وزير التعليم العالى.. وهى ادعاءات كاذبة تدل على أنها شخصيات انتهازية تسعى للحصول على أى منصب وبأى شكل، فعندما كان هناك الحزب الوطنى، ولجنة سياساته التى تمنح المناصب، يسعون إلى ذلك، وعندما يكون هذا الحزب وصمة يسعون إلى نفى انتمائهم إليه، وهو ما يفقد الثقة بهم، ويؤكد أنهم لا يمكن أن يمثلوا أبدا فى حكومة الثورة، فهم يكذبون من البداية. إنها شخصيات متلونة لا يمكن أن تعبر عن الثورة وروحها، وتسعى إلى تحقيق أهدافها، فهى يمكن أن تكون من الثورة المضادة. وهناك شخصيات فى تشكيلة عصام شرف تنتمى إلى عصر حكومات حسنى مبارك وابنه، ولم ينجزوا أى شيء، فهم ليسوا بسياسيين أو خبراء عظام من أجل الحفاظ عليهم. فقد كانوا فى النهاية ينتمون إلى الحزب الوطنى «المنحل»، ألم يقولوا إنها حكومة الحزب الوطنى؟ إنها تشكيلة غريبة وعجيبة، ولا تعلم على أى أساس جاء بها! هى حالة تلفيقية، ترقيعية، لا يمكن بها أن تتصدى للمشكلات الحالية، وأن تكون معبرة حقيقية عن الثورة، وتسعى لتحقيق مطالب الثورة، والثوار. ولا أعرف أن إعجاب الدكتور عصام شرف بحزب الوفد بلغ هذا الحد الذى يمنح فيه الوفد ثلاثة مناصب وزارية، بينها منصب نائب رئيس الوزراء، وهو حزب السيد البدوى الذى كان رافضا الثورة من بدايتها، وأحدهم وزير الإعلام الذى يعيد به وزارة الإعلام، بعد أن تم إلغاؤها، الذى كان أحد المعارضين لخروج المظاهرات فى 25 يناير باعتبار أن هذا اليوم هو عيد الشرطة، وكان تكريما لفؤاد باشا سراج الدين! ونائب رئيس الوزراء للحوار، والديمقراطية، د.على السلمى وهو بعيد كل البعد عن الديمقراطية، والثورة، فالرجل لا يحبذ استخدام كلمة «الثورة»، حتى لو كانت مرتبطة بالديمقراطية، فيأتى الآن لإجراء حوار ديمقراطى مع قوى المجتمع. وهو الذى كان نائبا للدكتور مفيد شهاب فى جامعة القاهرة، وعلى أيديهما بدأ شطب طلاب الجامعة من الترشح لاتحاد الطلبة. لقد كشف الزميل وائل قنديل فى «الشروق» أمس أنه رجل يتاجر فى التعليم، ومن أصحاب المدارس الخاصة، وأن مشاركته فى الحكومة نائب رئيس وزراء، مخالفة للإعلان الدستورى، أضف إلى ذلك مشاركته فى جامعة النهضة ببنى سويف، التى استولوا على أرضها (واسألوا الناس فى بنى سويف). يبدو أن الدكتور عصام شرف، لا يعرف حتى الآن المطلوب منه فى تشكيلة الحكومة، رغم كلامه الطيب عن تحقيق أهداف الثورة والثوار. فالثورة تضع على الحكومة، أو الذين يديرون البلاد مهام أساسية أهمها الاستعداد لنقل هذا المجتمع، ووضعه على أول طريق الديمقراطية السليمة، فلا بد من إجراءات قانونية وتشريعية، وإعطاء الأولوية لانتخابات برلمانية، ورئاسية فى أقرب وقت. أيضا من مهامها إعادة الأمن للبلاد بعد حالة الانفلات الأمنى، التى قادها النظام المخلوع، ورموزه لإشاعة الفوضى. بالإضافة إلى استكمال محاكمة المتهمين فى قضايا الفساد السياسى أولا، وقبل الفساد المالى. فهل يمكن لحكومة تم اختيارها بتلك الطريقة أن تحقق أى أهداف للثورة، وأن تحسم أمرها، وتحدد موقفها، من الانتخابات، والدستور، وأن تطالب المجلس العسكرى، أو تنسق معه فى هذه الأمور، ناهيك بالوضع الاقتصادى، وتحقيق العدالة الاجتماعية؟ حكومة باختيارها شخوصها بهذا الشكل، لا يمكن أن تفعل شيئا.