في تقرير بعنوان «الإنكار لم يعد خيارا في مصر»، علقت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية على تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر، وقالت إنه رغم الوعود بمليارات الدولارات من المساعدات والاستثمارات والودائع في البنك المركزي من المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والصين والولايات المتحدة وقطر وإيطاليا؛ لكن الثقة تراجعت كثيرا في مجتمع الأعمال المحلي وتصور المستثمرين العالميين لمصر. ورأت الصحيفة البريطانية -في تقرير كتبه أنجوس بلير رئيس مؤسسة «سيجنت»، المخصصة لاستثمارات واقتصاد وسياسة منطقة الشرق الأوسط أن ذلك يعزى أساسا إلى تواصل عمل الحكومة دون برنامج اقتصادي واضح؛ وأضافت ساخرة يبدو أن السلطات تأمل أن تتحسن الأمور من تلقاء نفسها، وأن لاعبين من الخارج سيهبون لنجدتها. وأوضحت أن معظم المستثمرين يريدون رؤية خطط لتحسين وسائل النقل العام؛ للتمكين من سهولة حركة البضائع والأشخاص، كما يريدون التأكد من النظام الضريبي وإمدادات الطاقة، من بين مجموعة كبيرة من القضايا الأخرى. وأشارت ما حدث في اليوم التالي لوعد الرئيس محمد مرسي، بملاحقة الشركات التي تتهرب من الضرائب وتفسخ عقود الأراضي؛ حيث انخفضت البورصة المصرية بأكثر من 2%؛ مشيرة إلى أن هدف تلك السياسة على ما يبدو الحفاظ على صورة الاستقرار، بدلا من الاعتراف بأن مصر لديها مشاكل اقتصادية هيكلية. ورأت أنه لتحديث لمصر، يجب أن تقر «الحكومة» أولا بنقاط الضعف هذه، ثم تقوم ببناء برامج اقتصادية خلاقة وشجاعة يتم توصيلها على نطاق واسع، مضيفة أن كل الحكومات المصرية حتى الآن، لم تقم باستعراض وتعريف وبناء مزاياها التنافسية التي تشمل العمالة منخفضة التكاليف، واتفاقيات التجارة المتعددة، والقرب من أوروبا؛ لمعالجة العجز التجاري على المدى الطويل وغيره من المشاكل. وأضافت أن أسلوب عمل القيادة المصرية لا يوضح السياسة للجمهور، ورأت أن حكومة قنديل لديها فرصة لكسر هذا النمط، والتعامل مع الشعب والاستثمارات بصورة بناءة. وضربت مثالاً على ضعف التواصل، يتجسد في موقف البنك المركزي والحكومة في الحفاظ على الجنيه قويا؛ لافتة إلى سياسة دعم الثقة في العملة المصرية، جاءت على حساب تراجع احتياطيات النقد الأجنبي. وكشفت أن الاحتياطيات الأجنبية تراجعت بنحو 84 مليون دولار لتبلغ 15 مليار دولار في نهاية سبتمبر؛ بينما استخدم السيد مرسي والسيد قنديل لغة قوية غير معتادة للدفاع عن الجنيه، بينما أشار رئيس الوزراء إلى أن تخفيض قيمة العملة ستكون كارثية. وأضافت أنه منذ ثورة يناير العام الماضي التي أطاحت بمبارك، فقد الجنيه المصري 4.9% من قيمته مقابل الدولار واكتسب أكثر من 10% مقابل «الراند» الجنوب إفريقي، و«الريال» البرازيلي، والليرة التركية. وتابعت، بالنظر إلى التكاليف المالية لدعم الجنيه على هذا المستوى، هذه الاستراتيجية تحتاج إلى شرحها بصورة أفضل أو تغييرها من قبل القادة الذين يواجهون الآن سكانا ومجتمعا أكثر تطلبا للاستثمارات، محليا ودوليا، وليس لديهم خيار الذهاب إلى أي مكان آخر. الحكومة والبنك المركزي يريدان نفس الشيء مثل المصريين، بحسب الصحيفة، وأولئك الذين يرغبون في التحول إلى الديمقراطية من الخارج أيضا؛ وهو رؤية بلد ذو مصداقية يملك اقتصادا نابض بالحياة. ورأت أنه يتعين على السلطات أن تضع خطة طويلة الأجل لها أهداف اقتصادية واضحة، تقدم بشكل واضح وتحصل على موافقة الأغلبية. وفي ختام تقريرها نصحت صناع القرار أنهم بحاجة إلى أن يكونوا شجعانا بما يكفي للابتعاد عن النماذج الاقتصادية التي عفا عليها الزمن من السلوك والسياسات غير الفاعلة وغير المرنة من عهد مبارك؛ وعندئذ سيكونون قادرين على بناء الثقة على المدى الطويل مع المواطنين في البلاد ومجتمع الأعمال.