هناك حتما منظومة أمنية جديدة تُتبع مع الإرهاب فى سيناء.. منظومة ترصد العمليات الإرهابية قبل وقوعها.. هذا ما تشف عنه البيانات الواردة من سيناء، فى الآونة الأخيرة.. فكلما همَّ الإرهابيون بالقيام بمهاجمة الأكمنة الأمنية، يتم رصدهم واستهدافهم، قبل الوصول إليها.. هذه منظومة رائعة، يواجهها الإرهاب لأوّل مرة، ومن الواضح أنه عاجز عن فهمها واستيعابها، لأنه ما زال يسعى لاستهداف الأكمنة، وما زال يخفق فى كل مرة، وبالوسيلة نفسها.. ومن الواضح أن الإرهاب صار أشبه بثور هائج، متعطش للدم، أعمى البصر والبصيرة.. يسعى للخراب بنفس الوسيلة، ويخسر فى كل مرة، وعلى الرغم من هذا فهو يعاود الكرّة، دون تغيير الوسيلة، ويكرّر الخسارة.. الأوضح أنه من الغباء، بحيث لا يستطيع التوقّف لمراجعة أوراقه، أو دراسة أسباب فشله.. نفس ما فعله النازيون، فى نهايات الحرب العالمية الثانية، عندما بدأت مرحلة الهزائم، فأخذتهم العزة بالإثم، ورفضوا الاستسلام، أو تغيير النمط، حتى انهاروا تماما، وانهزموا هزيمة ساحقة.. ولكن الإرهاب دوما متغطرس مغرور، يتصوّر أنه لا يقهر ولا ينهزم.. ولا يؤمن أبدا بنظرية «خد من التل يختل»، ولا بأن الهزائم الصغيرة هى المفتاح الأوّل للهزائم الكبرى.. ربما لأن الإرهاب فى حد ذاته فكر مختل، يسعى لهدف يبطنه، يخالف دوما ما يظهره، وقادته شيطانيو النزعة، لا يبالون بحياة أتباعهم، لو أنها ستحقّق أهدافهم فى السيطرة والتسلّط والديكتاتورية وقهر البلاد والعباد.. التتار دوما كانوا يعلنون أنهم يدمرون ويخرّبون ويعذّبون ويقتلون ويحرقون، من أجل الدين، ومن أجل تخليص البلاد من حكامها الظالمين، وعلى الرغم من هذا، فما من بلد دخلوه، إلا عاثوا فيه فسادا وخرابا، ونهبوا خيراته وثرواته، واستعبدوا رجاله، وسبوا نساءه، وحرقوا زرعه، واستولوا على ضرعه.. ولو أنك راجعت ما فعله الإرهاب بالمدن التى استولى عليها، لأدركت أنه لا يختلف عن التتار كثيرا.. ولكن أين هم التتار الآن؟! قلة مقهورة مضطهدة، بعد سيل من العناد والهزائم المخزية، جعلتهم الآن يعانون، للحصول على نصف حقوق المواطن الروسى العادى، ولأن أحدا لم ينسَ وحشيتهم وخبلهم الشرس فى الماضى، فلا أحد يتعاطف معهم فى الحاضر.. هكذا روى لنا التاريخ، وهكذا سيكون مستقبل الإرهاب. ولأن الإرهاب أعمى البصر والبصيرة، فهو لا يقرأ التاريخ، ولا يتفادى الأخطاء التى دمّرت من سبقه، بل يسير على النهج نفسه، الذى أثبت التاريخ أنه يقود إلى الهاوية دوما، مغرورا بقوته المرحلية، التى يتصوّر أنها نبع سرمدى، لا ينضب أبدا! المنظومة التى يتبعها الأمن ناجحة، والمنظومة التى يسير عليها الإرهاب فاشلة، لم تحقّق نجاحا فى أى مكان، ولا فى أى زمان.. ولكن الإرهاب سيستمر بنفس المنظومة، لأنه لا يعرف سواها.. ولأنه فى البداية والنهاية.. مجرّد إرهاب.. فاشل.