أدان مرصد التكفير التابع لدار الإفتاء، الفتوى التي أصدرها تنظيم تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميًا ب"داعش"، ب"تحريم دراسة علم الآثار وإدارة الفنادق"، مؤكدًا أنَّ "مثل هذه الفتاوي المنحرفة تنم عن جهل مطبق عند هؤلاء المتطرفين". وأضاف المرصد، في بيانٍ، السبت: "هؤلاء لم يتدبروا القرآن ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي تحث على تدبر آثار الأمم السابقة وتلفت الأنظار إليها، وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي نهى فيها عن هدم آطام المدينة والمقصود بها الحصون". وأوضح المرصد أنَّ "المحافظة على الأماكن والمباني التاريخية والأثرية ذات الطابع التاريخي من المطلوبات الشرعية والمستحبات الدينية التي حثت عليها الشريعة، وهو أمر لا يتأتى إلا بالعلم ودراستها، وهو نوع من التدبر في آثار السابقين، والذي أمر له الله في كتابه الكريم". وأشار المرصد إلى أنه "عند دخول الإسلام حافظ على تراث الحضارات والآثار في مصر وبلاد الرافدين ومختلف الحضارات التي سبقت الإسلام وأبقوا على آثارها حتى وصلت للحاضر كما تركوها". وأكد مرصد الإفتاء أنَّ "أصحاب الآراء الشاذة التي تدعو إلى منع تعلم علم الآثار ودراستها، أو هدم الآثار التاريخية أو طمس معالمها، قد خالفوا كذلك صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكرام، فقد فتحوا هذه الأمصار ولم يتعرضوا لهذه الموجودات من الآثار كونها عبرة وموعظة حض الإسلام أتباعه على الأخذ بها". ولفت مرصد دار الإفتاء إلى أن "الآراء المتطرفة التي اعتمدت عليها داعش في تحريم دراسة الآثار وهدمها واهية ومضللة لعدة أسباب، وأنَّ كل من يتبنى هذه الدعوة ليس لديه أسباب مقنعة تستند لأدلة شرعية، وبخاصةً أنَّ هذه الآثار في جميع البلدان التي فتحها المسلمون كانت موجودة ولم يأمروا بهدمها أو حتى سمحوا بالاقتراب منها وهم كانوا أقرب عهدًا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل كان منهم صحابة جاءوا مصر إبَّان الفتح الإسلامي ووجدوا الأهرامات وأبو الهول وغيرها ولم يصدروا فتوى أو رأيًا شرعيًا يمس هذه الآثار التى تعد قيمة تاريخية عظيمة". واعتبر المرصد أنَّ "الجهل بتعاليم الإسلام وعدم فهمه على الوجه الصحيح سبب لانتشار دعاوى متطرفة لهجر أو هدم الآثار، كونها أصنامًا وأوثانًا"، مؤكدًا أنَّ "الإسلام لم يحرم الآثار، وبخاصةً آثار الأمم السابقة التى يجب أن يأخذ منها المسلمون العبرة والعظة". وحول دعوى أنَّ الإبقاء على هذه الآثار ودراستها مُحَرَّم لأنها من ذرائع الشرك ويؤدِّي إلى أن يعتقد العوام بَرَكَة تلك الأماكن، فشدد المرصد على أنها "دعوى واهية؛ لأنَّ الشرع لم يَمنع من مُطْلَق تعظيم غير الله، وإنما يَمنع منه ما كان على وجه عبادة المُعَظَّم كما كان يفعل أهل الجاهلية مع معبوداتهم الباطلة فيعتقدون أنها آلهة، وأنها تضر وتنفع مِن دون الله، وأمَّا ما سوى ذلك مِمَّا يدل على الاحترام والتوقير والإجلال فهو جائزٌ". أمَّا كون ذلك من ذرائع الشرك؛ لأنه يؤدي إلى أن يعتقد العوام بَرَكَة تلك الأماكن، فقال المرصد في رده إنَّ "هذا الفهم قائم على خَلَلٍ في مفهوم الشرك؛ فالشرك تعظيمٌ مع الله أو تعظيمٌ مِن دون الله؛ ولذلك كان سجودُ الملائكة لآدم - عليه السلام - إيمانًا وتوحيدًا، وكان سجودُ المشركين للأوثان كفرًا وشركًا مع كون المسجود له في الحالتين مخلوقًا، لكن لَمَّا كان سجودُ الملائكة لآدم عليه السلام تعظيمًا لِمَا عَظَّمه الله كما أمر الله كان وسيلةً مشروعةً يَستحق فاعلُها الثواب، ولَمَّا كان سجود المشركين للأصنام تعظيمًا كتعظيم الله كان شركًا مذمومًا يَستحق فاعلُه العقاب".